- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السنن التاريخية في العملية السياسية استقراء لنتائج ازمة متكررة متجددة متجذر
حجم النص
بقلم:مصطفى هييل الانباري
تتوالى الازمات في الساحة السياسية العراقية وقد ترتبط ايضا بساحات مجاوره لها (اجندات) وبين الفينة والاخرى تظهر ازمة هي اجترار لرواسب من ازمات سابقه اصلها ثابت الاسباب وفروعها تحمل ثمارا اختلفت اشكالها وتنوعت الوانها.
وحتى لاياخذنا الحديث توصيفا لهذه الازمات بعيدا عن جوهر –لعله كذلك من وجهة نظرنا- لابد ان نقف عنده آخذين الدلالات من واقع ازمة بعيدا عن التسميات العلنية لنجعل لعقل القارئ مساحة يشاركنا بها من خلال تامل يسهم في تعزيز مشاركة ما نطرحه في استقرائنا للازمة السياسية التي مررنا ونمر بها كل حين منطلقين من تساؤلات نحاول ان نستقرئ في اجاباتنا عنها مصيرنا جميعا افراد وجماعة منطلقين من العنوان الذي نعتمده منهجا في ذلك الاستقراء متمثلا باستحضار القواعد العامة للسنن التاريخية التي لامحيص عنها شئنا ام ابينا لانها الهية باصولها اذ يقول الله سبحانه وتعالى :"ولن تجد لسنة الله تبديلا"الاحزاب(62) "ولاتجد لسنتنا تحويلا" الاسراء 77 "ولا مبدل لكلمات الله"الانعام 34 مع ابقاء ارادة الانسان او الجماعة فعالة في اختيار الموقف الذي يحسم الامر لصالحهما او ضدهما ولمن يريد الاستزادة اكثر في تفصيلات ذلك الامر ليطالع "المدرسة القرانية "للشهيد محمد باقر الصدر الذي فصل الامر في الحديث عن السنن التاريخية في القران الكريم ولا جدوى ان لم نستفد من ذلك المنهج في وقتنا الحاضر لنجعل من القران الكريم دليلا لنا في استشراف مستقبل ما نمر به الان لننطلق من الاسئلة الاتية نحو سبر اغوار مواقفنا في ظل الاصل الالهي المتمثل بحتمية وجود السنن التاريخية في الحياة البشرية والمساحة التي يتحرك بها الافراد والجماعات ليختاروا الصف او يرسموا مستقبلهم وهذه المساحة المتمثلة بالمواقف السياسية وغير السياسية التي نحاول استقرائها وفق مااشرنا اليه من سنن ثابته في اطارها العام.
ما الاسس التي يمكن ان تعتمد بوصفها سننا نستقرئ من خلالها الوضعية السياسية التي يمر بها البلد؟
ما هي المواقف الموجودة حاليا؟ وما هي مآلاتها استنادا للسنن التاريخية ؟حجم جديتها في رسم النتيجة الايجابية المرجوة من هذه المخاضات العسيرة؟
قد تطول الاسئلة ولا جدوى من اكثارها في خضم البحث عن الجوهر وبيان بعض القواعد التاريخية الحتمية، وعليه يمكن ان نضع السنن التاريخية - ما تيسر منها- في الحديث عن الازمة السياسية ولنبدأ بالقاعدة التاريخية التي تؤكد ان كل مصلح يكذبه قومه ولا سيما المترفون يقول الله سبحانه وتعالى:ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا ولامبدل لكلمات الله ولقد جاءك نبأ المرسلين" الانعام 34،وهنا ياتي السؤال من هو المصلح في مرحلتنا الحالية سواء أكان شخصا ام جماعة؟ علينا ان نحاول تحديده من بين الصيحات المتعالية ، وهذا يبدأ من خلال عملية تشخيص للموجود الان مستندين الى قاعدة اخرى "اعرف الحق، تعرف اهله) فما هو الحق الواجب ان نقف عنده لنستدل على اهله؟ اعرفه كما تشاء ولكن علينا ان نؤكد على ثوابت مفادها ان البلد الان بحاجة الى اعادة بناء في كل مستوياته وجوانب خدماته ، والمواطن البسيط لاتزده المساجلات السياسية الا جوعا وتقتيلا وتشريدا، ولك ان تبحث في الواقع ما شئت عما هو حق واجب ان ياخذ اولويته في الاتباع بعيدا عمن يحاول ان يخلطه بامور اخرى ويطلقون كلمة حق يراد بها باطل ،وعند الامور التي حددت بشكل عام على انها حق فلننظر :من الان يقف في جهة محاولات اعادة بناء البلد؟ ومن يختلق المساجلات السياسية ليحرف العملية السياسية عن مسارها ليمنع المواطن من ان يتمتع بابسط مقومات المواطنة والعيش بسلام؟ من يريد ابعاد التدخلات الخارجية ؟ ومن يريد ان يزجها في ساحتنا مرة اخرى ؟ والله سبحانه وتعالى يؤكد على ان لاتكون للكافرين على المسلمين ولاية وهناك من يريد ان يوليهم امورنا ، من يعبث بارواح الناس وينشر الخوف ويبث الرعب ويعيث في الارض فسادا؟ ومن ؟ومن.........؟ سل ما شئت من الاسئلة ،ودعنا ننتقل مرة اخرى لنبحث عن المترفين،لانهم اول من يفسدوا في الارض ليعم الفساد والخراب ومن ثم ينزل الله علينا غضبه ,ولنسال من هم المترفين الموجودين في ساحتنا السياسية؟ ماعي دعواتهم الزائفه؟ هل حقا انهم يعيشون معاناتنا؟ هل يعارضون الاصلاح والتغيير ؟ هل هم من يختلقون الازمات لمحاولة الابقاء على نفوذهم؟ من الذين يريدون ان يبقى على ماكان عليه اباؤهم واجدادهم متسيدين ومتسلطين على الاخرين؟
اعتقد ان الاجابة قد تبدوا واضحة اذا ما تاملنا وتفكرنا بالمواقف واستقرأنا الاهداف من وراء هذه التحركات ومن ثم سنصل الى اجابة عن الاسئلة الماضية لنتوصل الى اجابات عن الحقيقة القائلة ان المصلحين يكذبون ويحاربون مع كل من يسير على نهجهم ،لننتقل بعدها الى المرحلة الاخرى لاستقراء ماذا يمكن ان يحصل بناء على التشخيص وردت الفعل المرتقبة تجاه محاربة المصلحين . لننطلق مرة اخرى من تساؤلات من اهما ماهي النتيجة المترتبة على محاربة المصلحين ومن ستطالهم هذه النتيجة ؟ اذا اسلمنا للقاعدة الاولى بان كل مصلح معرض للمحاربة والمواجهة العنيفة والتسقيط والتشكيك والتنكيل وان الذي يقوم بهذه المحاربه هم المترفون او المتشددون على ما كان عليه اباؤهم و اجدادهم تبقى الفئة الثالثة المتفرجة على مجريات الامر ومن يوصفون بانهم ضمن العملية السياسية لكنهم يتخذون موقف اللاموقف ، وبما ان الصراع الان مستمر وقائم على قدم وساق فانه سينتهي الى نتيجتين محتمتين اما ان يحقق المصلحون تفوقا فيضعف المترفون والمتشددون لكنهم لن ينتهوا بشكل نهائي, واما ان يتغلب هؤلاء المترفين والمتشددين -وعلى ايديهم الهلاك يقول تعالى " واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" الجن 16- وكل بحاجة الى مقومات تحقيق مبتغاه اما بشكل مباشر او بشكل غير مباشر ولكن حتما ان مهمة المصلحين اكثر تعقيدا من مهمة الطرف الاخر في المعادلة وبالتالي نستقرئ الحقيقة الاتية اذا ما اتفقنا على ضرورة ان يتغلب المصلحون واضعاف المترفين اصحاب المصالح الخاصة، وجب علينا ان لانقف موقف المتفرج لان وقوفنا على التل ليس باسلم بل علينا ان نتخذ جبهة من الجبهتين لنعزز وجودها وما دمنا مريدين للاصلاح في ذاتنا وجب علينا بهذه الارادة ان تتحول الى موقف وسلوك ظاهر يعزز جبهة المصلحين ولربما الوقت لايسعف الجميع لاننا على وشكل ان نمر بمحطات كل محطة ينتج عنها اما اضعاف او استقواء لجبهة على اخرى وبالتالي النتيجة المرتقبة محسوبة بنتائج جزئياتها (الازمات المتكررة ونتائجها) وباكتمال الجولات للصراع بين الطرفين، السؤال المهم الاخر الذي يتبادر الى الاذهان لفهم الحقيقة الاخرى المترتبة على خسارة المصلحين مفاده مالذي سيحصل لو ان المصلحين ضعفت قوتهم ولم ينصروا ومن ثم لم يحققوا المطلوب ؟ هنا نجعل السنة التاريخية تجيب عن ذلك السؤوال - وشواهدها كثيرة- ان العذاب (الدنيوي) حينها سياتي على الامة ولايفرق بين الصالحين والطالحين انما يشملهم على حد سواء ويشير الشهيد الاول الى حادثة بني اسرائيل حينما عذبهم الله بالتيه لاربعين عاما فقد شمل الصالحين والطالحين منهم بل انه شمل حتى نبي الله موسى عليه السلام , مالسبب لان يشمل العذاب الدنيوي الصالحين والطالحين ؟ "لان الامة تخلت عن مسؤوليتها " و "نتيجة طبيعية لما تكسبة الامة عن طريق الظلم والطغيان"ويورد الشهيد الاول شاهدا اخر ابان "حل البلاء والعذاب على المسلمين نتيجة انحرافهم فاصبح يزيد بن معاوية خليفة عليهم يتحكم في اموالهم ودمائهم واعراضهم وعقائدهم، وحينما حل هذا البلاء لم يختص بالظالمين من المجتمع الاسلامي ،وقتئذ قتل الامام الحسين عليه السلام" ولدينا في قرننا الحالي امثلة كثيرة اقربها ابان تسنم البعث والنظام البائد زمام السلطة واخذ ببناء ترسانته التعذيبية رغم تصدي المصلحين الا ان تخلي الامة (الغالبية من ابناء الشعب) عن تحويل موقفهم في ذاتهم الى سلوك عملي فعلي مساند للمصلحين حال دون ان يتحقق النصر لهم وبالتالي تعزز الانحراف وعم الخراب والمقابر والقتل والسجون والتشريد .يقول سبحانه وتعالى :"واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب"الانفال 25. علينا ان نمعن النظر نحو أي نتيجة مقبلين؟ هل بالامكان التحرك نحو الخلاص من النتيجة الماساوية المحتمة اذا ما تعززت معطياتها والشواهد امامنا كثيرة ومعبرة؟
دعونا لانفوت سنة اخرى من السنن التاريخية مفادها ان المكر السيء لايحيط الا باهله انظر اليوم على الساحة السياسية ماذا حل باصحاب المكر السيء ؟ مالذي طالهم من تفتيت وتشظي ؟ وهذا الامر شواهده كثيرة يرويها لنا القران الكريم والمستفاد من هذه السنة اضافة الى انها تشير الى نتيجة اصحاب المكر السيء فانها تكون دلالة لهم وهنا يمكن ان نربط بين اجابة هذا السؤال واجبة السؤال الذي طرح في المقدمة المتضمن كيفية معرفة اهل الحق واهل الباطل ان مكر اهل الباطل لايحيط الا بهم ويجعل منهم طرائق قددا ولكن هذا الامر قد يضعفهم في ظل مرحلتنا الراهنه الا انهم سرعان ما يعيدون تشكيلاتهم مرة اخرى .
الحديث طويل ولكن يبقى المطلوب الواجب اتباعه في ظل المرحلة الراهنة تاسيسا لمراحل اخرى قادمة وانجاحا لهذه الجزئية (الازمة الراهنة) لتكون النتيجة الكلية –المحسوبة بنتائج جزئياتها- نتيجة ايجابية للمصلحين هنا تاتي السنة التاريخية الشرطية ،أي تحققها مرهون بان يتوفر الشرط المطلوب لتتحقق النتيجة المبتغاة ولا يتصور البعض ان الشرط محال او غيبي بل انه من صلب ذواتنا نحن من يستطيع ايجاده او نبتعد عنه لعدم تحملنا المسؤولية ورغبتنا بالوقوف على التل، وهذه السنة متمثلة بقوله تعالى :"ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" من خلا تعزيز المواقف الداخلية لنا وتثبيت اسسها الذاتيه فينا لتكون قاعدة الانطلاق رصينة نحو مجابهة تحديات المترفين ومن لف لفهم واصحاب المصالح الخاصة المغطاة بما يسمونه هم المصلحه العليا وبالنتيجة يتحقق النصر ولكن بشرائطه الصبر والثبات، وفي حال التخلي عن المسؤولية فعلينا ان نكف عن الدعاء بان يمدنا الله بمدده وينصرنا بنصره ويخلصنا من الظلمة والمارقين والمترفين لاننا لم نوجد معطيات نزول الرحمة والمدد اساسا ولم نوفر له الساحة المطلوبة اذا ما بقينا على حالنا في التخلي عن المسؤولية الاجتماعية تجاه مصيرنا القادم . وللحديث تتمة.
*صحفي واكاديمي
أقرأ ايضاً
- ازمة الكهرباء تتواصل وحديث تصديرها يعود الى الواجهة
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- مؤتمرات القمم العربية .. الجدوى والنتائج