- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
صراع الزعامات يضيع ملامح الدولة العراقية
حجم النص
تيسير سعيد الاسدي في الحياة الحيوانية،وشريعة الصحراء وحين تحل فترة التزاوج؛ تتناحر وتتنافس وتتصارع ذكور الحيوانات من اجل التميّز أمام الإناث، لكي يقع عليها خيار الإناث في اختيار شريك التزاوج الموسمي. ومن اجل التنافس الاشمل بين بعضهم البعض علي زعامة القطيع يكون هناك صراع موسمي بين الذكور أنفسهم من اجل الزعامة لقيادة القطيع في الهجرة بين موارد المياه و بين مراعي الشتاء ومراعي الصيف قال تعالى:﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام:38]. صفات التنافس علي زعامة القطيع، و صفات التبختر امام الاناث، ولإظهار ملامح القوة والنفوذ امام الجميع، لا تختلف امم البشر كثيراً -عن نظرائهم من امم الحيوان، فالزعيم البشري يتحرك ليبحث عن ضالته وخاصة في المجتمعات التي تفكر وتدير شئونها بعقلية القطيع، وتهتم في المقام الاول بقوة وعنفوان الزعيم البدنية، فتجدهم يرددون باهزوجات تحيي صفات الزعامه وافعالها، لتوحي بالقوة والنفوذ والعنفوان، امام الاخرين وليس بناءً علي قوة منطق او حكمة عمل الزعيم. نعم ايها السادة تلك هي عقلية القطيع، تؤمن تماماَ بوجوب قوة القائد البدنية، او قوة السلاح، لدحر الخصوم ولتأمين سلامة القطيع تحت حماية القائد، وتؤمن ايضاً بتسوية الصفوف وترتبها خلف القائد، لتوفر القيادة الحماية لها فالقوة تكمن في تكتل الصفوف خلف القائد حتي لا تستطيع الحيوانات المفترسة اختراق الصفوف لخطف وافتراس الخارجين منها، ولذلك تجد اصحاب هذه العقلية دوماً ينشغلون بترتيب وتسوية الصفوف وبتكتل القطيع مع بعضهم البعض وتكتل القطيع خلف القائد حتي يصعب للوحوش افتراسه. في دولة المؤسسات القوة والعنتريات الفارغة لاتحكم ولايُسمع لها والصراع على الزعامة ليس بالأهم بل الاهم هو تقديم الخدمة ووضع بصمة طيبة خلال فترة الادارة.. تغيير الأسماء والإبقاء على الأسلوب القبلي في إدارة الدولة بعقلية القطيع سواء محليا او مركزيا لايحل شيئا من مشكلات العراق فلا فرق بين ان يدار البلد بعقلية قطيع الحزب الواحد أو مجموعة قطعان بتحالف الأحزاب الموالية لمصالحها الخاصة ففي كلا الحالتين فان نظام الحكم بعيد عن عقلية الدولة الواحدة التي تعمل علي حماية وخدمة المواطن وفقا للمواطنة وليس لولاء الزعيم و الولاء لقطيع الزعيم. لقد اثبتت تجربة كردستان العراق التي انعزلت عن الدولة العراقية والاحزاب المسيطرة على مقدرات الحكومات المحلية انها ستنخرط بحرب بين زعاماتها بسبب تنافس قياداتها على الزعامة والمال العام كلما منحت تلك الجهات صلاحيات اكثر لذلك فان تغيير الزعامة لم يجدي، كما ان تغيير اثنية الزعامة من سنية المنشأ الى كردية او شيعية المنشأ لن تجدي شيئا وهي واحدة لاتتغير وهدفها المصلحة الفئوية والعائلية. ان اسلوب ادارة دولة متنوعة الاعراق والاديان والاجناس باسلوب ادارة القبيلة وصراع الزعمات تحت عنوان انقاذ العراق لا يجدي ابدا..وفي كل الاحوال فان المواطن هو الخاسر الاكبر لانه خارج حلبة صراع الزعامات فحين تتصارع الافيال تدهس الحشائش. وما بين متفرجً ومشجع لتنافس الزعامات وفقا لمزاجها الفئوي تضيع ملامح الدولة بالعراق ويصبح الحال اسوء بمراحل من حال البرية المتوحشة فوحشية الانسان ضد اخيه الانسان أقسي وابشع!
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- إضحك مع الدولة العميقة