يمثل القطاع الزراعي العراقي مكونا صغيرا وحيويا في ذات الوقت في الاقتصاد العراقي. وتأثر دور الزراعة في الاقتصاد خلال العقود الماضية بصورة كبيرة في الصراعات العسكرية التي خاضها العراق وبالدرجات المتفاوتة من الجهود الحكومية لتقوية وادارة الانتاج الزراعي.
وكانت الزراعة في الثمانينيات تمثل 14% من الناتج الوطني، ولكن وبعد العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة وعدم اذعان العراق لبرنامج النفط مقابل الغذاء ، ارتفعت حصة الزراعة من الناتج الوطني لتصل الى 35% في عام 1992 .وصعدت الزيادة السريعة في اعداد السكان خلال العقود الثلاثة الماضية ومحدودية الاراضي المزروعة وركود الانتاجية الزراعية، من اعتماد العراق على الاستيراد لتلبية احتياجاته الداخلية من الغذاء. وكان العراق بحلول عام 1980 يستورد نصف تجهيزاته الغذائية، وفي عام 2002 كانت ما بين 80 % الى 100% من السلع الرئيسية كالدقيق والرز والسكر والزيوت النباتية اللحوم، مواد مستوردة.
الوضع المناخي والزراعة
تبلغ مساحة الاراضي العراقية 43.7 مليون هكتار يعتبر 34 مليوناً منها غير قابلة للزراعة في الظروف الحالية اي ما نسبته 77.7%. كما ان اقل من 0.4 % من الاراضي هي اراضي غابات تقع في المناطق النائية على الحدود بين العراق وتركيا وايران. اما ال22% المتبقية من الاراض فتستخدم في الزراعة على الرغم من ان نصفها تقريبا تستخدم للرعي .
وتزرع 340 الف هكتار بالمحاصيل الشجرية كالزيتون والتمور ويتركز انتاج هذه المحاصيل في المنطقة الوسطى حول منطقة كربلاء. وتتغير مساحة المنطقة المستخدمة سنويا لانتاج المحاصيل الحقلية كالحبوب والفواكه والخضراوات، وفقا لاحوال الطقس ووضعية السوق لكنها عموما تبلغ مساحة 3.5 الى 4 ملايين هكتا ر. وتزرع ما نسبته 75% الى 85% من الاراضي المخصصة لهذه المحاصيل بالحبوب واهمها الحنطة والشعير.
وكان العراق في مطلع القرن ينتج ما يكفيه بل ويزيد عن حاجاته رغم امكانياته الفنية المتواضعة . كان يصدر الحبوب وسلعا زراعية للاقطار الاوروبية وكانت الاسواق العالمية تعلن في نشراتها اسعار القمح والشعير والرز العراقي المصدر لتلك الاسواق ماذا حدث اذن ؟ وما هي التحديات التي واجهت الزراعة في العراق كغيرها من القطاعات الاقتصادية لتجعل من هذا البلد ذي الخيرات الوفيرة يعاني من فجوة غذائية تتسع عاما بعد عام وتخلف تكنولوجي زراعي وانخفاض في مستويات المعيشة وانتشار الفقر وخاصة في السنوات الاخيرة .
وزير الزراعة وكالة الدكتور أكرم الحكيم وخلال زيارته مدينة كربلاء المقدسة قال إن الواقع الحالي في القطاع الزراعي في كربلاء المقدسة وباقي المحافظات يتسم البعض منه بالإيجابية مع وجود نقاط سلبية تحتاج إلى حل مشاكلها وزيادة الدعم، علماً أن دائرة زراعة كربلاء بتقدير الوزارة في السنين السابقة وحالياً تعتبر من الدوائر الرائدة في منجزاتها، ولكن، ان القطاع الزراعي في العراق يعاني من صعوبات ومشكلات لا يزال البعض منها مرتبطاً بالقرارات السابقة وكذلك الظروف الخارجة عن إرادتنا ومنها المناخ والجفاف وقلة الإطلاقات المائية من قبل منابع نهري دجلة والفرات وخصوصاً مشكلة نهر الفرات التي نعاني منها حالياً، وكذلك معاناتنا من مشكلة التصحّر وفقد الأراضي الزراعية بنسب كبيرة سنوياً، وهذا يعود إلى شحة الأمطار وزحف الكثبان الرملية ومن هنا تأتي أهمية الأحزمة الخضراء، ونحن في الوزارة جاهدون على زيادة استثمار وتوظيف إمكانات الوزارة بشكل أفضل لمعالجة المشاكل التي نواجهها في البلاد.
