حجم النص
بقلم :هادي جلو مرعي
أخذت تظاهرات المدن السنية في العراق حيزا من الإهتمام الدولي ،وكان لوسائل الإعلام حضور لافت في تغطيتها والترويج لها بوصفها فعلا ثوريا يستهدف النظام السياسي القائم المتهم بالطائفية والتمييز وتهميش الشركاء في الوطن ،وكان الشعور السائد لدى الأوساط العربية والدولية أن يتحول ذلك الحراك الى ثورة بالفعل تمتلك عوامل القوة والقدرة على التأثير والتحريك والدفع بإتجاه مواجهة لن تسمح ببقاء الأمور على حالها السابق ماقد يوفر نوعا من الفائدة المتوخاة من التظاهر، ولعل أبسط تلك الفوائد يتمثل بتقديم تنازلات من نوع ما ،ولو بالحد الأدنى الذي يوفر عوامل زخم كبيرة وفاعلة للحراك السني المستاء من الحال التي صار عليها بعد سقوط نظام صدام حسين ،وهو شعور صحيح فالسنة في عهد صدام ليسوا هم السنة في العهد الحالي ،وهو ماينسحب على الشيعة الذين كانوا في حال وصاروا في حال آخر،من القدرة والنفوذ والقرار.
التظاهرات التي إنطلقت في مدن معنونة بالسنية في محافظات الأنبار وصلاح الدين وكركوك والموصل كانت عاصفة الى درجة أثرت في نوعية الخطاب السياسي والحراك الذي إعتاده الشارع العراقي، بل إن القيادات السنية التقليدية شعرت إنها ربما تكون خارج اللعبة فيما لو إستمرت في نمط عمل سياسي تقليدي لذلك بدأ بعض السياسيين بممارسة هواية التملق للمتظاهرين كما حصل لرئيس البرلمان السيد أسامة النجيفي ولشقيقه أثيل الذي يشغل منصب محافظ الموصل ،ومثل ذلك حصل لسياسيين تقليديين كصالح المطلك الذي تعرض لهجوم عنيف من متظاهري الأنبار الغاضبين .
واضح تماما إن هنالك سباقا محموما بين سياسي الخط الأول من السنة وسياسيي الخط الثاني فالذي أثار الزوبعة هو النائب المغمور أحمد العلواني بتصريحات نارية وصف فيها الساسة الشيعة بالخنازير، وهو ماأثار حفيظة المواطنين الشيعة الذين يقولون،إن وصف سياسي بحجم المالكي أو وزير بحجم فلان أو نائب بمستوى عال بهذا التوصيف ينسحب بالضرورة على عامة الشيعة لأن المالكي وسياسيي الشيعة يحتفظون بقدر من الشعبية لدى الشيعة ،والناس من أتباع الطائفة يحترمونهم ويعدونهم القدوة وحين يوصفوا بهذا الوصف فمن الطبيعي أن يشعر العامة من الأتباع إنهم تحت طائلة الوصف العلواني ،وبذلك يكون كل الشيعة خنازير وخونة وأبناء متعة كما وصفهم الكاتب السني المعروف والمقيم في لندن السيد هارون محمد .
في المقابل فإن المالكي الذي يحتفظ بشعبية واسعة بين أنصاره يمتلك قدرة تهييج الشارع الشيعي، وهو مايحصل بالفعل في هذه الأثناء في مدن الوسط والجنوب وفي بغداد التي خرجت فيها مظاهرات لايتاح للقادة السنة أن يخرجوا مظاهرات مثيلة لها لأسباب مرتبطة بالنفوذ والسيطرة ،وتظاهر الشيعة في الوسط والجنوب إن لم يكن يشير الى قوة أكبر تفوق قوة السنة لدى الشيعة فإنها تشير الى تعادلية أو موازاة وهو مايوفر الفرصة للتكافؤ..فالسنة يطلبون تغيير العشرات من القوانين وإلغاء بعض منها وتعديل أخرى وهو مايرفضه المتظاهرون الشيعة الذي يوفرون قدرا كافيا من الدعم للحكومة، وحينها يكون الطرفان في الشارع فلا ثورة ،ولاإنقلاب ولاإستسلام وهي النقطة المهة التي ستمكن المالكي من إرغام خصومه على القبول بالحوار كحل للأزمة دون الإستمرار فيها ،ولأن الإنقسام الطائفي لايتيح لأحد أن يتحكم بالكثير من المقدرات لإحداث تغيير واسع أو ثورة ،ولأن العراق هو تشكيل لاسبيل لإختراقه من ( سنة وشيعة وكورد )
أقرأ ايضاً
- إذا صام السَّيد السيستاني.. صام العراق
- من يتآمر على (الشيعة) ؟ ستفاجئكم أجابة الأرقام !
- القنوات الفضائية والإذاعات شهر رمضان ليس ممرا لتسليتكم