حجم النص
بقلم:المهندس سـرمـد عـقـراوي رجعت الى العراق بعد غربة دامت 32 سنه وكان ذلك قبل 7 سنوات تقريبا. يقول احد الحكماء بأن الانسان يصاب بالكآبه عندما تكون توقعاته للحياة عاليه ؟! أما أنا فلم اطلب او اتوقع أي شيئ الا البساطه والقناعة ؟! ولذلك فالحمد لله لقد اعطاني الله على قدر نيتي ؟! فأنا فعلا اعيش في العراق ولا اعتقد بأنكم تعيشون في العراق مثلي ؟! والعراق الذي اعنيه سوف اشرحه لكم باختصار شديد. لن اذكر لكم المكان وهو المدينه التي اعيش فيها لان المدينه ليست مهمه بقدر ما فيها من سكان ومنه فالجنه بدون ناس ماتنراد ؟! ومنه فالجار قبل الدار ؟! ومنه جيراني. جاري الأول (شيعي) مهندس من كربلاء ومن العشائر المعروفة هناك. جاري الثاني (شيعي) مهندس من الكرادة عمل في الامارات لمدة 15 سنه ثم عاد الى العراق. جاري الثالث (سني) تكريتي (شيوعي) يرفض البعث جملة وتفصيلا بل كان هاربا خارج العراق ثم عاد بعد السقوط. جاري الرابع (سني) جبوري مهندس متقاعد كان من انصار الزعيم عبدالكريم يكره البعث كرها شديدا على الرغم من ان اغلب اقاربه من عتاة البعثيين الصداميين. جاري الخامس (سني) دليمي تاجر اتهم بالتلاعب بالاسعار أيام النظام السابق وهو من المغضوب عليهم. جاري السادس (سني) كردي من بغداد متقاعد يتألم على فراق بغداد ويحبها جدا جدا وكل ما يرويه لي هو ذكريات العصر الذهبي هناك. جاري السابع (شيعي) كردي فيلي ضاقت به الدنيا في ديار الغربه لمدة 20 سنه. جاري الثامن (مسيحي) من زيونه في بغداد يرفض الهجرة على الرغم من توفر الفرص له ومن زمان ؟! قال لي مرة: العراق مبني على المحبه ولن اتركه ابدا. في كل صباح اجلس في الحديقه وافتح باب الكراج على مصراعيه فيأتي جيراني كل على حده ومرات مجتمعين لشرب الشاي , وأكل الفطور جاري ابو فلان جايبلنا لحم بعجين وجاري ابو فلتان جايبلنا كاهي بالكيمر وجاري ابو علتان جايبلنا مخلمه ؟! نجتمع على أكل الفطور في حب العراق وسوالف وذكريات زمن العز والعصر الذهبي في السبعينات. كل فرد من جيراني يسولف لي عن ما يدور في العراق من وجهة نظره وطبعا استنادا الى خلفيته القوميه والمذهبيه والدينيه ؟! ما احبه فيهم بأن الكل مجتمعين على حب العراق ومنه فكل جيراني يكرهون داعش والصداميين والحراميه من الحكومة والبرلمان ؟!. في كل يوم اسمع اخبار من جيراني ؟! منهم من يقول: ابن عمي اليوم وصل مع عائلته من بغداد (وترك العراق الآخر) ليعيش هنا ؟! وآخر يقول: اختي جتي من الفلوجه وتركت (العراق الآخر) لتعيش هنا ؟! وآخر يقول: صديقي ترك ديالى ليعيش هنا , وغيرهم من الاقارب والاصدقاء ومنهم من ترك بريطانيا او السويد او كندا او المانيا ورجع الى العراق بعد سنيين الغربه فاحمد الله على توفيقه لهم بالانضمام الى محلتنا العراقيه. اتمنى ان يعيش كل العراقييون في محله مثل محلتي يجتمعون فيها على حب العراق. لم تزل ياعراق آية للبشر من يوم ابونا آدم والى يوم الحشر
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى