- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
في إنتظار " كاوا " الحداد ..!؟
حجم النص
فلاح المشعل تنبثق براعم الأغصان الخضرة و تزهر من جديد، تتفتح أكمام الورد ودفء يتسلل مع المطر المتأخر، تعشبُ الأرض وهي تستريح على نسائم منعشة وهيجان مفتوح للزهور البرية بألوانها المتوهجة بنداء الربيع. المدن والأحياء المتسللة عن بساتين ومزارع مثل بغداد وأماكنها العريقة المفروشة بورد الجوري والياسمين والنرجس واشجار النارنج، يتظاهر في شوارعها عطر يضع شذا الأزهار تحت سطوة القداح ونشوة الأجساد المتحررة من البرد. كل شيء هنا يتوهج بالدفْ والعطر والألوان والعافية، هكذا يستعرض الربيع زهوه بين الفصول ويعيد التذكير بدورة الخير والحصاد. هناك في كردستان ترتفع أشجارالنار على رؤوس الجبال لتمنح الأرض والهواء مزيدا من دفء الحرية، تعيد الغناء بأنشودة " كاوة " الحداد ومطرقته التي حطمت دكتاتورية " الضحاك"، يهجم الفرح في دبكات وصرخات المتعة بالنصر والتحرر من الخوف والبرد والطغيان. جنوب الروح تبتهج البساتين في موسم الدخول، دخول السنة الجديدة مع الربيع واضواء نيران نوروز، يعلن طلع النخل عن عبق يضاهي طعم النساء..! وإذ تجهز سبع مواد في مائدة كردستان، فأن الخبز المحلى بالتمر يتصدر مائدة احفاد سومر وهم يرسمون بعيونهم أمنيات تبتسم على ضوء الشموع وتتراكم مع حلم يتجدد في كل ربيع...، وينتظر الناس كيف ينتهي شكل الشمعة بعد ذوبانها لتعلن ان الدنيا دخلت على رمز حمامة أو قطة أو نخلة، ولكل معنى وتأويل...! تلك بقايا تعاليم زمن الأمير السومري كلكامش. تقاليد الشعوب تمثل هويتها الروحية، ورغم تقدم الحضارة وتطور الأزمنة وابتكارات العلم وتغيير أنماط الحياة ومظاهرها العصرية، تستعيد ذاكرة الشعوب تلك الطقوس في اعياد وممارسات تكشف في بعض جوانبها عن حاجتها لطفولتها وجمالها البريء. نحن شعب العراق من شماله الذي يتغنى بمطرقة " كاوة" وكيف هوت على رأس الطاغية، الى أناشيد الرغبة في الجنوب، لاتقيم تلك المظاهر الإحتفالية في ذاكرة إستعادية، بل هي تعيش حلم راهن يتقد برغبة الإنتظار ل "كاوة" جديد ينهال بضرباته الجبارة على رؤوس الفاسدين والمجرمين، الذين اضاعوا البلاد واسقطوا ثلاثة ملايين عراقي تحت إذلال النزوح والضياع، وملايين اخرى على مشرحة الإفلاس والخوف من المستقبل. الطغيان ليس بالضرورة ان يكون بهيئة " الضحاك " أو " الحجاج "، أحيانا ً يتظاهر بعنوان إسلاموي طائفي جاهز لإبادة الآخر المختلف والمتشابه، وآخر " قومي " يحمل كل شذوذ التعنصر والروح الفاشية، وثالث " ديمقراطي " مكرس لكل أنواع الفساد والتزوير وتجهيل الشعب. وحتى يظهر " كاوه " من جديد، نهدي عظيم التهاني لأبناء شعبنا الكردي الأشم وهم يحتفلون بأعياد نوروز والأنتصار على " داعش "، تحية لشهداء كردستان، لرموزهم النضالية المجيدة محمود الحفيد والملا مصطفى البارازاني وعبد الله كوران، وجوه اضاءت صفحات تاريخ العراق.
أقرأ ايضاً
- الحجُّ الأصغرُ .. والزِّيارةُ الكُبرىٰ لِقاصِديِّ المولىٰ الحُسّين "ع"
- جريمة عقوق الوالدين "قول كريم بسيف التجريم"
- سموم "البعث" وبقايا شخوصه