وحول الخطط الجديدة للوزارة في دعمها الفلاح العراقي ولاسيما في الفترة الحالية والتحول لاستيراد أغلب لمنتجات الزراعية من دول الجوار قال (الحكيم ) ضمن سياسة الوزارة تقديم الدعم الكامل للمزارعين والفلاحين، وهي أمام مشكلتين أولها مشكلة الفساد الإداري التي تفشت في مفاصل وزارة الزراعة، وبالتالي عدم وصول الدعم الحكومي سواء كان من المبيدات أو البذور المحسّنة إلى الفلاح، ونعمل الآن جاهدين للقضاء على هذه الظاهرة، والأمر الثاني ان الزراعة في حاجة إلى التخصيصات المالية ويجب أن توجه جهدها نحو هذا المجال وعدم مساواته مع بقية المجالات، لأن مشروع الزراعة يعد ذي إنتاجية مضاعفة، وحقيقة إن القطاع الزراعي يحتاج إلى رؤية وسياسة معينة يقرها مجلس النواب، ويجب أن يحصل القطاع الزراعي في العراق على دعم أفضل، وخاصة معالجة عدم توفّر الموارد المائية والتي نعاني منها في الفترة الحالية\".
[img]pictures/2009/09_09/more1253519877_1.jpg[/img][br]
عضو مجلس محافظة كربلاء مسؤول لجنة الزراعة فيها ستار العرداوي قال أن \" محافظة كربلاء كانت تعد واحدة من افضل المحافظات العراقية في الانتاج الزراعي ، الا ان أراضيها الزراعية أخذت بالتناقص واصبحت جرداء لسبيبين : اولهما قلة مناسيب المياه في نهر الفرات الذي يغذي المحافظة ، والثاني لقلة سقوط الامطار التي رافقت الشتاء الماضي . واضاف أن \" السهل الرسوبي العراقي سمي ولفترات طولية بأرض السواد لكثرة الزراعة فيه ووفرة أشجار النخيل التي تراجعت اعدادها الى حد كبير بسبب نقص المياه حسب قوله ، مطالبا المسوؤلين في الحكومة الاتحادية الضغط على تركيا من اجل زيادة حصة العراق من المياه الاقليمية وانقاذ الزراعة العراقية من الدمار\".
حقيقة ان العراق يمتلك جميع المقومات المادية لتطوير انتاجه الزراعي وخاصة الموارد الزراعية من ارض ومياه وقدرات بشرية ومالية متميزة الا ان الصراعات التي خاضها في العقود الماضية الداخلية منها والخارجية شكلت اعباء ضخمة على التنمية الاقتصادية فيه عن طريق تحويل مصادر التراكم الى الاغراض العسكرية واهمال اي تطوير للبنية الاساسية العامة وعدم الاهتمام بتامين المدخلات الرئيسية للانتاج .
لذلك يجب مواجهة هذه التحديات والعقبات من اجل تحقيق تنمية زراعية مستدامة ومستويات عالية من الاكتفاء الذاتي \"
تحقيق /تيسير سعيد الاسدي
أقرأ ايضاً
- الحسيني: كربلاء الاولى باجراء عمليات الناظور ونمتلك اجهزة متطورة تنافس القطاع الخاص
- معاون مدير التلفزيون السوري :فتوى السيستاني غيرت المعادلة العسكرية لدول كبرى وارشاداته ساهمت بحلول كثيرة
- انطون بارا :انا حسيني .. شيعي ..مسيحي .. عربي .. ومعرفة الحسين (ع) تحتاج إلى إلانصاف فقط