حجم النص
بقلم:عبدالرضا الساعدي الكثير من الصور والمشاهد والأحداث التي تمر أمامنا في العالم لا تحتاج إلى تعليق، فكيف بما يمر بنا داخل الوطن الموجوع والمستهدف منذ عقود من الزمن، أو منذ 2003 وحتى اللحظة بشكل خاص ؟ حتى محاولة بعض الشعراء لوضع توصيف شعري، لفظي، لصورة عراقية مأساوية أو معبرة عن أحداث أو مواقف صادمة وتضحيات غير عادية ومذهلة، تبدو أمامي هذه المحاولات ساذجة أو زائدة وهي تقدم (شرحها) الشعري أو الصوري أمام ما هو أكبر منها وأعمق بمليارات السنين الضوئية ويزيد من البعد والعمق والتأمل والألم.. ولا تتعدى مجرد غنائيات باهتة، لكنها ربما أقل سوءاً وضررا ً من تنظيرات وتحليلات أو أكاذيب بعض السياسيين والمحللين..! فيما يتعلق بمقتل مليون عراقي منذ احتلال أمريكا للعراق في عام ٢٠٠٣ _كما تشير تقارير جديدة تم نشرها في العديد من وسائل الإعلام _ أي ما يمثل خمسة بالمئة من سكان العراق تقريبا _ هم ضحايا هذا الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر، وضحايا الإرهاب والتفجيرات المدعومة من بعض الجيران ومن غيرهم، الذين سهلوا وفتحوا الطرق والحدود ودعموا بالمال والسلاح شتى التنظيمات الإرهابية والتكفيرية وبقايا النظام السابق.. هل تحتاج مثل هذه الكارثة أو الإبادة أو التضحيات عموما إلى تنظيرات باهتة أو مكرورة ممن لم يأبه لهذه الدماء أصلا، سابقا ولاحقا، ومثلما لا يمكن أن أصدق شاعرا يعتلي المنصة أو المناسبة الفلانية لينشد القصيدة العلانية عن ضحايا سبايكر أو شهداء العراق الذين قضوا على يد دواعش النظام السابق من (الفدائيين) أو(الرفاق الإنتحاريين) أو غيرهم، وهو ذاته الذي كان يعتلي المنصة سابقا ليمجد قائدهم المدحور، لا يمكن أن أصدق سياسيا أو محللا ينظّر لهذه الدماء المسفوكة والمضحية بحب البلد، بينما هو يقيم وعائلته وثرواته الطائلة في بلد آخر، أو يتسلم أجوره وعمولته من دول تنفخ النار التي تحت رماد الطائفية والمذهبية والقومية، ليشعلوا الأخضر واليابس.