تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخُطبة الثانية من صلاة الجُمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 14 ذي الحجة 1432هـ الموافق 11-11-2011م إلى إن كل مجتمع وكل بلد يمّر بمجموعة من المشاكل بحسب مقتضيات ظروفه فهناك ظروف طبيعية كالزلازل والفيضانات وهناك ظروف ناشئة من أحقاد آخرين أو من وضع سياسي غير مستقر أو من عمليات إرهابية كثيرة وبالنتيجة الأول يُنتج مآسيَ والثاني يُنتج مآسيَ، بيد إنه من جملة المآسي هو الكمّ الهائل من الأيتام والأرامل.
وتحدث سماحته عن وظيفة المجتمع إزاء هذه التحديات والجوانب الإنسانية التي يسعى إليها المجتمع من اجل أن يتكافل فيما بينه ويكفل احدهم الآخر، وقال إن العراق بحمد الله تعالى كبلد فيه من الخيرات ومن الميسورين الكثيرين وأهاب بأن يتصرفوا وفق رؤاهم ووفق ما يرون من مسؤولية حيال ما يعاني أبناء جلدتهم من عوز وضيق ذات اليد، وبين في هذا الصدد إن المجتمع إذا تكافل فيما بينه وإذا نظر احدنا إلى الآخر نظرة عطف وشفقة ورحمة لا شك إن هذا سيعطي رصانة وقوة للمجتمع حتى من أن يُخترق بأفكار ورؤى تكون بعيدة كل البعد عن تطلعاته وما يصبو إليه.
وأكد سماحته: إن البلاد الإسلامية ضاربة في الكرة الأرضية، وناشد الشرائح المرفهة منها إسداء الرحمة والمعروف بشأن العوائل المتعففة، إذ إن ديننا دين رحمة وشفقة، ودعا جميع الهيئات الإنسانية والاجتماعية أن يتواصلوا فيما بينهم ويرفعوا كاهل الحاجة عن الأرامل والأيتام.. وعبر سماحته إنه من غير اللائق أن يكون يتيم قد ترك مدرسته بسبب الفقر وبسبب سعيه لاستحصال لقمة العيش ..ونحن كلنا مسؤولون عن ذلك ..لابد أن نوفّر لهذا اليتيم ما يعينه على أن يستمر في دراسته ويلبس الملابس اللائقة به وان يكون الأفضل بين أقرانه، وتوجه بالشكر والثناء إلى المؤسسات الخيرية التي تعمل بشكل دؤوب لمساعدة الأيتام، وطالب المجتمع كل حسب وسعه وكل حسب موقعه أن ينهض بهذا الأمر وفق ما يستطيع كأن يتكفل الميسور منه يتيماً أو يتيمين أو أكثر حسب مقدرته.
وفي سياق آخر من خُطبته تكلم سماحة السيد الصافي عن مسألة الأمن الغذائي، وأعرب عن أسفه من أنه لم نجد إلى الآن نهوضاً بمستوى تحدي المشاكل المستقبلية بالرغم من إن مقومات الأمن الغذائي في العراق متكاملة لا تحتاج إلى أي شيء، فالمال موجود والماء والتراب موجود والعقول موجودة، بيد إنه ثمة مشكلة موجودة تكمن في تكبيل الطاقات وعدم وجود سياسة واضحة للنهوض بالبلد من هذا الجانب، وكرر التأكيد على تفعيل هذه المسألة لأهميتها فالأمن الغذائي يُعطي استقلالية وجزءا من السيادة للبلد، وأعرب إننا إذا أردنا أن لا تكون هناك تبعية اقتصادية وهي من ضروريات المعيشة علينا بالتنمية وعلى كافة المستويات، إذ العراق لابد أن يتحول إلى بلد مصدّر للمواد الغذائية ولا يعقل أن يبقى بلدا مستوردا.
