حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ اختزل ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء السيد الصافي استياء وقلق المرجعية إزاء العملية السياسية الجارية في البلاد وامتعاضها من المآلات الوعرة والشائكة التي اكتنفتها والتي يفترض بها ان تكون عملية سياسية منتخبة وفق اطر ديمقراطية شفافة وتترجم آمال وآلام الشعب العراقي، اختزل كل ذلك بجملة ظاهرها الصراحة القاسية وعدم المجاملة ـ وقد اعتادت المرجعية في خطابها على التلميح والإشارة ـ وباطنها الامتعاض واليأس وخيبة الأمل بعد ان وصلت الامور بالنسبة الى المرجعية الى مديات غير مقبولة إطلاقا بتكرار حصول الأخطاء بعدم استغلال إمكانات البلاد الاقتصادية لخدمة الشعب، وغياب الخطط الاقتصادية المناسبة وعدم مكافحة الفساد بخطوات جدية ورعاية السلم الأهلي والتعايش السلمي بين أبناء الوطن وحصر السلاح بيد الدولة قائلا"هذا كله ذكرناه حتى بحت أصواتنا". وهذا التكرار كان متواترا من خلال خطب الجمعة التي كان ومايزال يلقيها بالتناوب ممثلا المرجعية الدينية العليا كل من الشيخ عبد المهدي الكربلائي والسيد احمد الصافي في الحضرة الحسينية الشريفة طوال أكثر من 12 عاماً - وكانت تعبر فيها عن نبض الشارع العراقي وتترجم معاناته. ومن يتابع خطب الجمعة يجد ان المرجعية قد حملت هم المواطن العراقي ولم تكن غائبة عن حيثيات الشأن العراقي وفي كافة مفاصله السياسية والأمنية والاقتصادية والمجتمعية والبيئية وأداء السلطات الثلاث وغيرها، فهي أول من نادى بكتابة دستور دائم تقوم على أساسه دولة مدنية عصرية، وهي اول من طالب بإجراء انتخابات وطنية نزيهة لتشكيل حكومة منتخبة تستند الى صوت الناخب وعبر صناديق الاقتراع بطرق ديمقراطية شفافة ولسحب البساط من تحت أقدام الاحتلال الأمريكي الذي كان يتحجج ان العراقيين غير مؤهلين لقيادة أنفسهم، كما انها واكبت العمليات الإرهابية التي كانت وماتزال تضرب الشارع العراقي ولم تكتفِ بالاستنكار والإدانة وعبارات الشجب والأسف الكلاسيكية المعتادة بعد سقوط الضحايا بل كانت تكرر دعوتها بتفعيل الجانب الاستخباري الذي هو العمود الفقري للجهد الأمني والعسكري لاي دولة فضلا عن دعواتها المتكررة الى إبعاد الجيش والجهات الأمنية عن المناكفات السياسية والولاءات او العداوات الحزبوية وتطهير هذه الاجهزة من العناصر المشبوهة، واقتصاديا كانت المرجعية تطالب بتقليل او إلغاء الفوارق الشاسعة في الرواتب مابين الطبقة السياسية ورواتب عموم المواطنين والمساواة فيما بينها لاسيما الطبقات الفقيرة والمعدمة منهم واقتصاديا ايضا كانت تطالب بتنويع مصادر الدخل القومي والابتعاد عن احتكار النفط كمورد ريعي شبه وحيد وغير مستقر،فضلا عن تشجيع ودعم وتنشيط الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها من القطاعات التي تساهم في تغذية الاقتصاد الوطني . ولاينسى الشارع العراقي الذي انتفض ضد الفساد والمفسدين، التفويض التاريخي الذي أعطته المرجعية الرشيدة لحكومة د. العبادي غداة إطلاقه اولى حزمه الإصلاحية في آب من العام المنصرم تشجيعا له ولتكن خارطة طريق وضوءا اخضرَ في مسعاه الإصلاحي بعد ان طلبت منه ان يضرب بيد من حديد مايسمى حيتان ومافيات الفساد الذي عشش في مفاصل الدولة العراقية الى درجة جعلت العراق يتصدر قائمة أكثر الدول فسادا في العالم، وليسترجع ثقة الشارع التي اهتزت وتضعضعت بالعملية السياسية التي لم يجنِ العراقيون منها خيرا كثيرا بالرغم من قيام حكومات منبعثة من انتخابات حرة، الا ان الأوضاع لم تتغير نحو الأحسن في كثير من المجالات ولهذا ولغيره أشار ممثل المرجعية وبكل مرارة: ( هذا كله ذكرناه حتى بحت أصواتنا). ومن يستعرض كل تلك الجهود وغيرها (لمرجعية آية الله السيستاني دام ظله التي لم تكن غائبة يوما ما عن تفاصيل المشهد العراقي ولم تكتفِ بدورها الإفتائي وبتربعها على اعلى مركز مرجعي للشيعة في العالم بل قامت وماتزال بدورها التاريخي كمرجعية ميدان) يتلمس حجم المرارة وخيبة الأمل وسوء الظن من طبقة سياسية (منتخبة) لم تحسن التصرف ولم تتبع نصائح وإرشادات المرجعية التي كانت تتلى في خطب الجمعة فهي لم تكن مجرد خطب حماسية إنشائية ، وهي خيبة امل مشتركة مع الشارع العراقي المحبط والمغبون حقه والذي تساوى عنده يوماه:يوم قبل التغيير النيساني ويوم بعده وكما قال الإمام علي من تساوى يوماه فهو مغبون. كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات