- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لا تستقبلوا شهر محرم ... إلا !!!!
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال
إن الحديث عن شهر محرم الحرام وكيفية استقباله يحتاج إلى درج مقدمة ولو مقتضبة لتمهد لنا الدخول إلى صلب الموضوع .
وبادئ ذي بدء ينبغي لنا أن نشير ولو إشارة خاطفة إلى أهمية التراث أو الموروث الذي يورث من الماضي المشرف . ويمثل التراث نقطة إنطلاق أي مجتمع إلى بناء حضارة مجيدة سامية يتوارثها الأبناء عن الآباء ويواصلون بها مسيرة التطور ونموها .
لكل شعب ومجتمع موروث وتراث خاص يعتز به اعتزازا بالغا إذ هو يمثل الجذر الطيب والنسغ الرائق الذي تستمد منه نماءه كما تعده المجتمعات الينبوع النقي الصافي العذب الذي يتفجر فتنبع منه القيم والمثل العليا . وتحتفظ الشعوب بذكريات جميلة تشعل فيها جذوة الشوق والحنين إلى الماضي البهيج . ولم تكتفِ بذلك بل راحت توظف عناصر التراث لتقويم سلوكياتها وتعتمده في تعاملاتها اليومية مع الناس والحياة وشددت على أن تدون تلك العناصر في مناهجها العلمية والأدبية .
وللشعوب طقوسها وعاداتها وتقاليدها وغير ذلك وثمة مناسبات تحدد هويتها المشرفة فتتشرف بها وتبرز من خلالها مفاخرها .
لذا نجدها تستقبل الأشهر والأيام التي تتضمن مناسبات معينة بشكل يختلف اختلافا تاما عن استقبالهم للأيام والأشهر الخالية من المناسبات خصوصا المناسبات الدينية التي ترتبط بالعقيدة ارتباطا وثيقا وتظهر انتماءها .
من هنا يأتي اختلاف استقبالنا لشهر محرم الحرام عنه لسائر الأشهر الأخرى .
وقد أشار أحدهم إلى ذلك مذكرا بفضيلة هذا الشهر بقوله :
قطعت شهور العام لهوا وغفلة
فلا رجبا وافيت فيه بحقه
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي
فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة
وتستقبل العام الجديد بتوبة
ولم تحترم فيما أتيت المحرما
ولا صمت شهر الصوم صوما متمما
مضى كنت قواما ولا كنت محرما
وتبكي عليها حسرة وتندما
لعلك أن تمحو بها ما تقدما
ولعل ذلك يشير لنا إلى حقيقة معينة وهي : ان الحديث عنه لا يمكن أن يكون حديثا عابرا . إذ هو شهر تمتزج به القداسة بالحزن ويحتل مكانة خاصة في نفوس المسلمين وبالأخص منهم الموالين لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله ولأهل بيته الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
وهذا ما يدعو الموالين في أن تكون ممارساتهم أيضا مغايرة كثيرا لما يمارسونه في الأشهر والأيام الأخرى .
لعل من أبرز ما يمكن أن يمارسه المسلم في هذا الشهر بعد اكتساب العظة والعبرة والتفاعل مع مفاهيمه بقدسية تامة أن يعلن مواساته لرسول الله صلى الله عليه وآله بإبراز مظاهر الحزن والأسى بما يتناسب مع الفجيعة والمصيبة الجليلة العظيمة التي حصلت في هذا الشهر المحرم . تلك الفجيعة التي أدمت أجفان جبرائيل بعد أن طعنت قلب سيد الخلق وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وأفرت كبد الزهراء عليها السلام .
إذن لا تستقبلوا شهر محرم إلا بعقيدة واعية .. وبنفوس للورع والتقوى داعية.. وبقلوب دامية .. وبضمائر صاحية .. وبصائر لمعرفة الحقيقة ساعية ..