بقلم:عباس الصباغ
توخّى الانفتاح البراغماتي الاخير للسيد رئيس الوزراء د. العبادي على المحيط الاقليمي، توصيل رسالة واضحة وصريحة بان العراق يريد بناء علاقات متوازنة ومستقرة مع الجميع هدفها مصلحة الشعب العراقي العليا وحماية امنه القومي واحترام السيادة العراقية وعدم التدخّل بالشؤون الداخلية، والتعاون على مكافحة الارهاب وتجفيف منابعه والتكامل الاقتصادي، والتأكيد على تطوير العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين العراق ومجاله الحيوي، وبعد ان لمست جميع الاطراف اعتماد منهج الوسطية والاعتدال للعراق في التعاطي مع الاحداث والازمات، وان العراق الجديد ينأى بنفسه عن أسلوب المحاور او ان تكون ارضه ساحة لتصفية الحسابات، وكان التوافق الاقليمي مع العراق بشان ازمة "استفتاء" شمال العراق من ابرز النتائج التي قطفها هذا الانفتاح البراغماتي الناجح وهي الرسالة التي حاول جاهدا إيصالها د. حيدر العبادي في زياراته الاقليمية الناجحة وذات النتائج الايجابية، وضمن الرؤية العراقية الجديدة التي اوجزها د. العبادي وفق الاسس الآتية:” 1تأسيس علاقات دائمة وعميقة وراسخة بين شعوب المنطقة، 2اطفاء النزاعات المدمّرة في المنطقة وحقن الدماء،3 إعطاء بارقة أمل كبيرة للشباب لمواجهة الإرهاب، 4الاتفاق على برنامج تنمية شاملة واستثمار الطاقات،5 العمل بين دول المنطقة للتأثير في صناعة القرار الدولي...
يحدث ذلك في وقت مازالت قواتنا الامنية الباسلة تسجّل الفصول الاخيرة من ملحمة تطهير ارض الوطن من دنس عصابات داعش القروسطي المتوحش، ولايختلف اثنان في ان الانفتاح الحذر الذي يمارسه العراق مع مجاله الاقليمي والحيوي مع عدم التورّط في سياسة المحاور والانسياق في تحالفات سيا / طائفية مريبة، هو بالتأكيد يصبّ في مصلحة الشعب العراقي فليس من مصلحة العراق ان يمارس سياسة الانعزال بحجة الابتعاد عن المشاكل التي يسبّبها له الاخرون، وليس من مصلحته ايضا الاندفاع الزائد عن الحدّ في علاقاته مع مجاله الحيوي تحت ذريعة الحاجة الى الاخرين لأسباب شتى وكلا الامرين أضرّا بالعراق، والطريق الاسلم لذلك هو انتهاج سياسة الاعتدال والوسطية وعدم الانجراف في لعبة اللوبيات الاقليمية، فحاليا تبدو منطقة الشرق الاوسط كحقل شائك مليء بالألغام والمطبّات السياسية وعلى صاحب القرار ان يوازن مابين الحاجة الانسانية الملحّة لشعبه والمصلحة الوطنية المطلوبة.
لذا كانت مصلحة العراق مع اقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار او محيطه الخارجي وعدم الانكفاء على ذاته، خاصة وان حاجة العراق الان الى محيطه الحيوي هي اكثر من اي وقت مضى في الكثير من الامور سواء الامنية منها او الاقتصادية او الاستثمارية لاسيما وان العراق مقبل على مرحلة مابعد داعش وهي تتطلّب الكثير من التعاون الاستراتيجي مع الجميع، وفتح صفحات جديدة معهم لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها: الامن القومي والاقتصاد الوطني والاستثمار الخارجي واعادة اعمار المناطق التي استولى عليها داعش وعاث فيها فسادا وتدميرا، ناهيك عن ملف النازحين والمهجّرين ووضعهم المأساوي، وهي باجمعها ملفات تتطلّب تعاونا ثنائيا ودبلوماسيا كبيرين، وتجاوز صفحة الماضي بكل سلبياتها سواء أكانت من تلك الدول ولأسباب سيا / طائفية دفعت المنطقة ثمنها باهظا، أم من تخبطّ بعض السياسيين العراقيين في ادارتهم لتلك الملفات الحساسة وبدوغمائية اضرّت كثيرا بمصلحة العراق العليا وعرّضت استقرار العراق الى هزائز كثيرة وغير مبررة.