- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بصراحة ابن عبود ...اكراد، سنة، وشيعة هذا الوطن خنبيعة!
حجم النص
بقلم :رزاق عبود
كثر الحديث في الاونة الاخيرة، وعزفت نغمة التقسيم مرارا، ما بين محذر منه، وداعيا اليه. ليكشف النيات السيئة، والمخططات الخبيثة. فذاك يطالب بفدرالية شيعية، واخر باقليم سني، والثالث، الذي يقف وراء، ويحرض على كل الدعوات يطالب بانفصال المحافظات الشمالية ذات الاغلبية الكردية، وتكوين دولة كردية "مستقلة" باسم "حق تقرير المصير"!
زعماء الشيعة، يستخدمون هذه الدعوة كفزاعة، وتهديد، وبتحريض من ايران، وبنفس الوقت لتهديد ايران احيانا. زعماء السنة، الذين حاربوا الفدرالية، ووقفوا ضد الاقاليم، وطالبوا باعادة كتابة الدستور يستخدموها للابتزاز السياسي "اللعب على الحبلين بالعراقي الفصيح"، ولتهديد زعماء الشيعة بالتقسيم، اوتكوين "الاقليم السني"، ولمغازلة الزعماء الاكراد، الذين يشجعون ذلك، للحصول على دعمهم في هذا الاتجاه التخريبي لوحدة العراق التاريخية، والجغرافية. احيانا يلعبون على حبال الدول الاقليمية التي لا تريد للعراق خيرا. زعماء الاكراد(ليس الاكراد) يحرضون، ويسعون، ويتأمرون لانشاء الاقاليم كممهد، ومبرر لتقسيم العراق. لتحقيق "المشروع الاسرائيلي" في تكوين دولة كردية "مستقلة" في شمال العراق. ليس حبا بالاكراد طبعا، وانما لاضعاف العراق، وابتزاز تركيا، والضغط على ايران، وتفتيت سوريا. لا يقصدون ابدا الطموح المشروع للاكراد في انشاء دولتهم القومية، او في الاقل منحهم حق تقرير المصير في الدول التي يعيشون ضمنها.
لكن كل هذه المشاريع، والخطط، والمؤامرات تصطدم بعقبات حقيقية. فالاقليم الشيعي، اذا انشأ، ستبتلعه ايران، ويغص بلعومها باعداد غفيرة من السنة الموجودين في "اقليم" الجنوب، والوسط ذو الاغلبية الشيعية. اضافة الى انقسام العشائر الكبيرة مابين سنة وشيعة. كما ان الشعور القومي سيزداد بعد التحاقهم مع عرب الاحواز المغتصبة فتندلع حرب قومية بين شيعة الفرس، وشيعة العرب. حينما يصبح العرب اغلبية في ايران، ويعاملون كاقليه كما يشعر السنة الان في العراق بسبب السياسة الطائفية.
بغداد عصية على التقسيم ففي كرخها، ورصافتها تعايش الشيعة، والسنة منذ مئات السنين، وناضلوا، وتضامنوا، وتظاهروا ضد عدو مشترك عندما كانت المواطنة، والوطنية هما المقياس، قبل ان ياتي الاحتلال، وعملائه، ومشاريعهم الطائفية. افتعلت الحرب الطائفية بوصفات عنصرية بهدف تصفية المناطق السنية من الشيعة، والمناطق الشيعية من السنة. ثم اكتشف الطرفين انها مؤامرة دولية، واقليمية، وبحر من الدماء لا ينتهي، ومدينة واحدة لا تقسم مهما نصبوا من كتل، وحواجز، واسوار كونكريتية. بغداد فيها ايضا الاف المسيحيين، والصائبة، والتركمان، والايزيدية، والارمن، وملايين الاكراد(سنة، وشيعة)، وغيرهم فعلى اي قسم، او اقليم، او طائفة سيحسبون.
الاقليم السني، اذا انشأ، لن يجد هدوئا، واستقرارا ابدا، فالدول الاقليمية كلها طامعة فيه. الاحزاب، والجبهات متعددة الاتجاهات، والولاءات، والارتباطات الاقليمية، وعشائره مسلحة حد الاسنان، وذات حس قومي، ووطني عاليان. كما ان بقايا البعث المسلحة تتمركز هناك مثلها مثل القاعدة، والتنظيمات الارهابية الاخرى. اضافة الى ان معاداة الفيدرالية ورفضها متاصلة في نفوس الاغلبية الساحقة مما يسمى "المكون السني". ومهما حاولت تركيا، او السعودية، او الاردن، او قطر، فلن ينجحوا في توحيد سكان المنطقة على مبدأ الفيدرالية، والتقسيم.
