حجم النص
كتاب "إغلاق عقل المسلم"، للباحث والأكاديمي الأميركي، الخبير في تاريخ الإسلام، الدكتور روبرت رايلي.
يرى رايلي في كتابه، أنَّ سبب الإرهاب الَّذي يُلصق بالإسلام، ليس ظرفاً مادياً واقتصادياً، كالفقر والحرمان، وإنما هو خلل أصاب عقل بعض المسلمين نتيجة تطوّرات في الفكر الإسلاميّ منذ بداية القرن التّاسع الميلاديّ.
وفي مقدمة كتابه، يشير الأكاديمي الأميركي إلى أنّه يبحث في كيفيّة تعامل السّلف من فقهاء الإسلام مع العقل، وتلقيح الثّقافة الإسلاميّة بالفلسفات الإغريقيّة، وبخاصة فلسفة أرسطو، كما حصل للمسيحيَّة مع أوروبا.
ويتساءل عن عدم حصول نهضة في العالم الإسلامي، كالَّتي حصلت في أوروبا إبان عصر النَّهضة، معتبراً أن ذلك يعود إلى تعطيل العقل ودوره في العالم الإسلامي، فلولا إعمال العقل وحبّ المعرفة والاكتشاف، لما تطوَّرت آفاق الإنسان وتوسَّعت مداركه ونتاجاته، بل كان ليبقى أسير البدائية والجهل، إذ إنَّ فضول الإنسان هو الدّافع الحقيقي وراء تقدّمه الحضاري والعلمي. ومن جهة ثانية، يرى الباحث أنَّ إعمال العقل في البحث والمناقشة، يؤدي إلى زعزعة الإيمان التقليدي، وبالتالي ليس مستغرباً أن نسمع اليوم بفتاوى غربيَّة يتغذى عليها الإرهاب والتطرّف، كما يقول.
ويلقي الباحث اللوم على العالم الإسلامي، لفشله ليس كدين سماوي، وإنما لسيره في طريق الانتحار الثقافي والفكري الذي حصل قبل أحد عشر قرناً.
مع ذلك، فهناك مسلمون يعرفون علّة المشكلة وعلاجها، ولكن لا أحد يصغي إليهم ويدعمهم ويحميهم، فهناك معركة قائمة داخل الإسلام ذاته، يحاول الباحث أن يفهم أبعادها ونتائجها.
ويعتبر الباحث أنَّ المشكلة الأساسيّة كانت في علم الإلهيات والأديان، بمعنى قواعد الفهم المبكرة التي انطلقت لمقاربة المفاهيم الإسلاميّة وتعاليم القرآن، وهو ما أدى إلى إغلاق عقل المسلم وتكبيله.
ويستنتج في نهاية المطاف أن الإرهاب الذي يسمّي نفسه إسلامياً، هو نتاج واضح لإغلاق عقل المسلم، وبالتالي تخلّفه. وهذا الإغلاق، بحسب رايلي، بدأ مع مدرسة الأشاعرة التي حرمت الواقع من النمو والتطور العلمي، معتبراً أنَّ المسلم اتكالي لا يثق بقدرته، وهو ما أدى إلى الجمود، فمنح الأولوية للعقل شرط ضروري وأساسي للتقدم الحضاري والسّياسي.
ويرى المؤلف أنه لولا فلسفة الأشاعرة وحربهم الضروس على مدرسة المعتزلة العقلانية، لما تم تعطيل العقل وشلّ الفكر.
ويتحدَّث عما أخذه الإسلام السياسي من الغرب، فيرى أن هناك تشابهاً بين بعض الأفكار في الإيديولوجيات الشموليَّة الغربيَّة والأشعريَّة في الإسلام، فعلى سبيل المثال، ما يوجد من تشابه بين فلسفة الأشاعرة وفلسفة نيتشه في تمجيد الإرادة الخالصة لله وأداتها وهي القوة عند نيتشه، فإذا كانت الأولوية للإرادة والقوة، فذلك ما يؤثر سلباً في الواقع، لأن العقل مغيّب عن إدارته.
كتاب يقع في 244 صفحة من الحجم الوسط، وهو جدير بالمطالعة لمعرفة الرأي الآخر ووجهة نظره حول أمور حيويّة وحسّاسة.
أقرأ ايضاً
- خبيرة تكشف سبب خلع ضرس العقل
- كلية الطب تكرم الطالبة زهراء خلف محمود لأكتشافها خطأ علميا" في كتاب "التشريح المرجعي المعتمد عالميا
- صدر حديثا :"كربلاء باقلام رجال الفكر العرب والمسلمين والاجانب" كتاب جديد للباحث سعيد رشيد زميزم