وطالب الدولة بانتهاج سياسة واضحة بشأن المياه واستصلاح الأراضي، إذ إن هذه المسألة حكومية بحتة ويجب أن تنهض بها الدولة، كما أكد على ضرورة أن يكون الدعم مباشرا إلى قطاع الزراعة وما يحتاجه الفلاح من إمكانات للنهوض بهذا القطاع المهم، والمقصود بالدعم هو أن يشعر الفلاح بأن هناك من يأخذ محاصيله الزراعية ولا يشعر بان هذا التعب الذي يبذله هو خسارة، مما يسبب الهجرة إلى المدينة، والكل يعلم إن المدينة فيها المشاكل الأكثر ولا يعقل أن تبقى المشكلة تراوح مكانها دون حل، فالدولة تتحمل عجلة تطوير القطاع الزراعي، فالجانب الزراعي يوفّر لنا امن غذائي والأمن الغذائي لا يقصر على الأمن البشري، وناشد الإخوة الساسة أن يلتفتوا إلى أن لا تكون هناك تبعية اقتصادية مع كثرة الموارد التي عندنا، ولابد أن ننهض بالجوانب الاقتصادية والزراعية بالتحديد إلى ما كانت عليه بل أكثر من ذلك.
وعن تفاصيل الجوانب الطبية التي تسبح في مجال واسع، قال سماحة السيد الصافي نظرا لأهمية الدواء في حياتنا إن بعض الدول تحاول أن تُنتج الدواء وبعض الدول تحاول أن تستورد الدواء من مناشئ صحية وتوفره للبلد، وأكد إن الاهتمام بالطبيب والمستشفيات والكادر الطبي أيضا لابد أن يُتبنى بشكل جيد، بيد إننا نعاني من مشكلة أطباء التخدير بالتحديد، حيث إن بعض الاختصاصات في الطب لا يميل إليها الأطباء وهذه رغبة خاصة، وهناك بعض الاختصاصات تؤثر تأثيرا مباشرا على حياة المريض، لكن الراغبين لها قليلون وبالنتيجة ماذا نفعل؟؟!! ومن ضمنها طبيب التخدير إذ إنه يعتبر مفصَلا ً رئيسياً في أي جانب من جوانب العمليات الكبرى والأطباء يعانون من ذلك والعراق يعاني شحة في هذا الاختصاص! وتساءل عن أهم العوامل التي تشجّع على انخراط الأطباء في اختصاص التخدير؟!!
وطالب بإجراء دراسة ميدانية من أهل الاختصاص في وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والهيئات الصحية لاستشعار وجود حاجة حقيقية لزيادة رصيدنا بشأن اختصاص التخدير، وهذا ما تتكفل به الدولة، حيث إن سياسة الدولة طبياً يجب أن تكون متوازنة، فالعراق يعاني من قلّة اختصاصات التخدير والدولة لابد أن تحفّز وان تجعل هناك عوامل مرغبّة للذهاب إلى هذا الاختصاص، وهذا نقص واضح لابد أن يُراعى.
وكذلك تناول سماحته المشاكل الطبية التي تعترضنا إننا نعاني من نقص في الجانب الوسطي .. واقصد به جانب التمريض .. وتعرض سماحته: إنه ليس من العيب أن يتعلم الإنسان وهذه كلمة لكل المسؤولين في الدولة .. ولكن العيب إن الإنسان يبقى غير متعلم، لابد للإنسان أن ينهض نهضة ويجعل هناك مجموعة من العوامل تساعد في بناء البلد، فالجانب الصحي جانب مهم بيد إن سلك التعليم لدينا متأخر كمّاً ونوعاً .. وهذا ليس عيباً وإنما العيب أن نبقى على ما نحن فيه، فالتمريض جزء مهم من العلاج، يجب على الدولة أن تيسِّر عملية الانخراط في ( سلك التمريض) وتحرص على نوعية المتقدمين وكفاءتهم وأعدادهم لتغطية الاحتياجات الملحة في الجانب الصحي تمهيدا لتقديم الأفضل النوعي والكمي في هذا المجال.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- فيديو:بعثة الاغاثة الطبية التابعة للعتبة الحسينية المقدسة تقدم حزمة من المساعدات الطبية للجيش اللبناني
- مجلس الخدمة: قرب توظيف 8 آلاف من ذوي المهن الطبية والصحية
- الحكيم يدعو لمساعدة الشعب السوري في إدارة بلده وكتابة دستوره وحفظ سيادته