- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رسالة إلى الشهيد السعيد الشيخ حسن شحاته
حجم النص
بقلم : عبود مزهر الكرخي
لقد قررت الكتابة منذ سماعي بالفاجعة الأليمة التي ألمت بهذا الشيخ الجليل حيث تم اغتياله وبصورة وحشية وبشعة يندى لها جبين الإنسانية من هذا الفعل المجرم له ولمن معه من الشيعة ولكن الكلمات والقلم يخونني لأكتب ما يدور في داخلي من خواطر وخلجات أليمة يعتصرها الكثير من الحزن والأسى لما حدث في هذه الجريمة النكراء والتي أثبتت للعالم كله من هم دعاة الطائفية ومن هم مروجي الفتن والقتل على الهوية والتي كانوا يتهمون مذهب أهل البيت والموالين بذلك والتي قدمت هذه الفاجعة بقتل هذه الثلة المؤمنة والصادقة مع ربها ونبيها وأئمتها وبلا رتوش ماهية هؤلاء الحفنة من أدعياء الدين والذين هم عبارة عن حثالات امتهنت القتل وممارسة كل الأفعال المجرمة والحرام بدعوى الدين وليرفعوا شعار التكبير بعد كل فعل مجرم يقومون به وبذلك يقوموا بتلويث اسم الذات الآلهية بأفعالهم النكراء والتي تدلل على وجود برنامج ممنهج ومدروس من أجل تشويه ديننا الحنيف واستئصال كل من يخالفهم وبالأخص الموالين من أهل البيت وليعيد التاريخ نفسه من الأفعال المجرمة للخوارج وبني أمية فهم أحفاد هؤلاء المجرمين وبامتياز بل ويفوقونهم من ناحية الغدر والكراهية والأجرام.
فإليك أيتها الروح الخالدة أوجه رسالتي والتي كانت عصية عليَّ كتابتها لأن الحروف والكلمات كانت تضيع من أمامي عندما أمسك قلمي لجلالة الموقف وعظمته لأكتب عنك والتي كنت أحار من أين أبدأ؟ وماذا أكتب؟ لأن روحك قد سمت وعلت وأصبحت في منزلة لا يسمو إليها أي أحد من عالمنا السفلي.
فكان استشهادك وسفك دمك الشريف والغالي على كل موالي هو الضريبة التي يجب أن يدفعها الثائر من أجل أقرار قضيته ولكي تكون بالتالي النبراس الذي يضيء لشيعتك في مصر للتقدم إلى الأمام في سبيل نشر مذهبهم وكذلك هو قنديل يضيء على الشيعة في العالم كله وللإنسانية كلها ولتصبح بالتالي وكما حدث في واقعة الطف قضيتك هي انتصار المظلوم على الظالم والذي تحول هذا الدم الشريف الطاهر إلى لهيب يحرق كل الظلمة والمجرمين ولا يبقى لهم باقية ولتلحق هذه الروح الطاهرة مع الأرواح الطاهرة للصحابة المنتجبين من أنصار سيدي مولاي أبي عبد الله الحسين(ع) ولتصبح روحه مع أرواح السعداء في عليين.
كيف لا ولا تصبح قضيتك كما ذكرت وأنت التلميذ النجيب لمدرسة الحسين(ع) فكنت تعلم مواليك ومحبيك كيف كانت هذه النهضة العظيمة للحسين وضرورة تعلم الدروس من مدرسة أبي الثوار وقد تعلمت منها كيف تكون مؤمناً وشيعياً صلباً لا تهادن ولا تساوم في مذهبك فكنت بالمرصاد شوكة تفقأ كل عيون النواصب وكل المبغضين لآل البيت(صلوات الله عليهم أجمعين) وهذا ما عرفناك من خلال تسجيلاتك والذي أبيت إلا إن تفضح التزوير الأموي بمحاضراتك وكل كلماتك وقد عريتهم بالعلم والمنطق بحيث اصطف الموالون خلفك ويمشون ويدعموك وأصبح حب أهل البيت يتسع لدى الموالين ويزداد المد الشيعي في أرض الكنانة وكل هذا كنت تثابر وتعمل بصمت وبلا كلل من أجل ذلك ولا تأخذك في الحق لومة لائم وقد عريت معاوية وفضحت زيف السلفيين في أدعائهم أن معاوية كان من كتاب الوحي وأزلت كل التزوير والبهتان لذي كان يفترى على أهل بيت النبوة فكان جهادك هذا كله عمل دؤوب لا تبغي إلا مرضاة الله ونبيك وأمامك علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة المعصومين من ذرية الحسين(سلام الله وصلواته عليهم أجمعين)فكان إن جزآك الله خيراً وكافاك مكافئة عظيمة لم ينل أحد من عندنا تلك الشهادة العظيمة بان جعل لك هذه الشهادة الطاهرة والخالدة بعد أن أصبحت لكل أعدائك تمثل رقماً صعباً ولا يمكن النيل منك بالطرق الاعتيادية فكان أن سلكوا طريق الدم بقتلك لأن المجرم موجود في كل مكان وزمان ليتولى أسافل الناس قتلك بهذه الطريقة الوحشية وهم يعيدون تاريخ أجدادهم من بني أمية بقتلك بهذه الطريقة البشعة عندما قتلوا الصحابي الجليل محمد بن أبي بكر (رض) من أزلام معاوية فتلوه وأدخلوه في جوف حمار ثم أحرقوه ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه في تكرار ما فعله أجدادهم المجرمين.
فكان دأب الأجرام متأصل عندهم وهي نطفة يتوارثوها أبٍ عند جد وعندما رأيت جسدك الشريف يسحل في الشوارع وبكل هذه الهمجية بكيت وتذكرت أنهم هم أنفسهم أحفاد أبن مرجانة وبن سعد وشمرأً (عليهم اللعنة أبد الآبدين)عندما قتلوا سفير الحسين مسلم بن عقيل(ع) وهانئ بن عروة (رض) فسحلوا أجسادهم الطاهرة في أسواق الكوفة وهذه هي مأساة التاريخ في انه يعيد نفسه وبنفس الأجرام بل وأشد وطأة.
فيا أيها الشهيد الخالد تصوروا هؤلاء الحثالات أنهم عندما يقتلوك سوف يمحو ذكرك وذكر مذهبنا ولكنهم نسوا قول العقيلة زينب الحوراء(ع) ليزيد (لعنه الله) بقولها { كد كيدك واسع سعيك فو الله لن تمحو ذكرنا ، فالقتل لنا عادة والشهادة لنا كرامة} وبالفعل كانت شهادتك خالدة ليصبح أسمك وشخصك الكريم حاضر عند كل موالي شيعي بل وعند كل مسلم شريف وإنسان شريف يؤمن بقيم الحق والعدالة ولتصبح قضيتك هي التي تحرق كل من اغتالوك وكل من أراد بل الغدر والأجرام ولترفع شهادتك لتصبح أحدى الألوية والمنارات التي يستدل بها الثوار والأحرار وهاهي بلدك مصر الحبيبة قد انتفضت من شمالها إلى جنوبها لتسقط كل كراسي هؤلاء المجرمين أدعياء الدين وليصبح دمك الغالي والطاهر هي شرارة الثورة التي تسقط هؤلاء الأوغاد وهذا هو نصيب الثوار في أنهم دمائهم الزكية تقدم كقربان على مذبح الحرية.
وليصبح اسمك وصورتك توضع عند كل موالي يفتخر ويضعها كصورة شخصية له في الفيس بوك والنت ولتصبح قضيتك هي قضية كل إنسان شريف ولتنطلق المظاهرات في بلاد العالم تستنكر هذا الفعل المجرم وليقف كل هؤلاء أجلالأ واحتراماً لما قمت به من عمل عظيم حباك الله به ولتهنأ روحك الخالدة وأنت تقابل ربك ونبيك وأمامك علي وفاطمة والحسن والحسين(سلام الله عليهم أجمعين) وهم راضين عنك وهم من يدخلوك الجنة راضين عنك وعن عملك الخالد ولتستحق الشهادة بفخر ولتهنا روحك وليصدق كلام الله سبحانه وتعالى في ذكر الشهادة ومنزلة الشهداء العظيمة بقوله جل وعلا { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [سورة آل عمران].
فالسلام عليك أيها الشهيد السعيد الشيخ حسن شحاته يوم ولدت ويوم أستبصرت وتشيعت والسلام عليك يوم استشهدت وطالت يد الجرام والغدر جسد الطاهر والسلام عليك يوم تبعث حياً مع السعداء والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أقرأ ايضاً
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة