حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي يقال ان الموازنة السنوية لتركيا فيها موازنة لولاية الموصل وبمقدار ليرة، لهذا يبدو ان الحلم العثماني ما زال يتفاعل مع صعود اردوغان مرة ثانية لحكم دولة عثمان الميتة، ويبدو ان الرجل لا يعلم ان العراق ليس كسوريا، ومع ذلك يسعى ان يعيد خلط الأوراق من خلال هذا التدخل السافر في العراق، وبغض النظر عن الا هداف والنوايا المعلنة الا ان القوات التركية جاءت لتبقى خصوصاً بعد الدخول الروسي اللافت الى المنطقة، ووقف التحرك الداعشي الذي افقد النظام السوري السيطرة على حكم البلاد وبات يحكم ١٧٪ فقط من الارض السورية. ما حصل من دخول غير متفق عليه من قبل القوات التركية الى معسكر في مدينة بعشيقة، والتي تبعد 30كم عن مدينة الموصل الساقطة بيد العصابات الداعشية، بتعداد قوات يصل الى اكثر من 300 جندي، وبرفقة 20 دبابة، حيث يصر الجانب التركي على بقاء هذه القوات، وان هناك اتفاقاً سابقاً مع الحكومة العراقية، الامر الذي كذبته الاخيرة، وطلبت تدخل الامم المتحدة في اخراج هذه القوات فوراً من شمال العراق، جاء في ظرف مقطعي حساس تمر به المنطقة عموما،ومرشحاً ان يتصاعد الى حد المواجهة بين الدول العظمى، الامر الذي جعل الأتراك يستعجلون في إشعال نار الحرب في المنطقة عموما، خصوصاً وأنهم خسروا كل أوراقهم فيها، وخسروا علاقاتهم الاقتصادية مع روسيا، وانتهى ملف خط الغاز الروسي الى انقرة، كل هذا جاء بعد فشل المخططات التركية الى احداث هزة كبيرة في المنطقة والعودة الى تنفيذ مخطط جديد بمساعدة الأميركان وإسرائيل، وتفتيت المنطقة وفق مخطط سايكس وبيكو ومعاهدة لوزان. المعطيات على الارض فان تركيا لا اعتقد انها قادمة لتسحب قطعاتها وجنودها من بعشيقة ، لان هناك اهداف عدة من وراء هذا التحرك، أهمها احراج الحكومة العراقية، وكشفها انها مسلوبة الإرادة، ويجب ان تخضع للارادة الامريكية، كما ان هذا التحرك يهدف الى اشراك المكون السني في القرار السياسي والامني، خصوصا وان الاخير شعر انه مهمش وأصبح في خبر كان، كما ان الهدف من هذه التحركات هو تعطيل دور الحشد الشعبي في تحرير اي ارض في المستقبل، والضغط على الحكومة العراقية من اجل قطف ثمار تحرير الموصل حصرا من السنة، كما يأتي في إطار الهدف الامريكي لتحجيم الدور الايراني في المنطقة عموما،والتأثر التركي بالتدخل الروسي وتغيير المعادلة على الارض، مما دعى الأتراك الى تأمين الوضع السني كذلك ايجاد مصدر بديل للغاز الروسي عبر مد أنبوب مستقبلي من قطر باتجاه تركيا، طبعا كل هذا المعطيات جاءت بمباركة النجيفي اثيل واسامة اللذان باركا هذا التدخل وهذا الوجود العسكري للاتراك، كما جاءت المباركة البارزانية من الأتراك من خلال استقبال الأتراك له في انقرة، وراء المباحثات حول هذه القوات والية تواجدها. يبدو ان التدخل التركي في العراق، وما قبله من التدخل الروسي في سوريا سمح بإعادة الاستقطابات الى المنطقة، بعد ان تيقن الاميركان ان تحرير العراق وتأسيس الحكومة العراقية انها غير منقادة لسياساتهم وتبعيتهم،وهم يعدونها إنجاز من منجزاتهم ويجب ان تكون تحت حمايتهم بحسب سايكس بيكو الجديد، لهذا رأوا من الاسلم ان يعاد خلط الاوراق عبر تنظيمات داعش الارهابية سواءً في العراق، او سوريا لإعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة، ولكنهم تفاجئوا للمرة الثانية بقدرة الشعب العراقي ومرجعيته الدينية العليا على الوقوف بوجه هذه المخططات الخبيثة، لهذا سعوا الى العمل على انهيار العراق وإيران وروسيا اقتصادياً عبر تخفيض اسعار النفط، والتلويح بتشكيل تحالف عربي والذي سيكرر تجربته الفاشلة في اليمن لتعاد في العراق، كذلك يسعى الجانب الامريكي الى اعادة ترتيب اوراق الجانب السني، من خلال اعادة المهجرين الى مناطقهم بعد تحرير اراضيهم، بمساعدة البارزاني، وبلورة موقف سياسي ايجابي يكون بتمديد فترة حكمه في اقليم كردستان تمتدد للابد. تركيا دخلت مرحلة جديدة في تاريخها المعاصر وباتت على مفترق طرق خصوصاً بعد التدهور الأوضاع الداخلية وتراجع شعبية حزب العدالة وتبدد احلام اردوغان في بناء الحكم الرئاسي والتفرد بحكم البلاد، وتعويض الخسارة في الموقف الإقليمي والدولي الرافض لسياسية اتاترك التسلطية ، فإما حالة استقرار بمعادلات وديناميات جديدة وإما الدخول في مواجهة إقليمية محتملة مع القاهر الروسي الذي لديه النية في تأديب الأتراك وتعليمهم فن السياسية، وسيكون المحدد الأبرز للمشهد التركي هو مدى تحلي اردوغان بروح المسؤولية والحكمة في إدارة هذه المرحلة الجديدة، خصوصا في ظل إشارات أولية بتأثر الاقتصاد التركي بالنتائج المفاجئة، وتخوف المواطن التركي من عودة شبح الانسداد السياسي والأزمات الاقتصادية التي كانت تعاني منها تركيا طيلة الفترة الماضية
أقرأ ايضاً
- منع وقوع الطلاق خارج المحكمة
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- البرلمان العراقي يقر راتبه سراً ؟!!