- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
البرامج الحوارية وبرامج السخرية .. الجزء الثاني
حجم النص
عدنان فرج الساعدي واتساقاً مع ما ذكرناه في الجزء الأول نرى إن مقدم البرنامج الحواري يجب أن يحتفظ لنفسه برأيه ولا يدخل طرفاً في الحديث المتشنج أو النزاع بين الضيوف بحيث تراه يجسد موقفه السياسي الذي يتبناه، ويهاجم ضمناً الطرف الذي لا يرغب به أو الطرف الذي له مواقف سلبية منه.مما يجعل المقدم كطرف سياسي مشارك في البرنامج وقد حدث ذلك كثيراً في برامج حوارية سياسية عراقية الأمر الأخر الذي يجب أن نشير اليه هو الفعالية التي يجب أن يتمتع بها المقدم من خلال الإعداد الجيد للحلقة المراد بثها وإعداد محاورها أو الاطلاع عليها بشكل تفصيلي اذا كانت من معد منفصل ثم التعرف على الضيف ومواصفاته وخلفيات الموضوع الذي سيتم الحوار حوله ومن غير الطبيعي أن يكون مقدم البرنامج مجرد ببغاء ينقل ما أعده المعد من أسئلة ؟؟ ولا نشك في إن المقدم الناجح هو الذي يستنبط من ثنايا كلام الضيف الأسئلة المحورية القوية التي تضفي متعة وإثارة وتكون هدفا رائعا يستمتع به المشاهد ويخرج البرنامج من الرتابة والملل التي تتصف به العديد من البرامج الحوارية التي تبثها القنوات التلفزيونية والاذاعات العراقية ويضفي عليه حيوية تجعل المتلقي منشداً ومتفاعلاً مع البرنامج ولعل من الاسباب الموجبة لنجاح هذا البرنامج او ذاك هو الاعداد المتميز، والتقديم المتزن، والديكور المناسب، اضافة الى الاضاءة، والاكسسوارات، والتصوير المتقن والمخرج المبدع وطالما ابتعدنا عن النمطية والتقليدية في عملنا كلما كنا قريبين من الابداع والنجاح الغريب عندنا في العراق الميل الشديد للبرامج السياسية الحوارية فيما تكاد تنعدم البرامج الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية التربوية، بل الاغرب من ذلك انك لا تجد برنامجاً تثقيفياً في الجانب الأمني في الوقت التي لعبت فيه التنظيمات الاجرامية كالقاعدة وداعش ومثيلاتها دوراً تدميرياً كبيرا في البنية الاجتماعية العراقية وحتى الاقتصادية والثقافية وسبق أن أطلقنا عدة نداءات بهذا الخصوص فمن غير المعقول أن نبقى أسرى للبرامج السياسية ونحن نكرر وببغاوية المحاصصة.الطائفية. المربع الاول , الاستحقاق الانتخابي. الفساد.التكنو قراط وغيرها من المصطلحات التي مللنا منها وملل المجتمع العراقي الامر الذي جعله كما ظهر في دراسات وابحات حديثة إن العوائل اتجهت للقنوات العربية بما فيها من تنوع برامجي وغالباً ما يكون مقدم مثل هذه البرامج موجهاً لمسارات الحوار وقد لا يعنيه ايصال الحقيقة او تنوير المشاهد الا بالقدر الذي يخدم اهداف وغايات مالكي القناة وتوجهاتهم السياسية ومقدار المبلغ المتفق عليه ولتذهب المبادئ الى الجحيم ان متابعة دقيقة لما بث من برامج ساخرة أو برامج حوارية بعيدة عن السلوك المهني الاعلامي مع تناول طبيعي من قبل المقدم لالفاظ السب والقذف والشتم والتجريح.مع عرض أوراق يدعي انها وثائق ويطالب بمحاكمة سريعة لسياسيين ونواب ومسؤولين بعد ان يحاول الصاق التهم بهم. إن البرامج الساخرة التي قدمتها الشاشات العراقية وحملت في طيأتها مضامين اجتماعية اوسياسية أو اقتصادية حاولت جاهدة أن تبرز تبني قضايا الجمهور العراقي. فيما إن الحقيقة التي حاولت اجندة القنوات إخفاءها هي التوجهات والانحيازات الواضحة ضد جهات منافسة لمنهج المالكين لهذه القناة أو تلك، وبالفعل وبعد انكشاف الزيف للكثير تعرضت لانتقادات حادة جداً وتم تعرية اهدافها وأجندتها المغلفة وبالرغم من ان الذائقة الاجتماعية قد تماشت مع اسلوب هذه البرامج وبدأ تدريجيا تحول العديد من القنوات والاذاعات الى السماح لهذا النوع من البرامج والسماح بتقديمها على شاشتها او اثير اذاعتها بغية جلب اعداد اكبر من المشاهدين والمستعمين.الا إن الامر لم يدم كثيراً أقول.. ان الطرق المستمر من بعض الكتاب والاعلاميين وبعض التجمعات والمراكز الاعلامية وتحرك هيئة الاعلام والاتصالات قد أفشل هذه البرامج وهي اليوم إما غادرت كما هو حال البغدادية وأنورها الحمداني ونجم الربيعي وإما تترنح كما هو حال ماجد سليم في قناة هنا بغداد أو غيرت من سلوكها العام كما هو حال كلام..وجيه عباس في قناة العهد , وكذا البشير شو الذي انتقل هنا وهناك ” مثل أم البزازين ” وبقي محاصراً ومطارداً بسبب الشذود الفكري الذي اتبعه في برنامجه بيت الإعلام العراقي، تجمع إعلامي سبق أن أعلن في بيان صادر عنه، أن “تغطية البرامج الحوارية خلال النصف الأول من عام ٢٠١٥ الحالي، تنطوي على مستويات مختلفة من الخطاب الإعلامي، منها استعمال عبارات السب والقذف بنحو واضح، التصريح بمعلومات من دون أدلة وشواهد، والاعتماد فقط على رأي الضيف، اللجوء إلى الصراخ والاشتباك اللفظي، وفقدان مقدمي البرامج قدرتهم على التحكم بالحوار، توجيه اتهامات مطلقة بالإرهاب، التواطؤ، الخيانة، واضاف البيان ان “ضيوف تلك البرامج لجأوا إلى استعمال اتهامات من قبيل هناك نواب ووزراء يفجرون ويقومون بأعمال إرهابية، أو مسعود بارزاني باع الموصل، أو المالكي دمر الأنبار، هادي العامري نتاج أميركي إيراني، الجالية الفارسية في المنطقة الخضراء والسنة دواعش”، مضيفين أن “الضيوف استعملوا مصطلحات للتورية مثل الحشد الطائفي، دماء العراقيين في رقبة آل سعود وآردوغان، في حين جرى التحريض ضد صحفيين عراقيين عبر دعوة أحد السياسيين ترك العمل في محطة سي أن أن بوصفها الوجه الآخر لداعش”.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً