- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
إنهيار مشروع الإسلام السياسي ..!
حجم النص
بقلم : شاكر فريد حسن
لا جدال في ان الحدث المصري لا يزال هو الطاغي على المشهد السياسي الحالي ومسلسل الاحداث في المنطفة ، ويثير جدلاً واسعاً صاخباً بين الأوساط الشعبية والسياسية والفكرية والثقافية المختلفة .
ففي حين يرى البعض ان ما حصل في مصر من عزل وازاحة الدكتور محمد مرسي عن كرسي الحكم هو انقلاب عسكري قام به الجيش المصري على الشرعية ،يرى آخرون ، وأنا منهم ، انه تسونامي جماهيري وشعبي جاء لتصحيح مسار ثورة 25 يناير ، التي اشعلها وفجرها شعب مصر العروبة بهدف التخلص من حكم الاستبداد والظلم وتصفية مظاهر الفقر والجوع والحرمان والفساد السياسي والاداري ، ولأجل العيش الحر الكريم وتوفير رغيف الخبز بشرف وكرامة ، وفي سبيل الحرية والديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية وتاسيس الدولة المدنية العصرية الحضارية القوية .
ان ما حدث في مصر هو في الواقع سقوط مدوٍ لمشروع الاخوان المسلمين وانهيار لايديولوجية "الاسلام السياسي " التي بدأت كظاهرة سياسية جديدة مع صعود وتنامي وانتشار الجماعات والتيارات السلفية الاسلاموية التكفيرية عقب الثورة الايرانية وانتصار الحكم الخميني ، وبعد فشل واخفاق وتعثر مشروع النهضة والخطاب النهضوي الحداثوي، وقد حدث هذا الانهيار والسقوط أسرع مما توقعه الكثيرون .
هناك من يعتقد ويؤمن بأن الدكتور محمد مرسي وصل الى سدة الحكم بالمعايير والاساليب الديمقراطية ، وهذا صحيح ، لكن هذا لا يعني ان هذه الصناديق هي تفويض للرئيس ليعمل ما يشاء، غير آبه بالقطاعات الشعبية التي اوصلته للحكم ، وتجيير نتيجة الانتخابات لصالح جماعته وامارته وعشيرته . فمرسي خلال عام واحد من حكمه ارتكب اخطاء فادحة وشنيعة وتنكر لوعوده ولخطابه قبل تسلمه السلطة ، حيث كان خطاباً ثورياُ ، واعداً بانتهاج سياسة معادية ومناهضة لامريكا ومشاريعها في المنطقة ، ولكن شتان بين القول والفعل ، وبين التنظير والشعار والخطاب والممارسة .
ومن أخطاء مرسي الاعلان الدستوري الذي يمنحه الاستئثار بالسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والقضائية ، وهذا لم يحصل في مصر منذ عهد الفراعنة ، وسعيه الدؤوب لـ "أخونة " الدولة بغية اقامة دولة الخلافة الاسلامية ، فضلاً عن تعامله مع المعارضة بشكل فظ ، فلم يحترم الفكر والرأي الآخر واستخدم لغة وفكر الاقصاء والتخوين والتكفير بحق معارضيه .
وفي ظل حكم الاخوان برئاسة مرسي لم يطرأ تغيير على الاوضاع المعيشية والاقتصادية ، بل ازدادت سوءاً ،فزاد الغلاء وارتفعت الاسعار وتعمقت مظاهر الفاقة والفقر والبطالة بين الطبقات الشعبية المصرية المسحوقة الكادحة ، ما جعل الملايين من المصريين الخروج للشوارع والميادين مطالبين باسقاط مرسي وحكم الاخوان ، وهذا ما كان حيث سقط حكمهم امام ارادة وشرعية الشعب المنتقض الغاضب ، ولم يبق امام الجيش المصري سوى عزل وابعاد مرسي عن السلطة . وبهذه الخطوة اثبت هذا الجيش وطنيته ونزاهته وانحيازه للشعب ووقوفه مع ارادته ، حيث رأى ان هذا هو الخيار الوحيد لحقن الدماء ومنع تدهور الأوضاع والأحوال في مصر نحو العنف وجر البلاد الى حرب اهلية طاحنة لا تحمد عقباها ، ولمنع تعمق حالة الانقسام والفوضى الخلاقة وتوفير الفرصة لكل اشكال الصراع السياسي والحزبي والطائفي والمذهبي .
في المحصلة ، لقد اخفقت تجربة الاخوان المسلمين في مصر ، وانتهت حقبة تاريخية فاشلة من حكمهم . والمطلوب الآن هو استخلاص العبر واستيعاب الدروس، لكي لا تتكرر التجربة السورية في مصر، وضع دستور يلبي طموحات واماني الشعب المصري بكل فئاته ومكوناته ومركباته واجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ديمقراطية بدون غش وخداع واحتيال ، وعاشت مصر حرة ابية .
أقرأ ايضاً
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود