حجم النص
قيس النجم
أسعد أوقات الإنسان، أن يعيش في بيته مطمئناً مرتاحاً مستقراً، من كافة النواحي المادية، والنفسية، والإجتماعية، وأكاد أجزم بأن هذه الجوانب لا تتوفر عند معظم العراقيين، فتجدهم ما بين باحث عن وظيفة، أو مهنة يسد بها شظف العيش، أو بين آت وذاهب الى صاحب المولدة، الذي يمارس معه لعبة القط والفأر، في هذا الجو الحار من شهر رمضان المبارك.
قابلني أحد الجيران الذي كان قادماً من مكان وجود المولدة، فقال لي: الوجع هو أن ترى شيئاً منك يتلاشى يضيع، يختفي، وأنت أقصى ما تفعله هو الإكتفاء بالنظر فقط، فما سيحصل لو أن مشكلة الكهرباء كانت قد حُلّت منذ سنوات، وأين هو عمل وزارة الكهرباء، ولجان الطاقة في البرلمان، ومجالس المحافظات، ألا يجدر بهم تلمس واقع الناس في هذه الأجواء الحارة؟ أم لا يشعرون مطلقاً بهمومنا، ونحن في غفلة وغباء إنتخبناهم، ولكن مع الأسف لم نلحظ أية جهود حقيقية، لمعالجة هذه المشكلة المستعصية.
سكت قليلاً ثم قلت له: أنت وعائلتك وكل أهلك السبب؛ تفاجئ من ردي فأردفت قائلاً: وأنا وعائلتي وأهلي وكل العراقيين أيضا سبب في ذلك؛ وليس لوحدك، فكلنا إشتركنا في توطين الفساد بيننا، حتى تمكن منا، صمت صاحبي وتفهم لأنه رجل مثقف، هزَّ رأسه وذهب.
عندما أتكلم عن الفساد المالي والإداري، الذي يحدث بين لجنة الطاقة في مجالس المحافظات، وبين أصحاب المولدات الأهلية، والحكومية، والمجلس البلدي، أشعر وكأن صوتي يخرج بصعوبة بالغة، لأنها مؤامرة كبيرة جداً على المواطن المسكين، وهم أيضاً يحبون بعضهم لكن حسب حاجتهم لبعض، والأمر متعلق بالوقود، والطرق التي تفننوا بها للوصول الى الربح السريع، وعلى حساب راحة المواطن، وعندما تود مناقشة أحد منهم فإنه يحلف ويكذب، ألا تباً لكم فانتمَ من عشاق أكل السحت، والحرام جميعكم دون إستثناء.
قصة المولدة ومصيبة سعر الأمبير، يكتبها صاحبها الشقي، ويرويها كل معيل لعائلته، عندما يذهب لدفع مبلغ السحب الخاص به، في حين نرى أن الحكومة التي تصر على عدم التعامل بجدية، مع هؤلاء الجشعين الذين يتلاعبون بالأسعار، والوقود، وساعات التشغيل، ومواعيدهم كمواعيد عرقوب(وطز كبيرة بالمواطن).
صاحب المولدة كائناً مَنْ يكون هو إنسان عادي، لكن هذه المولدة جعلته فرداً آخراً، كأنه قادم من كوكب الجشع، ويعد نفسه وصياً على الحياة في كوكب الأرض، خاصة أيام الصيف اللاهب، على أن بعض الناس، لما يبديه لهم صاحب المولدة من فظاظة في التعامل معهم، يودون لو تحترق هي وصاحبها.
أكثر من (30) مليار دولار صُرفت على مشاريع وزارة الكهرباء، وبعلم الحكومة ومباركتها، والذين تعاقبوا على تسنم منصبها من عام (2003) لغاية (2014) فاشلون، وسراق جملة وتفصيلاً، فمنهم مَنْ سكن أوربا بأجمل القصور، ومنهم مَنْ أصبح رئيساً لمافيا في داخل العراق، يبيع ويشتري بذمم رجال الحكومة الشرفاء!
ختاماً: الى متى يا ولاة النعم؟ الى متى يا عشاق الدم؟ لقد طفح الكيل والله!
أقرأ ايضاً
- يرجى تصحيح المسار يا جماهير الكرة
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- الحجُّ الأصغرُ .. والزِّيارةُ الكُبرىٰ لِقاصِديِّ المولىٰ الحُسّين "ع"