- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق عند العبادي.. العراق عند المالكي
بقلم: سليم الحسني
أهم ما في خطوة العبادي في بسط سلطة الدولة على كركوك، أنه أخرجها من دائرة المساومات السياسية التي كانت تجري بين بعض الزعامات الكردية وبين الحكومة المركزية. وهو تحول له أهميته البالغة بعد الإنجاز الكبير الذي حققه بتحرير المناطق التي أضاعها المالكي وتركها تسقط بيد تنظيم داعش.
كانت كركوك عام ٢٠١٤ على وشك الضياع، وذلك عندما عرض نوري المالكي على مسعود البارزاني أن يمنحه محافظة كركوك لتكون جزءً من إقليم كردستان، مقابل أن يحصل على دعم التحالف الكردستاني في ولاية ثالثة.
لقد تعامل المالكي مع كركوك على انها صفقة من صفقات السياسة، وهذا هو منهجه في التفكير وإدارة الدولة، فالعراق لا يعني عنده وطن وشعب وتاريخ وحاضر ومستقبل، فهو ينظر اليه على انه سلطة ونفوذ ومكاسب له ولمقربيه من العائلة والمرتبطين به، ولهم مطلق الحرية أن يتصرفوا بجيشه ووزاراته ومؤسساته وقضائه كيفما يحلو لهم. ولم يقصّر هؤلاء، فلقد انتشروا يجوبون مرافق الدولة ومؤسساتها، يعقدون الصفقات الفاسدة، ويفتحون أبواب الفساد لكل من يريد ان يسرق، حتى صارت المؤسسة العسكرية متجراً كبيراً يدر عليهم الأرباح، وكان من نتيجة ذلك أن انهارت في ساعات قليلة أمام جماعات داعش، وسقط ثلث العراق في انهيار موجع شوّه صورة العراق، ثم تلا ذلك فاجعة سبايكر التي لا يلتئم جرحها الغائر في قلوب الناس.
بذل المالكي وفريقه جهودهم من أجل إعاقة تحرير الموصل، لكي لا يسجل النصر باسم العبادي.. هكذا يفكرون، ولا يمكنهم التفكير بأبعد من هذه الحسابات الذاتية المحدودة.
وحين ظهرت أزمة الاستفتاء التي اشعلها البارزاني، استغل المالكي وجماعته الظرف لإضعاف العبادي، وفرض أجواء الارباك والفوضى من حوله، فهي فرصتهم في التأزيم الذي اعتادوا عليه، لكن العبادي لم يكترث لضجيجهم، وفاجأ الجميع بإدارة متزنة للأزمة، انتهت بالسيطرة على كركوك في خطوة أعادت هيبة الدولة وفرضت الدستور على مسار الأحداث.
وما أوسع الفارق بين العبادي الذي أعاد كركوك الى وضعها الطبيعي، وبين المالكي الذي أراد أن يهبها بالمجان للبارزاني، مقابل أربع سنوات حكم.
عند المالكي يتلخص العراق بمجموعة من الأشخاص يرتبطون به، فهو يحكم وهم يسرقون، وللمواطن الصبر والجوع والمرض والوعود التي لا ترى النور. ولم يستفد المالكي من تجربته، فبعد السلطة بقيّ يحتضن الفاسدين، بل ازداد رغبة في التمسك بهم وتحدي الرأي العراقي بدعمهم.
أما العراق عند العبادي فهو دولة ذات سيادة ودستور ونظام يجب الالتزام به. ونأمل من العبادي أن يبقى عند هذا المستوى من الأداء ولا يرجع الى سيرته الأولى التي بدأها في أوائل حكمه.
نرجو منه أن يستكمل الخطوات، وأن يقف بصرامة أمام الفساد والمفسدين، وبذلك سيعالج ما تركه المالكي وجماعته من كوارث مدمرة.
أقرأ ايضاً
- التعدد السكاني أزمة السياسة العراقية القادمة
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى