يلعب الإعلام اليوم دورا كبيرا في تكوين الرأي العام تجاه القضايا المهمة التي تصاحب حياة الناس، من خلال بيان وجهات النظر المختلفة وعرضه للحقائق والمعلومات التي تمكن المتلقي من تكوين رأيه حول قضية ما.
لذلك فقد أولت الكثير من الجهات الدينية والسياسية والمهنية اهتماما كبيرا بهذا الجانب المهم وراحت توظف من أجله الكثير من المال والجهد في سبيل إنعاشه وتقويته لتحقيق أهدافها من خلاله.
وقد اهتم أهل البيت عليهم السلام بهذا الجانب منذ انطلاق الرسالة المحمدية اهتماما كبيرا، من اجل أن يأخذ دوره الصحيح في إيصال رسالة خاتم الأنبياء(صلى الله عليه وآله وسلم) بصورتها الواقعية الناصعة الى الإنسانية جمعاء.
واليوم وبعد هذا التطور الهائل الذي صاحب هذا الميدان واتساع رقعة تأثيره إثر تجاوزه الحدود والعراقيل التي كانت تكبله من خلال استغلاله الأثير في وصوله للمتلقين، مما دعا المهتمين بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام الى الولوج في هذا الميدان واستغلاله في نشر ما يريدونه من أفكار وعقائد، خاصة بعد موجات التشويه والكذب التي طالت الدين الإسلامي الحنيف عامة سواء من الأعداء أو من بعض المحسوبين عليه، ومذهب أهل البيت (عليهم السلام) خاصة.
وقد استغل موقع نون تواجد السيد عادل بن السيد علي العلوي الكاظمي في العتبة الحسينية المقدسة وإلقائه محاضرات دينية عبر المنبر الحسيني، لتلتقي به وتجري معه الحوار التالي حول عدة جوانب وعلى رأسها قضية الإعلام.
س: هل استطاع الإعلام اليوم إن يعطي فكر أهل البيت (عليهم السلام) حقه المطلوب في مواجهة المدارس التحريفية؟
ج/ إن الإعلام المضاد لمدرسة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) منذ اليوم الأول بعد مرحلة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنكار بيعة الغدير وغصب الخلافة الحقة أخذ يلعب دوراً فعالاً في إبعاد الناس عن أهل البيت ( عليهم السلام) بالترهيب تارة وأخرى بالترغيب، فكان الإرهاب والفتنة وتصفية الشخصيات(سواء المؤثرة أو البسيطة) التي تتبع وتنهل من مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام) على قدم وساق كما يشهد بذلك كتاب ( مقاتل الطالبين) ولا يزال هذا الإعلام الأموي يعادي ويحاول أن يطفئ نور الله بأبواقه الدعائية وأقلامه المزيِّفة، ولكن أبى الله إلا أن يتم نوره، وفي عصرنا هذا شاء الله سبحانه أن يكون لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) إعلامهم بكل ما للإعلام من مصداقية وموضوعية سواء في ميدانه المرئي والمسموع والمقروء وفي كل المجالات الفكرية والثقافية والعلمية والتربوية والفنية وإن كانت في بدايتها، ورغم أنها محاربة بكل ما للعدو من أسلحة الفكر والمال والإعلام والسياسة والاستعمار والاستكبار، إلا أنها بروح المقاومة والصمود تقف كالجبل الراسخ أمام العواصف والرياح العاتية ولا تبالي بالموت وبإغلاق قناة من قنواتها كقناة (العالم) وهذا دليل قاطع على أن الإعلام استطاع أن يبث ويوصل فكر أهل البيت (عليهم السلام) حتى خاف القوم على عروشهم ومستقبلهم، حينما يسمعون في كل يوم دخول العشرات من الشباب المثقف في المذهب بكل وعي واختيار وفي كل شهر بالمئات وفي كل سنة بالآلاف وسرعان ما تنتشر معارف أهل البيت(عليهم السلام) وعلومهم بين الأوساط العلمية والطبقة المثقفة والنخب الاجتماعية، ولكن يبقى على الإعلام أن يبذل أكثر فأكثر لأن الناس عطاشى لمعرفة حقيقة وتاريخ وعلوم أهل البيت (عليهم السلام) ونحن بإعلامنا لم نصل الى ما هو مطلوب والذي يطمح إليه كل مسلم ومؤمن من حكومة الإسلام العادلة التي تعم العالم بظهور صاحب الزمان ( عجل الله تعالى فرجه الشريف).
[img]pictures/2010/02_10/more1267348132_1.jpg[/img][br]
س: إذا كان هناك ضعف في أداء الإعلام اليوم فما سبب ذلك؟ وما هي الطرق التي ترونها تحسن من أدائه؟
ج/ إذا لاحظنا قمة الجبل والصعود إليه فإننا ما دمنا لم نصل الى القمة فذلك بحد ذاته يعدّ ضعفاً ونقصا ً أينما كنا من الجبل، رغم أنه بالنسبة الى ما تحته هو كمال وقوة فالقضية حينئذ بنظرة نسبية، وكما في صعود الجبل يحتاج الإنسان الى معداته ووسائله وآلياته كذلك في أداء الإعلام الناجح والمطلوب والذي نقصده من قمة النجاح، فحينئذ نشعر انه عندنا ضعف ونقص ولا بد من بذل كل الجهود والطاقات الفكرية والمالية والصناعية الحديثة والمتطورة والتي تواكب العصر والطرق التي توصلنا الى الكمال وأن نرجع في كل مجال وميدان الى أصحاب الخبرة والكفاءة وأن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا يتطلب منا أن نتعلم العلوم العصرية ونفوق الآخرين بالصمود والجهاد والتواصل، ومن طلب العلا سهر الليالي.
س: المنبر الحسيني يشكل اليوم أحد أدوات الإعلام، فهل ترونه بالمستوى المطلوب وهل استطاع أن يشد الناس إلى أهل البيت (عليهم السلام) ويزيد من التفافهم حول المراجع الدينية؟
ج/ إن المنبر الحسيني له قدسيته وموضوعيته وتاريخه المشرق والذي لا يزال يشع من أنوار الإمام الحسين سيد الشهداء (عليه السلام) وإنه في تطور بخطبائه الجيدين البارعين والمنبر لسان الإسلام والمرجعية عقله المفكر وقلبه النابض، فهناك علاقة وطيدة بين المنبر الحسيني وبين المرجعية كما بين الخطباء الكرام والمراجع العظام وكل منهما يدعو الى الآخر من أجل تربية الناس وتعليمهم وسوقهم الى شاطئ السلامة والسعادة.
س: وما هي شروط الخطابة وكيف تستطيع أن تلبي متطلبات العصر؟
ج/ قبل سنين كتبت رسالة بعنوان (فن الخطابة في سطور) وطبعت الرسالة في موسوعتنا الكبرى(رسالات إسلامية) وأشرت الى أهم شروط الخطابة كفن وكحرفة بصورة عامة وشروط الخطابة الحسينية بصورة خاصة، والحديث تارة عن الخطابة كفن وأخرى في رحاب الشعائر الحسينية والمراسم الدينية من الوفيات والأعياد المتعلقة بأهل البيت (عليهم السلام) وهذه الشروط منها ما تكون في داخل الخطيب كالإخلاص والصدق والعلم والمعرفة وأن يكون عارفاً بأهل زمانه، ومنها خارج الخطيب كالمواكبة مع التطور التكنولوجي وان العالم أصبح قرية صغيرة والثروة المعلوماتية الهائلة والمتزايدة بالدقائق.
س: وما هي المؤهلات التي يجب أن تتوفر في الخطيب الحسيني وتؤهله لحمل هذه الرسالة؟
ج/ إن الخطيب الإسلامي والحسيني لا بد له من مؤهلات علمية وفنية تساعده على أداء دوره بامتياز رائع وهذا يستدعي أن يكون الخطيب عارفاً بالعلوم الحوزوية أولاً، بأن يكمل على الأقل دورة المقدمات وهي ست سنوات ودورة السطوح وهي مثلها مدةً، كما عليه أن يكثر من المطالعات الخارجية من الأدب والتاريخ العام والتاريخ الإسلامي والعلوم الحديثة وحتى قراءة المجلات والصحف ومتابعة آخر التطورات العلمية والحديثة والحوادث والوقائع، ومثلما إذا أراد شخص أن يكون ناقداً أو سياسياً عليه أن يتابع الأخبار يوما بيوم ويتفاعل مع الحدث، فمع سرعة الضوء يكون مسار الخطيب المعاصر بل عليه أن يسبق الزمن بإبداعاته وتطلعاته وفكره الجديد والمبدع، وهذا ينتج من كثرة المطالعات المتنوعة فإنها تكون بمنزلة السُحُب الكثيرة في سماء ذهنه ثم تتراكم وتتضارب كما تتضارب الغيوم والسحاب فيخرج منها الرعد والبرق والمطر، ويخرج من هذا الخطيب فكر كثير جديد لامع كالبرق ويشتهر به بين الأوساط المثقفة وينجذب إليه الجمهور ويتخلص من المكرّرات التي ربما يمّل منها السامع والمخاطب.
س: هل الخطابة اليوم تتبع مدرسة بالأداء أم هي توارث أساليب لمشهورين بارعين؟
ج/ لما كانت الخطابة-كما في عِلم المنطق- من الصناعات الخمس وإنها فن وليس من العلم، وان الفن يتبع مهارة الفنان في أداء فنه كالخط والرسم والنحت والسينما والتمثيل فحينئذ تجد من الخطباء من يبرع في خطابه ويكون كالنجم اللامع ومن نجوم الخطباء المشهورين وكما في كل فن هذا المعنى يكون حاكماً، إلا أن لفن الخطابة علمه الخاص بمعنى انه لا بد أن يتعلّم فن الخطابة كل شخص يريد أن يكون خطيبا، كما يتعلم غيره فن الخط والرسم، وبطبيعة الحال فالفنون تتوارث وتتكامل بجمالية فائقة تواكب العصر في التطور الازدهار، فالخطابة مدرسة وتراث وإبداع ومواهب.
س: البعض قد يقارن بين خطباء اليوم والأمس ويدعي أن شعبية المنبر الحالي قد تراجعت، ما مدى صحة هذا الادعاء وهل له أثر فعلاً ؟
ج/ شعبية المنبر لم تتراجع بل شركاء المنبر قد ازدادوا، فبالأمس كان الناس والمنبر واحدا، واليوم أصبح المنبر في البيوت ومن خلال الفضائيات، وبمعنى آخر، بالأمس كان الناس والمنبر في ساعة واحدة وخطيب واحد ومكان واحد، واليوم عشرات المنابر في دقيقة واحدة ويمكنك أن تكون مع أي خطيب تريد، فيكفي أن تنتقل من مجلس لآخر في ثوان لتختار المجلس الذي تريده وهذا يجعل المتابع يجلس ويستمع إلى الخطيب المجازي بعد ما كان يستمع إلى الخطيب الحقيقي، ولو أجرينا دراسة عددية عبر هذه الحالة لوجدنا أن الواقع والحقائق تشير الى أن شعبية المنبر قد ازدادت إذ أنه بالأمس كان أكبر مجلس حسيني يضم ألفا أو أكثر بقليل واليوم فإن الملايين في بيوتهم يتابعون المحاضرة والمنبر الحسيني، وبهذا نقف على حقيقة وهي انه لابد من بذل كل الطاقات والجهود الفكرية والثقافية والمالية والعلمية والتربوية كل واحد بحسب طاقته من أجل إثراء المنبر الحسيني ليكون بالمستوى المطلوب وإني أتفاءل بالخير وبمستقبل زاهر لإعلامنا الهادف والرسالي ولمنابرنا الحسينية التي تنقل إلينا ثورة الأمام الحسين الإصلاحية الخالدة جيلاً بعد جيل إلى يوم الظهور والعصر الموعود.
و السيد عادل بن السيد علي بن الحسين العلوي ،ينتهي نسبه الى السيد عبد الله الباهر بن الامام زين العابدين (ع).
ولادته ونشأته : ولد السيد عادل العلوي في السادس من شهر رمضان سنة (1375) ،في مدينة الكاظمية المقدسة .
دراسته: درس في مدرسة الاخوة في مدينة الكاظمية المقدسة وبعدها انتقل الى مدينة النجف الاشرف،وفي عام (1387)بدأ بأخذ العلوم الدينية و الحوزوية وبعد تسعة اشهر من الاستيطان في مدينة النجف الاشرف أنتقل الى بغداد الجديدة مع والده الذي أنابه السيد (محسن الحكيم)هناك وفي سن السادسة عشر أتم مرحلة المقدمات وحينها توج بالعِمَّة المباركة، ومن حينها بدأ السيد يرتقي المنبر ويدرس الرسالة العملية للناس.
يقوم السيد العلوي في الوقت الحاضر بالتدريس في الحوزة العلمية ،منها تدريس بحوث الخارج في الفقه و الأصول ولديه محاضرات قيمة في تفسير القرأن والاخلاق والعقائد.
أساتذته:السيد شهاب الدين المرعشي النجفي السيد محسن الجرجاني ،السيد محمد ال أسحاق ،السيد رضا الصدر ،السيد ابو الفضل الموسوي التبريزي.
مؤلفاته:النفحات القدسية في تراجم أعلام الكاظمية،الموسوعة الاسلامية ،رسالات ولائية،رسالات ثقافية ،القصاص على ضوء القران ، وغيرها ..
حاوره / صفاء السعدي- علاء السلامي
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- شاهد عيان: جيش الكيان الاسرا..ئيلي قصف الانسان والحيوان والشجر والحجر