حجم النص
بقلم:سليم الحسني موقف تاريخي سجلته المرجعية العليا متمثلة بالسيد السيستاني، حين أصدرت توجيهاتها بخصوص إحياء مراسم عاشوراء، وكانت على شكل تعليمات واضحة، ترسم معالم الطريق للشيعة في هذه المناسبة العظيمة التي تعيش في وجدانهم منذ فاجعة كربلاء وحتى اليوم. كان الكلام بالدرجة الأكبر موجهاً لخطباء المنابر، فهم الصوت الأكثر انتشاراً في هذه المناسبة، وقد أكدت المرجعية في نقاطها العشر، على ضرورة أن يعتمد الخطيب المنهج العلمي من خلال المصادر المعتبرة، والرجوع الى فكر أهل البيت عليهم السلام، وليس حكايات مجهولة وأحلام ليلية وأساطير قصصية. وهذا يعني أنها تضع الخطيب أمام مسؤوليته في التعامل مع قضية الحسين عليه السلام، وفق المعايير العلمية التي وضعها أئمة أهل البيت وجاء من بعدهم فقهاء الشيعة ومراجعهم وكبار علمائهم ليحافظوا على المنهج الأصيل. جاءت خطوة المرجعية العليا، في وقت حرج يتعرض فيه الشيعة للإرهاب والمخططات الوهابية وغيرها من التحديات التي تريد الإجهاز على الشيعة والتشيع، وسط أجواء من قلة المسؤولية عند شرائح من المعتاشين على المنبر الحسيني، ينشرون خرافاتهم فيضللون البسطاء، مما يحرف مدرسة أهل البيت عن أصولها الثابتة، ومما يُضعف دور المرجعية في قيادة الأئمة وفي النهوض بها عقائدياً وثقافياً على مفاهيم الاسلام الأصيل. بالنقاط العشر، يكون السيد السيستاني قد أعلن ربيع الثورة الحسينية، ضد الخرافة والخرافيين، ووضع الشيعة ومحبي الحسين والسائرين على دربه، أمام مسؤولياتهم، فقد صار لزاماً عليهم أن يتخيروا المجالس التي يحضرونها، ويتجنبوا خطباء الخرافة والأحلام والروايات الموضوعة. وأن يحيوا شعائر الحسين بما يعيد للنهضة حركيتها في الوجدان الشيعي، لتكون هذه الأيام نقطة البداية الجديدة بأتجاه رفض الظلم والفساد والخراب والتدهور الذي يضرب العراق، بسبب إبتعاد المسؤولين عن توجيهات المرجعية، واستغراقهم في مصالحهم الذاتية والفئوية، بعيداً عن هموم الناس واحتياجاتهم وشؤونهم. بهذا الحضور المباشر والتوجيه الصريح، يقطع المرجع الأعلى الطريق أمام الذين يحاولون مصادرة منهج الحسين بخرافاتهم واحلامهم وأوهامهم، ويجدد بذلك مدرسة التشيع في قوتها الفكرية والعلمية، مستكملاً طريق المراجع الكبار في دنيا الشيعة. إنها خطوة كبيرة باتجاه التصحيح والإصلاح والنهوض بالمجتمع، إنه ربيع الثورة الحسينية الذي أطلقه السيد السيستاني، في أجواء كاد الاحباط أن يسيطر على النفوس، فجاءت خطوة المرجع الأعلى شعلةً وضّاءة تشير أن درب الحسين من هنا.