حجم النص
تحدث ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 15 ربيع الآخر 1433هـ الموافق 9-3-2012م عما يتعلق بثقافة الموظف وما يحيطه من مقررات وقوانين للنهوض بواقعه الخدمي ضمن المؤسسات التي يعمل بها، وأشار إن جميع التشريعات مهما تكن صائبة وصحيحة هذا المقدار لوحده لا يعطينا على الأرض ما يمكن أن يستهدفه هذا المشرّع ما لم تكن هناك قدرة وإرادة على تطبيق ما شُرع.
وأضاف إنه ثمة عامل مساعد دائماً بل أساسي في بناء البلدان ألا وهو عامل الوقت وهو من العوامل الأساسية التي يجب أن تحترم والموظف الآن في العراق يحتاج إلى أن يقدّس الوقت، ويحتاج إلى ثقافة تسمى ثقافة الوقت ، فالبلدان اهتمت وحاولت أن تحصر مواردها التي يمكن أن تنهض بها فوجدت إن عامل الزمن هو عامل مهم.
وتابع إن الأوقات المهدورة عندنا في العراق كثيرة جداً وحالة استفادة الموظف من الوقت المضروب له في الدوام حالة قليلة، فالموظف في وقت دوامه يجب أن يعتقد اعتقادا حقيقيا إن هذا الوقت لابد أن يكون وقتاً مقدساً لأنه من خلال هذا الوقت سيبني البلد ويجب أن لا يفرط في أي دقيقة وان لا يستقبل الضيف الذي ليس له علاقة بعملي وان لا يستغرق وقتاً في المكالمات الهاتفية وان لا يحاول أن يمنع المراجع لأنه لم يتناول الفطور في البيت وإنما يتناوله في موقع الوظيفة هذه التصرفات كلها خطأ!! لا في قانون الوظائف ولا في الأعراف الاجتماعية ولا البلدان المتحضرة.
ولفت إن الناس الذين سبقونا لم يسبقونا بعقول تختلف عن عقولنا أو وقت يختلف عن أوقاتنا وإنما سبقونا باستغلال العقول نحو الشيء الأمثل، نحن عندما نجمع نجد إن كثير من الوقت يُهدر وفي الحقيقة يُهدر معه مال وطاقات، فإذا الميزانية تكون بأرقام كبيرة فلابد أن نُحدد ميزانية للوقت، فالمطلوب من الموظف عندما يأتي إلى وظيفته أن يعطي من وقته بمقدار ما يحدده معه عقد العمل في الوظيفة فهذه ميزانية للوقت والعمل والإنتاج .. أما إذا كان الموظف غير مكترث بهذه المسألة وإذا عنده مواعيد خاصة يؤجلها إلى فترة الدوام وإذا وإذا .. فسيكون عندنا تفريط وهدر بالوقت، والإنسان يجب أن يكون بخيلا ً بالوقت وحريصا على أن يستغل الوقت فيما كُلف به.
وطالب الجهات الرقابية ان تراقب الهدر في الوقت، وقال نحن عندنا استخفاف بقضية الوقت، وتساءل هل الموظف يستخدم وقته كله في خدمة الدائرة ؟! حقيقة مع اعتزازنا بالموظفين الجيدين .. الموظف لا يحترم مراجعيه ولا يحترم الوقت ولا يحترم المهنية التي هو عليها.
وأكد على إن هناك عملية تأجيل وتسويف لما يتعلق بتمشية معاملة المواطنين، أما إذا كانت ثمة مصلحة شخصية كأن تكون سفرة لاشك انه سيستعجل ويفضل السفر على الطائرة المتقدمة على المتأخرة ولو بنصف ساعة، لماذا عمل المواطن يؤجل والعمل الشخصي لا يؤجل؟!.
وخلص سماحته إلى القول لابد على الدولة في العراق أن تهيئ درجات وظيفية وتمتص كثير من الشهادات الجيدة للاستفادة من خبراتها ..فالوقت والشخص يهم البلد ونحن لا نريد بطالة مقنّعة فهذا كله على حساب الدولة ولابد من فتح مشاريع تستوعب هذه الدرجات والعدد الهائل من الخريجين وهذه طاقات تنفع البلد ، ودعا الإخوة الذين بيدهم القرار من التثقيف على قضية الوقت وان يستقبلوا الطاقات والوظائف التي تخدم المجتمع، وأكد إن الموظف يجب أن يصل إلى حالة يؤنب ضميره إذا تأخر عن الدوام أو لم يستثمر وقته في العمل بالشكل المطلوب.
