- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل أصبح الدين جمرا ؟ إنها قسمة ضيزى
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال تنويه قبل أن أشرع بتسطير ما أريد من عبارات مقتضبة بسيطة أو سمها مقالة موجزة مختصرة أود أن أشير إلى مسألة معينة وهي: في هذه الأيام ما يكتب كاتب مقالا أو يحرر موضوعا موسوما بأي عنوان كان من العناوين التي تتعلق بالأدب أو الإعلام ليعبر عن رأيه بالإشارة إلى حالة أو ظاهرة أو أي ممارسة غير مقبولة بأسلوب يسميه البعض (نقدا) والبعض الآخر (إنتقادا) ويعني قدحا أو تجريحا. وأما الكاتب يعده (توجيها) بتشخيص ظاهرة ما ورصدها والحديث عنها بتبيان ظاهر وواضح مبينا منافعها أو أضرارها أو انعكاس آثارها على الفرد والمجتمع. أو المطالبة ِبتقويمها أو بتصحيح مسارٍ خاطئ. أصبحنا اليوم ما أن نحرر موضوعا نشخص به حالة نعيشها على مضض حتى يواجهنا الظانون بالتفسيرات ـ التي ما أنزل الله بها من سلطان ـ تعبيرا منهم أن هذا الموضوع موجه إلى فلان الفلاني شخصيا أو إلى الجهة الفلانية بالذات. وهذا الصنف من المشككين والظانِّين ظن السوء بالآخرين يتساوق حالهم تماما مع مجرى أثر المثل الشعبي القائل: (اللي جوه إبطه عنز يمعمع) وكذلك قول الشاعر: وحسبكم هذا التفاوت بيننا ** وكل إناء بالذي فيه ينضح ُ. وراحت ساحة الحياة اليومية تغص بأمثال هؤلاء المعنيين. فنخاطبهم بالقول: تمتعوا بظنونكم واتركونا وشأننا. نعود إلى موضوعنا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر). إن الملامح التي يتصف بها زماننا هذا تشير إلى أنه هو المقصود بإخبار ووصف رسول الله صلى الله عليه وآله. حيث أنه زمان يتقمص بكل ما يدعو لخيبة الأمل والأسف. يكاد يكون منغلقا تقريبا على انعدام المساواة والعدل والإنصاف والشفقة والرحمة وعلى شيوع الفوضى وانتشارها ودوام المداهنة والمراءات والنفاق على حساب المبادئ وعلى حساب ما تدعو له الشريعة السمحاء. زمان قل فيه الديانون وعز فيه اتباع الهدى والتزود بالتقوى ظاهرا وباطنا وأعلنت الحرب علنا وخفاءً على الصلاح والصالحين ورجحت كفة مساندة الضلال ومنتهجيه.إلا ما ندر مما يخالف هذه القاعدة. ومن يحسب أو يدعي أن ذلك تشاؤمٌ أو فرية أو اشتباه فأن معظم الدلائل والبراهين والشواهد التي نعيشها وما نلمسه تبرهن على صحة ما نقول. فمن منا يقدر أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ أو يعترض على ظليمة أو بخس الأشياء أو اغتصاب حق ؟ أو أن يتذمر من بطش وجور أو حيف يقع عليه وعلى من مثله من المستضعفين ؟ أيحق لأحد أن يطالب بشيوع العدل والإنصاف بكل صدق وإخلاص علنا وصراحة ؟ أو يعترض على فقدان ذلك وينجو تماما؟ وحين يكون الجواب لهذا السؤال كلا. لابد للمطالب بذلك أنه سيكوى بنار الجهالة وجمرة المتضررين من بسط العدل وشيوعه والمحققين كل أمانيهم بتقبيل الأيادي ولثمها. أصبح من المُسَلَمِ به أن يخضع معظمنا للواقع المر. فقد أصبحت كل المؤشرات ترمز إلى أن من يرغب أن يَسْلَم من الكي بجمرة أو الإحتراق بنار متقدة يتعين عليه اعتزال عباد الهوى والذات والغرائز. ويأوي إلى صومعة ينزوي ويعتكف فيها لتنجيه من كل سوء. عليه أن يهجر الكثير من الناس ويتخلى عن عمله أو وظيفته ويتجنب الإختلاط سواء مع الناس أو مع العاملين في أي دائرة أو منظمة أو في أي مؤسسة حتى تلك التي تسمي نفسها دينية. ولكن كيف يتسنى له أن يعيش ؟؟ حقا (إنها قسمة ضيزى)
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!