حجم النص
بقلم / قسمه كريم الفضلي المسؤول شخص يفترض ان يكون قائدا في موقعه ونموذجا للثقافة والحضور والإبداع ويمتلك قدرا من المعرفة و الادراك والتفكير وأفضل من حيث الطلاقة اللفظية....لكن حينما تلتقي وجها لوجه مع اغلبهم تكتشف اثناء التفاعل معهم في مواقف الاتصال فداحة الخطأ الذي ارتكب حين تسنموا مواقع القرار، وخاصة اذا كان هذا اللقاء في مؤتمر او ندوة او اجتماع والتي تشكل وسيلة من وسائل توصيل المعلومات من القيادات العلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية الى الجماهير، وهي فرصة تتيح لذلك المسئول تسويق ذاته ومهاراته اللغوية و الادارية وعمق تفكيره ومدى ما يتمتع به من مواصفات قيادية لذلك فإنها تلقي الضوء بشكل مباشر على مستوياتهم المعرفية وثقافتهم العامة وإمكانياتهم الحقيقية. واللافت للانتباه في ظل الظروف الراهنة ان العائد الذي نحصل عليه من حضور اغلب تلك المؤتمرات والندوات هو اقل مما نريد او نتوقع بفضل سطحية المعلومات والطرح الفكري الذي يعكس الثقافة العامة للمسئول وقلة خبرته بالموضوع مدار الندوة او المؤتمر حيث ان وجوده او مشاركته تأتي فقط لكونه يشغل هذا المركز او يترأس تلك اللجنة كمحاصصة حزبية وليس لكفاءة او معرفة بالعمل والإلمام بتفاصيله او ارتقاء طبيعي لهذا المركز او هذه المكانة. فمنهم من لا يجيد ملاءمة ما يدلي به من حديث للمستوى الثقافي للمدعوين وتحري الدقة في اختيار المواضيع ويفتقر الى معرفة او تخير اللحظات السيكولوجية والأوقات المناسبة لعرض الافكار والآراء والحقائق المتصلة بالموضوع مدار المناقشة، و منهم من يستمر في الحديث ويستغرق وقتا طويلا في الادلاء بآرائه وهذا معناه طغيانه على وقت الاخرين وحقهم في طرح الافكار، وافتقاد القدرة تلك على التلخيص والتحكم بالتوقيت من شانه ان لا يصل بالمناقشة الى هدفها او تحقيق الغاية منها، وهناك من يجدها فرصة للتعبير عما يخالج نفسه من افكار وانفعالات واستغلال تلك المؤتمرات والندوات للدعاية الشخصية والحزبية وتبادل الاتهامات والتقليل من جهود الاخرين وإلقاء اللوم على من يخالفونه في الانتماءات والولاءات.....والطامة الكبرى حينما يلقي ذلك اللا مسئول بالاتهام على المواطن الذي اوصله الى ما وصل اليه عند مناقشة اي من الظواهر السلبية الموجودة في ثنايا هذا المجتمع الذي ابتلي بمثل تلك النماذج... استشهد في ذلك على ما دار في احدى الندوات التي كانت تستعرض واقع الفساد في الدوائر الحكومية وسبل مكافحته والكل يعلم اسبابه ومصادره ولا نريد الخوض بهذا الموضوع الذي نحن على يقين انه سيزول قاب قوسين او ادنى بزوالهم الذي اصبح وشيكا، حيث القى احد المسئولين باللوم على المواطن في انتشار الفساد بسبب تبدل منظومة القيم لدى هذا المواطن معلنا من على منصة القاعة انه اكتشف تلك الحقيقة اثناء حادثة خاصة حدثت له حينما طلب منه في احد اعراس اقاربه بان ياخذ بيد العروس للنهوض والخروج من منزل اهلها كما هو متعارف عليه في عرفنا الاجتماعي السائد وتفاجأ بان الاهزوجة التي كانت تقال سابقا في مثل تلك المناسبات (نتشكر من عمها وأبوها... نتشكر من قال اخذوها) بأنها تحولت الى (غشمرنا ابوها والفلوس مزورة) مرجعا بان تلك الحادثة دلت على ان اسباب انتشار تلك الافة تعود الى تبدل منظومة القيم التي يحملها المواطن ازاء هذا الموضوع!!!!!! ونزل عن المنصة مكتفيا بهذا القياس والاستدلال يمشي بخيلاء المكتشفين.... حادثة عرضية لأهزوجة شعبية قيلت تحت حالة انفعالية ترويحية تختلط بها مشاعر الفرح والرغبة في الهروب من متاعب الحياة باللجوء الى الطرافة و الترفيه اصبحت مقياسا علميا تحل به ازمات الوطن وما يواجهه من تحديات.....!!!!! ان لكل مقام مقال.....ومراعاة طبيعة الجمهور المستهدف وفهم سيكولوجيته من الضروريات التي يجب ان ينتبه اليها المسئول عند توجهه اليهم بالحديث فما يقال ويطرح في ندوة علمية يختلف عما يقال في تجمع جماهيري بسيط للدعاية الانتخابية او الحزبية،ولا يتماشى مع الهدف الذي عقدت من اجله تلك الندوة التي كانت بحضور ذي صفة علمية لا باس به بقصد المناقشة ووضع الاستراتيجيات المناسبة لما افرزته ايادي هؤلاء المسئولين المباركه التي يتبرك بها للأخذ بيد تلك العروس المحظوظة بنيل تلك الكرامة للدخول الى عالمها الجديد. فهل التخلص من تلك الافات التي غذيتموها انتم وأحزابكم تحل بهكذا ترهات ؟ ثم لنفترض ان المؤتمر منقول على الهواء مباشرة وهو بهذا الكم الهائل من الحضور للمسئولين والجماهير فهل كان سيعكس مستوى الطرح والتناول ثقافة وعقلانية الحاضرين من جهة واحترام فكر من يوجه اليهم الحديث من مشاهدين من جهة اخرى ؟ وقتئذ... همست في اذني صديقتي التي كانت تجالسني في تلك المهزلة: (لعن الله الفساد الذي امتد حتى الى صالونات الحلاقة حينما طلبت من العاملة قص أطراف شعري فأوصلته الى أرنبة اذاني وإلا لفحت بشعري على هوسات ذلك المسئول الوسيم)...ومحروس يا وطن.