وعن الجانب التربوي والتعليمي، انتقد سماحته التعليم في الجامعات والمعاهد في العراق ووصفها بأنها قديمة، وقال: لابد أن يكون المدرس متسلطاً على المادة العلمية بشكل جيد حتى نصوغ هذا الطالب صياغة جيدة ونضعه في مجالات خدمة البلد، فإذا كان المعلم والمدرس لا يتمكن من التدريس بشكل جيد ستكون هناك مشكلة، ونحن نعاني منها وهي إن كثير من الإخوة للأسف الشديد معلوماتهم الأكاديمية متواضعة، وبعض طلبة المدارس الآن نجاحاتهم ليست باستحقاق وإنما تكون بنحو من التواطؤ والوساطة وبدأت تؤثر على مستويات الطلبة.
وتناول سماحته أيضا عملية التزوير في قضية الشهادات التي أصبحت عملية شائعة وهذا التزوير يتعرض البعض إلى ضغوطات من زيد أو عمر على انه لابد أن نمنح شهادة ومن المعلوم إن الذي يزوّر هو جاهل والذي يشجع على التزوير هو جاهل أيضا، فالعالم الذي يحترم علمه ينأى بنفسه عن هذه الطريقة ويحاربها اشد المحاربة، فإن عملية التزوير في القضايا العلمية من الجرائم الكبيرة التي تؤثر على تقدم البلد فمن غير المعقول أن يأتي الإنسان بشهادة وهو أمي لم يقرأ ولم يكتب واستفاد من علاقته مع فلان وفلان وبحفنة من الدنانير وحصل على شهادة !! فهذا الأمر ليس سياسياً وإنما يتعلق ببناء مؤسسات الدولة فمن غير المعقول أن نمنح الجاهل صفة العالم!
وأشار إلى أن مدارسنا تعاني من الهبوط بالمستوى العلمي الذي يجب أن ننهض به بشكل جيد، فالجانب التربوي والأخلاقي في مدارسنا ومعاهدنا وكلياتنا حقيقة لا يَسُر وقال في هذا الشأن: أنا أتحدث بمهنية وحرفية في مسألة الجوانب التربوية واحترام العلم ولفت إلى أنه قد تسمعون قصصا يندى لها الجبين ونحوا من عدم الاحترام بين المدرس والطالب وهناك علاقات غير منضبطة ولا تنسجم مع قداسة الجانب التربوي.
وطالب بضرورة احترام المعلم وتقديسه، وشدد في الوقت نفسه على أن يصنع المعلم الاحترام والتقديس بنفسه، فإذا كان المعلم مسيطر على المادة العلمية ويهتم بزيّه الخاص ويهتم بحشمته ويقدس المدرسة ويقدس الحرم الجامعي لاشك انه سيؤثر على الطالب.
وأشار إلى أن المدارس والجامعات كانت قليلة في السابق ولم تكن كمثل هذا الوقت والناس كان عندها همة واحترام للعلم وكانت الجامعات والكليات غير منتشرة في جميع المحافظات لكن الناس تذهب وتتهافت وتحترم العلم وعندما يتخرج طالب الكلية يتخرج باستحقاق، أما في هذا الوقت من الممكن أن نجعل شخصا من السادس الإعدادي إلى المرحلة الثالثة من الكلية مباشرة بلا أول ولا ثاني ففي العراق يوجد مثل هكذا حالة وهي متوفرة لمن يدفع الثمن!! فالأستاذ الجامعي يجب أن يشعر بالفخر لأنه أستاذ جامعي وإنه مربي لجيل ولابد أن يتقيد في زيه وهندامه .. بناتنا في الجامعات يجب أن يفهمن إنهن يذهبن إلى أن يبنين هذا المجتمع وينبغي أن يكونن على قدر كبير من تحمل المسؤولية.
وتكلم سماحته عن الأنظمة السابقة في خصوص قضايا العلم لأننا إذا غفلنا عن العلم سيصعد جاهلا ً وإذا صعد جاهلا ً تبدأ الكوارث، علينا أن نكون أكثر من صمام أمان لعدم تشوه الجانب التعليمي ويجب أن لا يتوسط بعض الآباء والأمهات لكي ينجح أولادهم، وشدد على إن العلم لا يُمنح وإنما يحتاج إلى جهد وتعب حتى نصنع من الطلاب رجالا يبنون مؤسساتنا التعليمية بالشكل الذي يليق لكي نخرج كفاءات من أبنائنا ممن يخدمون هذا البلد وان لا نمنح الشهادات بدون استحقاق.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- نبيه بري: نشكر المرجعية الرشيدة والشعب العراقي على وقوفهم الدائم لجانب لبنان
- في اول تصريح له بعد تجديد الثقة... امين عام العتبة الحسينية يشكر المرجعية الدينية العليا ويتعهد بالمسير على نهجها(فيديو)
- السيد احمد الصافي يدعو إلى مخاطبة الجامعات الغربية لعقد ندوات في الفكر الإسلامي ونظرياته