ان زعماء الشيعة، مثل زعماء السنة، وزعماء الاكراد يحاولون تاجيج، واستغلال المشاعر القومية الضيقة، والطائفية البغيضة، ومعاداة روح المواطنة العراقية من اجل ترسيخ الفرقة بين ابناء الشعب الواحد. فزعماء الاكراد ما فتئوا يتحدثون عن العراق "المصطنع"، والخارطة "المجمعة"، و"سايكس بيكو" و"كيان افتعله البريطانيون"، وغيرها من سخف الادعاءات، والاكاذيب. متناسين عن قصد ان الاحتلال البريطاني جاء "لتحرير" العراق، كل العراق، بولاياته الثلاث البصرة، وبغداد، والموصل. العراق، الذي بناه سكانه الاصليين من سومريين، وعيلاميين، وبابليين، واشور، وكلدان، وسريان، وصابئة، وغيرهم. العرب سكنوا العراق قبل الغزو الاسلامي، وكانت لهم دولهم، وحواضرهم، وحضارتهم. الاكراد نزحوا من ايران اثناء الاحتلال العثماني للعراق، وكانت لهم اماراتهم. فلا يحق، ولا يجوز لعرب الجزيرة ضم العراق الى الحجاز، ولا لاكراد الشمال ضمه الى تركيا، او ايران. الشعب بكل مكوناته يرفض هذه التقسيمات التي لاتضمر غير الشر للجميع.
علق احد الاصدقاء الكرد مرة قئلا: "لايمكنني تصور العراق دون زاخو، او الفاو" وقال اخر كنا نبيع العسل "عسل شمال" في شوارع البصرة، ونعود بهدايا من التمر بانواعه. غالبا ما نحصل عليه مجانا عندما يسمعون لكنتنا الكردية. بالمقابل رفض اكثر من صاحب مطعم، وفندق في السليمانية، واربيل اخذ الثمن عندما عرف انني من البصرة. اذا كان البعض يدعي، تحاملا، ان العراق الحديث اسسه وحكمه السنة، فهذا شئ يحسب لهم لا عليهم. الجواهري الكبير الشيعي لقى كل الاحترام، وكذلك المرجعيات الشيعية من "الحكم السني". وزعيم ثورة تموز عبدالكريم قاسم الذي دمر حلف بغداد بثوره شعبية يقبل يدي محسن الحكيم في المستشفى. كافئه الحكيم بعد ذلك بتحالفه مع البعث، والاقطاع، والشاه، وشيوخ الكويت ضده. نفس الزعيم الذي اعلن ان العراق "وطن مشترك للعرب والاكراد". واستقبل ملا مصطفى البرزاني استقبال رسميا، وشعبيا كبيرا. قابله الملا بالتحالف مع البعث، والشاه، والموساد. زعماء السنة التقوا في معاداتهم للثورة الوطنية، وزعيمها قاسم مع زعماء الشيعة، وزعماء الاكراد،عندما الغت الثورة قانون العشائر، وسنت قانون الاصلاح الزراعي، وقانون الاحول الشخصية الذي انصف المرأة العراقية. وهاهم "الزعماء" يجتمعون اليوم على تقسيم العراق وطنا، وشعبا، وتحويل العملية السياسية برمتها الى محاصصة لتوزيع المناصب، وتقاسم ثروات البلد بينهم، وابقاء العراق ضعيفا، متخلفا، ممزقا، خدمة لرغبات اسيادهم من وراء الحدود، واستمرار نهبهم لثرواته.
قد يبدو الامر ساذجا، بسيطا، رومانسيا، لكنني اراهن على الشعب العراقي وقواه الحية، لعزل هؤلاء المتزعمين عليهم. ان عزوف 65 من الشعب العراقي عن المشاركة في الانتخابات المحلية الاخيرة، يعكس صورة واضحة عن رفض الشعب العراقي لتسلط زعماء الطوائف. ولن يكون اليوم بعيدا ليكون مصيرهم مثل مبارك، والقذافي، وبن علي، واخرهم محمد مرسي، وسبقهم الشاه، وصدام. ستخرج الجموع من الشمال الى الجنوب بعد صحوتها التاريخية، وتعود الى وطنيتها العراقية، وهي تكنس زعماء "من قلة الخيل" وتهتف مدوية:
اكراد سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعة
أقرأ ايضاً
- أسطورة الشعب المختار والوطن الموعود
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