- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"التسوية التاريخية" لعراق ما بعد داعش
حجم النص
عمار العامري بعدما لاحت بالأفق بوادر الانتصارات العسكرية على الجماعات الإرهابية, وتحررت حوالي 80% من الأراضي العراقية, التي سقطت بيد التنظيمات الإرهابية خلال حزيران عام 2014, بدأ الجميع يفكر بمصير العراق في مرحلة ما بعد داعش, وأصبحت هناك ضرورة لطرح "مشروع سياسي جامع" في العراق, تزامناً مع التسويات السياسية في المنطقة عامة. طرحت في العام الماضي "وثيقة السلم الأهلي" من قبل رئاسة المجلس الأعلى الإسلامي, والتي حظيت لأهميتها بالمناقشة داخل أروقة الأمم المتحدة, إلا إن صعوبة تطبيقها جعلها تتأجل, لتكون منطلقاً لمشروع التسوية التاريخية بين المكونات العراق الرئيسة، باعتبارها الأولى منذ عام 2003, وستوفر الأمم المتحدة مظلة للقبول فيها, كونها "اتفاق سياسي- مجتمعي" وسيحاسب أي طرف داخلي أو خارجي يحاول عرقلة المشروع. اتفاق التسوية التاريخية نال قبول الإطراف الشيعية كافة, وبانتظار تقديم جهة سياسية موحدة لتمثيل السنة العرب للقبول بالمشروع, الذي حظي بترحيب الدول الإقليمية والصديقة, كونه يعيد الثقة بين المكونات والقوى السياسية وصولاً لتسوية وطنية, ومشروع التسوية التاريخية؛ ستشمل الجوانب السياسية, والاجتماعية, والوطنية, والتاريخية, لينتج عراق متعايش خالي من العنف والتبعية, وبمشاركة كل المكونات والفئات العراقية في إدارة الدولة بلا استثناء. وثيقة التسوية التاريخية؛ اعتمدت أربعة مبادئ أساسية هي؛ الالتزام بالوثيقة التاريخية يكون شاملاً وليس تنازلاً أُحادي الجانب, وإقرار مبدأ "لا غالب ولا مغلوب", وتصفير الأزمات, ورفض العنف كتسوية سياسية, كما تضمنت الوثيقة عدة محاور رئيسة أهمها؛ الالتزام بوحدة العراق, والنظام الديمقراطي, ورفض التقسيم بأي شكل من الإشكال وتحت إي ظرف كان, والالتزام بالدستور كمرجعية للقوى المشاركة وغير المشاركة بالعملية السياسية. والتسوية تفرض مصالحة كل الإطراف العراقية باستثناء القوى الإرهابية وحزب البعث, والاستعداد لتعديل الدستور, والاعتراف الرسمي بالعملية السياسية, والامتناع عن الازدواجية بالمواقف, ورفض الحكم الدكتاتوري, والتفرد, والالتزام بمحاربة الإرهاب, وإدانة سياسات البعث الصدامي, والإبادة الجماعية, والإعدامات والاغتيالات سواء علماء الدين أو النخب الوطنية, والاعتراف بجرائم تجفيف الاهوار, والمقابر الجماعية، والتهجير القسري للكرد والشيعة, ورفض التغيير الديمغرافي الذي أجراه النظام السابق. كما تنص وثيقة التسوية التاريخية؛ على ترسيخ دولة المؤسسات, والحفاظ على الديمقراطية والنظام المدني, واعتماد اقتصاد حر متعدد, والالتزام بالتوزيع العادل للثروات بحسب النسب السكانية للمحافظات, والامتناع عن التكفير وتخوين الآخر, وإقرار التسامح والتعايش وقبول الآخر, والتأكيد على الانتماء الوطني, وحصر السلاح بيد الدولة, وعدم السماح بوجود إي "مليشيا" خارج الدولة, والتزام جميع الإطراف بمحاربة إي مجموعة مسلحة غير قانونية. لذا من الضروري أن يكون هناك تثقيف جماهيري وسياسي عام, للقبول بهذا المشروع التاريخي الوطني, وعبر قنوات الاتصال الجماهيري, ووسائل التواصل والإعلام كافة, لمنع أعداء العراق من النيل منه, لما فيه من أسس رصينة, كاحترام حرمة الدم العراقي, واحترام المعتقدات, والتزام العراق مبدأ الحياد والتوازن في علاقاته مع دول العالم.