- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الشباب والتطوع وبناء المستقبل
حجم النص
بقلم:محمد معاش يعتبر العمل الاجتماعي و التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في عصرنا الحالي, ويكتسب العمل الاجتماعي أهمية متزايدة يوماً بعد يوم, فهناك قاعدة مسلم بها مفادها أن الحكومات, سواء في البلدان المتقدمة أو النامية, لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها, فمع الظروف الحياتية ازدادت الاحتياجات الاجتماعية وأصبحت في تغيّر مستمر, وهنا يأتي دور الشباب للتصدي لهذه الأمور وإبراز دورهم المهم في المجتمع. وفي أحيان كثيرة يعتبر دور الشباب دوراً سباقاً في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وليس تكميلياً, وأصبح يضع خططاً وبرامج تنموية تحتذي بها الأمم. وأهمية عمل التطوعي ودور الشباب، هو تعزيز الانتماء والوطنية للوطن وتنمية قدراتهم ومهاراتهم الشخصية والعلمية وهذا يتيح للشباب فرصة التعبير عن آرائهم وأفكارهم في قضايا هامة التي تهم المجتمع، وهنا يتيح للشباب خلق قيادات جديدة وعدم احتكار القرارات التي تهم الوطن. تتباهى الأمم المتحضرة اليوم بما عندها من إمكانيات، ومنها عدد المتطوعين في المجالات المختلفة، ذلك لأن العمل التطوعي يساهم في رفعة الأمة ويؤدي إلى تساند أفرادها، وإيجاد روح التعاون والمحبة، وكلما سما هدف المتطوع كان عمله أكثر قيمة، وأوسع خيراً، وأعظم فائدة. والمتطوع يرى ما لا يراه المسئولون بحكم احتكاكه بعامة الناس ورؤيته الأمور على حقيقتها، وهو بحكم ما في قلبه من محبة للناس يندفع إلى مساعدتهم، وبحكم إيمانه يحب لهم ما يحبه لنفسه، وبحكم ثـقافته يرى الوضع بنظرة شمولية. إن من يعيش أجواء الأعمال التطوعية لا يحب أن يغادرها، ويشعر بتفهم عميق لنفسية من يشاركه إياها.. أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع، والعمل التطوعي ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجموعات البشرية منذ الأزل ولكنه يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع إلى آخر، ومن فترة زمنية إلى أخرى، فمن حيث الحجم يقل في فترات الاستقرار والهدوء، ويزيد في أوقات الكوارث والنكبات والحروب، ومن حيث الشكل فقد يكون جهداً يدوياً وعضلياً أو مهنياً أو تبرعاً بالمال أو غير ذلك، ومن حيث الاتجاه فقد يكون تلقائياً أو موجهاً من قبل الدولة في أنشطة اجتماعية أو تعليمية أو تنموية، ومن حيث دوافعه فقد تكون دوافع نفسية أو اجتماعية أو سياسية. التطوع في العمل خيري هو وسيلة لراحة النفس والشعور بالاعتزاز والثقة بالنفس عند من يتطوع؛ قال أمير المؤمنين عليه السلام في رسالته إلى مالك الاشتر:))ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لا حِيلَةَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاكِينِ والْمُحْتَاجِينَ وأَهْلِ البؤس والزمن... وتَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لا يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُيُونُ-أي تستصغره- وتَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ، لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْيَةِ والتَّوَاضُعِ فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ)) لأنها فعالية تقوي عند الأفراد الرغبة بالحياة والثقة بالمستقبل حتى أنه يمكن استخدام العمل التطوعي لمعالجة الأفراد المصابين بالاكتئاب والضيق النفسي والملل؛ لأن التطوع في أعمال خيرية للمجتمع يساعد هؤلاء المرضى في تجاوز محنتهم الشخصية والتسامي نحو خير يمس محيط الشخص وعلاقاته، ليشعروا بأهميتهم ودورهم في تقدم المجتمع الذي يعيشون فيه، مما يعطيهم الأمل بحياة جديدة أسعد حالاً. يجب علينا أن نحافظ على مرحلة الشباب، ولا نضيعها في اللهو والإعمال الباطلة بل نستغلها في أعمال الخير، وإصلاح المجتمع عن طريق المبادرات والتطوع في الأمور الميدانية ولنبادر بالتغيير. تعد المسؤوليات الاجتماعية للشباب من المسؤوليات الصعبة والمهمة، لأنها تتطلب التضحية والبذل والعطاء، الأهداف المشتركة لها قدرة كبيرة على أن تجعل كل الطاقات في بناء العراق الجديد. بناء العراق الجديد يتم بأن يتصدوا الشباب من طالب وكاسب، موظف وعامل، رجل وامرأة وغيرهم للملمة الأمور وسد الثغرات، وتفعيل الطاقات وتعبئة الكفاءات، والنهوض بكافة شرائح المجتمع وذلك عبر التطوع في البرامج الميدانية والإنسانية والخيرية ونشارك في المبادرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرهم في كل مدينة وقرية، وعشيرة وعائلة، للقيام بملئ الفراغ من جميع الاتجاهات، وقضاء الحاجات، وبذلك يصبح عراق الغد عراق الخير والرفاه، فشباب العراق اليوم هم صانعوا عراق الغد.
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الاول