- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الانسان بين هدى الوحي وضلالات البشر
حجم النص
بقلم :الشيخ حسين الخشيمي
جاهليةٌ ثم حضارة...! مجتمع تحول في عقدين ونصف من حال الى اخرى، بعد ان عصفت به رياح الانقلاب.. ذلك الانقلاب والتحول الجذري الذي انقذبه نبينا الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم قريش من العمى والظلال، تلك القبيلة التي لم تكن تعرف سوى الاقتتال والغارات الليلة، وارتكاب الاثام والكبائر،فبماذا غير النبي صلى الله عليه واله وسلم ذلك المجتمع؟وماهي الوسيلة التي تمكن من خلالها نبينا الاكرم (ص) ان يصنع شيئاً من العدم ؟
انه القرآن الكريم الذي كان معجزته ومنطلقه نحو التغيير، هو الذي اقيمت على اثره اعظم الحضارات في ذلك الوقت،فكانت أحكامه سبب هدايتهم وارشادهم الى سبيل الحق، فسن بذلك سنة تقول: انموقف الانسان من القرآن هو الذي يحدد مدى انتفاعه منه وبالتالي يحدث التغييرالمنشود، فأذا كان مع القرآن، كان القرآن امامه وقائده، وتطبيق احكامه ستكون ظاهرة على سلوك ذلك الانسان، فبقيت وسوف تبقى هذه السنة سارية حتى اخر يوم من حياة البشرية.
اما ذلك الذي يسوق أقوال غير دقيقة، كانتهاءمفعول القرآن، واتخاذه كتاب قصص وامثال دون هدف، وانه قد خصصلزمان دون اخر، فلن يقبل بحكم القرآن، بل وقد لايقبل حتى بسماع صوت تلاوته، ومن هنا يمكننا تحديد قضية هامة وهي ان هناك نوعان من الناس: نوع يبحثون عن الهدى من خلال ذلك الكتاب، كما يبحثون عن طعامهم الجيد، وطبيبهم الحاذق، فهم يتجهون الى تطبيق احكام الله في كتابه الكريم، ليرضا عنهم الرب وليعيشوا العيش الرغيد،والنوع الثاني هو من يريد ان يأتيه الهدى على طبق من ذهب، دون بحث وعمل، وبالتالي حتى لو جاءه الهدى بهذه الطريقة لن يتبعه ابدا.
هذا النوع من الناسينتهجون الخيال والتصورات دون كلام الوحي، فهم يميلون الى تطبيق ثقافات الغرب،التي تنطلق من هوى النفس واتباع الشهوات، وهذا ماتبينه لنا الايات الاولىمن سورة الشعراء: "طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8)".
ان هناك فرق بين من يتبع هدى آيات الله المتمثلة بالرسالات الالهية والقرآن الكريم، وبين من يبحث عن الخيال والصور الذهنية التي يخترعها بعض المفكرون الذين يهيمون شرقا وغربا في كلماتهم الجوفاءوالتي لاتجلب للانسان سوى الضياع والخسارة.
ولكن السؤال الذي نطرحه الان ماهو الفرق بين كلام الوحي وكلام البشر؟ ولماذا يظل الانسان اذا ما اتبع الخيار الثاني منهجاً وخارطة لطريقه؟
وللأجابة عن هذا السؤال لابد لنا من العودة الى فطرتنا التي تقول ان االله تبارك هو خالق ومدبر هذا الكون وهو الاعلم بما ينفعه،وما يضره، لذلك لم يكن تنزيل القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم إلا ليكون الهادي للبشرية، والسبيل الى نجاتها من الظلال،وتحريرها من عبوية الذات أولاً وعبودية الطغاة ثانياً، فضلا عن ذلك ايضاً،دقة التطابق بين ماجاء في هذا الكتاب العظيم وبين الواقع الذي يعيشه الا نسان، كما سائر المخلوقات، فهو يحاكي واقع الحياة، وإذن؛ فهو ليس بتلك النظريات الجامدة والافكار المعقدة التي تزيد من تعقيد الحياة وتبعد البشرية عن مسار التقدم.
من هنا ،فمن ارادالنجاة والسعادة والتقدم والرقي في الحياة، وايضاً النجاة في الاخرة،ما علينا إلا الاستنارة بكلمات القرآن الكريم فهو الهادي والمبشر، يقول ربنا:"إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراًكَبِيراً" وان نسعى للفوزبهذه الهداية، والاجر العظيم الذي تعدنا به آيات القرآنالكريم يسحتق ان نبحث عنه باتباعنا وتطبيقنا لأحكام هذا الكتاب الذي جعله الله سبيل نجاتنا.
أقرأ ايضاً
- اكذوبة سردية حقوق الانسان
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- الامراض النادرة التي تصيب الانسان حقائق اساسية يجب معرفتها