عند شمال الموصل، هناك بوابة معدنية مزخرفة تفصل الشارع الرئيسي لطريق المرور السريع . ووراء تلك البوابة ، تشع الالوان الثلاثة للعلم الكردي الذي تتكاثر اعداده في هذه المنطقة التي تبعد 32 كيلومترا جنوب حدود الاقليم الكردي في شمال العراق .ولا يخاطر لا الجيش ولا الشرطة العراقيين بتجاوز تلك البوابة. وبحسب الصحفي الاميركي دانيال وليامز من شبكة (بلومبرغ) ، فان هذا المشهد المتغير، يعكس التوسع القاسي للقوات الكردية داخل الاراضي بعيدا عن الحدود الرسمية المصادق عليها لاقليمهم . ويقول الاكراد ببساطة انهم يستعيدون الاراضي التي كان يعيشون فيها قبل ان يبعدهم عنها صدام حسين. ولكن هذه الخطوات، تتسبب بخلق توتر قابل للانفجار في المناطق العرقية المختلطة من الاكراد والعرب والاقليات الاخرى في الوقت الذي تتهيأ فيه القوات الاميركية للانسحاب من العراق. يقول الرائد عبدالله وهو ضابط كردي من القوات التي تتمركز في تلكيف على بعد عشرة كيلومترات جنوب الموصل : ((نحن نقوم بتوفير الامن في الاراضي التي تعود الينا، وكان صدام قد طرد الاكراد وجاء بالعرب ، وعاد الاكراد وهرب العر ب ، واذا جاء الجيش العراقي، فانه سيطعننا من الخلف ويطرد الاكراد مرة اخرى)). وقد امتنع عن ذكر اسمه الكامل لاسباب امنية. وبحسب وليامز، فمنذ اسقاط صدام حسين في سنة 2003 بالغزو الذي قادته الولايات المتحدة ، فان البيشمركة الكردية قد سيطرت على مدن وقرى في محافظات نينوى والتأميم وديالى ، وهي مناطق غاب عنها الجيش العراقي وبدأ بالحضور البسيط منذ سنة 2004 . وكل هذه الاراضي تقع وراء الخط الاخضر أي حدود المحافظات الثلاث التي تكون حدود الاقليم الكردي المستقل ذاتيا والذي تحكمه الاحزاب الكردية بموجب اتفاقية مع الحكومة المركزية . وتقول المجموعة الدولية للازمات ، بان الادعاءات حول هذه الاراضي اذا بقيت بدون حل ، فانها يمكن ان تقود الى صراعات عسكرية . وبحسب تقرير لتلك المجموعة فانه : ((مع استعداد القوات الاميركية للانسحاب في السنتين المقبلتين، فان فعالية واشنطن سوف تتضاءل، وبموازاة ذلك سوف تتضائل امكانية التوصل الى اتفاقات تحل تلك المشاكل، والبديل الاكثر احتمالا للاتفاق هو انفجار جديد للصراع العنيف حول الادعاءات التي لم تتم تسويتها ضمن سياسات متشطية يقودها الخوف والفوضى)). وبموجب اتفاقية صوفا الموقعة بين بوش والمالكي فان القوات الاميركية يجب ان تكون قد اتمت انسحابها من العراق بنهاية سنة 2011 ، وفي الشهر الماضي اعلن الرئيس اوباما عن خطته بسحب جميع القوات الاميركية باستثناء 50 الف بنهاية شهر اب من السنة المقبلة، وتلك المتبقية سوف تتخصص بتدريب ودعم القوات العراقية. ومن غير الواضح فيما اذا كان سيتم حل مشاكل هذه الاراضي المتنازع عليها بحلول تلك الاجال المتعلقة بانسحاب القوات الاميركية، في الوقت الذي تحتفظ الولايات المتحدة بعلاقات صداقة مع كلا الطرفين، رئيس الوزراء نوري المالكي، والذي يحاول الاحتفاظ بالعراق موحدا في وجه العنف الطائفي والمناطقي، والاكراد الذين قدموا قواتهم لتسكين واخماد التمرد ضد القوات الاميركية في العديد من المناطق العراقية. والاراضي المتنازع عليها تتضمن مدينة كركوك التي يعمل الاكراد على امتصاصها الى اقليمهم الكردي والسيطرة على ثرواتها النفطية الغنية في وجه معارضة الحكومة المركزية . وقد لجأ رئيس الوزراء الكردي نيجرفان بارزاني تدخل القوات الاميركية في 17 شباط الماضي ، وقال في مؤتمر صحفي في اربيل : ((ما نفهمه من انسحاب مسؤول هو ان الولايات المتحدة يجب ان تحل المشاكل القائمة في العراق ومساعدة العراقيين لمواجهة هذه المشاكل)).
والقوات الاميركية التي تقوم بدوريات في الموصل ومناطق شمال البوابة ، ليس لديها النية للعمل كمحكم، كما قال الكولونيل غاري فولسكي قائد احدى التشكيلات الاميركية في تلك المناطق. ووصف مهمة القوات الاميركية بانها لمواجهة المتمردين السنة والقاعدة، وقال فولسكي:((التوترات الكردية – العربية يجب التعامل معها ولكننا لانستطيع لعب دور الوسيط)).
وبحسب وليامز، فانه بخلاف التوترات العراقية، فان المعركة في الشمال هي قائمة ليس على اساس الدين، ولكن على اساس النزاعات العرقية بين الاكراد والعرب. وبعد سقوط صدام حسين، فقد هرب الالاف من العرب من قرب الحدود الكردية والتي احتلها الاكراد. واصبحت كركوك مدينة مختلطة ديمغرافيا ، ويقول الاكراد انهم يكونون 40 % من سكانها، ويقول العرب انهم يكونون نصف سكانها، ويقول التركمان ايضا انهم يكونون نصف سكانها. وقد تم الغاء الانتخابات المحلية التي جرت في 31 كانون الثاني الماضي في مدينة كركوك ، لانه لايمكن تحديد من هو من السكان وبالتالي المؤهل للاقتراع في الانتخابات. ومع ترك الاستفتاء على مدينة كركوك جانبا ، فان الحكومة المركزية تخطط لاصدار دليل للاستثمارات الاجنبية في النفط في شهر نيسان القادم. واثنان من الحقول النفطية المتيسرة هي قرب كركوك ، حيث يقول الاكراد بانه فقط لهم الحق لعقد اتفاقات حولها في مقابل اعتراضات الحكومة الوطنية . وفي الموصل فان مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردي منتشرة في العديد من القرى وهي الاحزاب التي يتكون البيشمركة منها ، وهذه القوات تحتل سد الموصل وهو المنتج لاكبر طاقة كهربائية في العراق والذي يوجد على بعد 50 كيلومترا شمال غرب الموصل . ويقول الكولونيل بنجامين ماثيو قائد احدى التشكيلات الاميركية : ((انهم – الاكراد – يتحكمون بغلق الكهرباء))، وقال بانه لم يتم ضم ايا من الوحدات الكردية في الجيش العراقي . وفي الموصل ، كان العقيد فاضل من قادة الجيش العراقي اكثر عطوفا مقارنة بالعقيد عبدالله من القوات الكردية في تلكيف وقال :((ان الاكراد يتحدثون هكذا لانهم خائفون ، وهذا الامر مفهوم لان هناك تاريخا سيئا .وبالاخير فان القوات العراقية ستسيطر ولكن بعد قرار سياسي وليس بالقوة العسكرية)).
الملف برس
أقرأ ايضاً
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية