استنكر ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 29/ربيع الآخر/ 1433هـ الموافق 23/3/2012م تفجيرات الثلاثاء والتي ذهب ضحيتها 52 شهيداً وأكثر من 250 جريح والتي طالت 14 مدينة عراقية، وسبقتها تفجيرات الخميس في 23/2/2012 وذهب ضحيتها 38 شهيدا و 250 جريح.
وأضاف سماحته إن تلك العصابات الإجرامية بدأت تنتهج أسلوبا جديداً في الأعمال الإرهابية، موجها كلامه إلى الكتل السياسية قائلا: الذي يظهر من المتتبع لأحداث العراق، إن الشعب في واد والساسة في واد آخر، وأكد إنه حينما نستعرض صفحات الإعلام نجد – من جهة – مشاهد مأساوية وقصص دامية للضحايا يتفطّر لها القلب من قبيل:
أطفال فقدوا أرجلهم وبعض فقد عينيه أو فقد يديه ..
امرأة فقدت يدها التي كانت تحمل طفلها عليها وفقدت طفلها ..
أب وأم من عائلة واحدة ذهبا ضحية التفجيرات وتركا أطفالا وأولادا يصارعون هذه الظروف القاسية ..
عائلة ذهب خمسة أو ستة من أفرادها ..
عائلة أخرى سقطت الزوجة وثلاثة من بناتها وأختها وثلاثة من بناتها وبقي الأب وطفلته ذات الثلاث سنوات ..
تشاهد أما تلطم على رأسها لفقدها عزيزها وفلذة كبدها ..
أب ينحب على ولده الشاب الذي فرّقته شظايا التفجير ..
وهكذا .. هذه صور مأساوية ليست من نسج خيال كاتب قصصي بل هي من واقع الحياة في العراق.
وتابع سماحة الشيخ الكربلائي وعلى نفس الصفحات تجد تراشقاً إعلاميا وتبادلا ً للاتهامات بين الساسة، وأزمة تعقبها أزمة بعد أن كان المتوقع حل الأزمة السابقة فإذا بنا ندخل في أزمة جديدة وهكذا، وعقب على ذلك إن لغة الخطاب أصبحت وأمست وأضحت لغة تشنجية واستفزازية وتصعيدية بدلا ً من اللغة المهدّئة والمتفهمة للآخر، مبينا إن شعب العراق في وادي التضحية والمعاناة والساسة في وادي التناحر والتراشق والتأزيم للوضع.
وأكد سماحته إنه لا كلام لنا مع الإرهابيين لان هؤلاء لا دين لهم ( فهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون) ولا ضمائر لهم ولا أخلاق لهم .. بل نتكلم مع الساسة الذين يفترض فيهم أن يتحسسوا آلام الناس ومعاناتهم وتضحياتهم ويبذلوا الغالي والنفيس في سبيل خلاصهم من هذه المعاناة، طارحا التساؤلات التالية:
أما يكفي هذا السيل من الدماء وقوافل الضحايا؟!
أما آن الأوان لإيقاف هذا التناحر والتصارع والشكوك وسوء الظن؟!
إلى متى تستمر رحلة القتل واصطباغ شوارع العراق بالدماء واتشاحها بالسواد في كل يوم وفي كل أسبوع؟!
إلى متى يبقى شعب العراق يدفع الضريبة الباهضة الثمن؟!
وطالب من الساسة – وليس لنا إلا هذا الطريق – وهو الحوار البنّاء والهادئ والرجوع إلى الدستور مع النية المسبقة والإرادة الجادة للوصول إلى حلول، واعتماد اللغة الهادئة في الخطاب بدل الخطاب الاستفزازي والتشنجي.
ووجه سماحته خطابه إلى الأجهزة الأمنية قائلا: إن هذا المسلسل سوف لا يتوقف في ظل الظروف الراهنة وبعد اعتماد هذه المجاميع الإرهابية لتكتيك جديد في عملياتها، فالمطلوب هو مراجعة الخطط الأمنية والتأهيل المهني لأفراد الأجهزة الأمنية والمتابعة والمراقبة المستمرة للأداء ومحاسبة المقصّرين، وتفعيل الجهد الاستخباري الذي يشكو لحد الآن من قلة الدعم والاهتمام به.
وفيما يتعلق بقانون العفو تحدث سماحته بشأنه من جهتين .. فمن جهة إننا مع إصدار عفو عن الذين ندموا على ارتكابهم للجريمة وصلحت أحوالهم وصاروا أفرادا صالحين للعودة إلى مجتمعهم ولكن في نفس الوقت يفترض أن لا يكون هذا القانون يوجه رسالة سلبية وخاطئة إلى الإرهابيين والمفسدين ..
وكرر مطالبته بضرورة التأني في صياغة مواد هذا القانون بحيث لا يشتمل على ثغرات تؤدي إلى نفوذ الإرهابيين والمفسدين من خلالها ليفلتوا من قبضة العدالة، إذ إن ذلك سيوجه رسالة إلى هؤلاء مفادها إن الإرهابي والمفسد سوف يطمئن إلى انه مهما ارتكب من جريمة إرهابية أو فساد فانه بالإمكان أن يفلت من العقاب من خلال قانون العفو وبالتالي سيشجع الإرهابيين والمفسدين على المزيد من ارتكاب الجريمة وسوف لا يكون هناك رادع لهم عن هذه الجرائم مستقبلا ً.
وفي سياق آخر سلط ممثل المرجعية الدينية العليا الضوء على معاناة المواطنين بقوله: نحاول في كل جمعة أن ننقل معاناة شريحة من شرائح المجتمع العراقي فتارة نتحدث عن المتقاعدين والموظفين والأرامل واليتامى، ونتحدث اليوم عن المهندسين فهؤلاء الأشخاص من أصحاب الشهادات الهندسية هم رجال الاعمار والبناء والإبداع .. وفي كل مشروع خدمي أو طبي أو تعليمي أو تربوي .. تجد للمهندس نصيب وافر من الجهود لانجاز هذه المشاريع .. وبالتالي لابد من الاستماع إلى مطالبهم ودراستها وتشريع القوانين لتحقيق هذه المطالب ومنها سلم رواتبهم الذي هو متدني مقارنة بسلم رواتب الكثير من الموظفين.
واستعرض سماحته ما يتعرض له البعض منهم من البلاغات الكيدية من البعض الذي يتضمن اتهامهم بأمور يثبت فيما بعد براءتهم منها، متسائلا لا يفهم من ذلك إننا نقف ضد محاسبة المفسدين والمقصرين، بل على العكس نحن نحث على محاربة الفساد؟! ولكن يظهر في بعض الأحيان بلاغات كيدية يثبت براءة المهندس منها ولكن على حساب سمعته وأدائه .. فيؤدي ذلك إلى تشويه سمعته وسقوطه في نظر المجتمع وينعكس ذلك فيما بعد على أدائه المهني وهروبه من المساهمة في الإبداع والتطوير.
وانتقد سماحة الشيخ الكربلائي ظاهرة كثرة العطل في السنين الأخيرة في العراق وبعضها وان كان يستند إلى مبررات أمنية ومنها العطلة بسبب انعقاد القمة وغيرها .. وطالب سماحته دراسة كثرة العطل وتأثيرها على عملية التنمية وساعات تقديم الخدمة للمواطنين وفوات فرص التعليم.
وكشف سماحته إنه قد احتسبت أيام العطل الرسمية فظهر إنها 150 يوما أو أكثر وطالب بتشريع قوانين وتعليمات تعوّض هذه العطل للمحافظة على الأداء والخدمة والانجاز للمشاريع ومعاملات المواطنين بما يتناسب وظروف العراق، مبينا إن الدول الأخرى لها عطلة يومين في الأسبوع ولكن تعوّضها من خلال ساعات العمل الإضافية في كل يوم من أيام الدوام.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- السوداني من لندن: قانون الاستثمار العراقي هو الأفضل في المنطقة
- السوداني من لندن: العراق يدعم الاستقرار والتهدئة بالمنطقة عبر علاقاته مع ايران وامريكا
- مجلس الأعمال العراقي البريطاني (IBBC) يعقد ندوة حوارية في لندن