على أبواب انتهاء مهمة القوات الأمريكية وانسحابها من البلاد، حسبما نصت عليه الاتفاقية الموقعة بين حكومتي الولايات المتحدة وجمهورية العراق، والتي تنص على انسحاب القوات الأمريكية نهاية العام الجاري، بعد سنوات مريرة من الصراع الدموي الذي خلفه قرار الأمريكان بتحويل وجودهم في البلاد من محررين الى محتلين، وما ترتب على ذلك من دوامات العنف ومآسيه التي دفع ثمنها العراقيون دما ودموعا، وحولت البلاد الى ساحة لصراعات الدول والأنظمة المجاورة التي خشيت من انتقال الظاهرة العراقية الى بلدانها وبالذات الشبيهة في تركيبها القومي والديني والمذهبي!؟
وإذا ابتعدنا قليلا عن تقييم تلك السنوات العجاف، وحاولنا الإشارة الى نتائج الحصاد الذي تجنيه كل الأطراف التي ساهمت بشكل أو بآخر في أحداث هذه الحقبة، ابتداءً من الأمريكان ومرورا باللذين رأوا ان حمل السلاح ومقاومة وجودهم هو اقصر الطرق لمفاوضتهم والفوز برضائهم، وانتهاءً بأولئك الضحايا الذين لا يعرفون أي شيء مما يحصل سوى ان صدام حسين قد سقط، وربما يسألون عن البديل بذات المواصفات ولكن باسم آخر ولون مغاير، وإزاء ذلك فقد ذكرت صحيفة أمريكية متخصصة (Inrormation Clearing House ) ان عدد العراقيين الذين قتلوا منذ سقوط النظام السابق واحتلال البلاد بلغ ( 1.500.000 ) مليون ونصف المليون عراقي ما بين طفل وامرأة ورجل، بينما لم يتجاوز عدد قتلى الأمريكان لنفس الفترة الخمسة آلاف قتيل وبالتحديد ما يقرب من ( 4800 ) جندي.
وبصرف النظر عن الأموال الطائلة التي تم صرفها من الميزانية الأمريكية والتي تجاوزت ما قيمته إلف وخمسمائة مليار دولار خلال نفس الفترة، فاننا أمام إحصائية مثيرة تؤكد حقيقة ما كان يجري هنا في العراق من قبل تنظيمات القاعدة الداخلية التي اعتمدت على خطوطها النائمة قبل سقوط النظام، ومن التحق بها بعد سقوطه من الأجهزة الخاصة في المخابرات والاستخبارات وفدائيو صدام وغيرهم من تنظيمات حزب النظام، الى جانب العديد من الفصائل التي صنعتها أو دعمتها مخابرات بعض دول الجوار تحت مظلة مقاومة الاحتلال، سواء من بقايا تشكيلات النظام السابق العسكرية أو المدنية، أو من خلال تجنيد مرتزقة من كل انحاء الدول العربية، كقنابل بشرية يتم تلغيمها وتفجيرها وسط تجمعات كثيفة من المواطنين في الأسواق والساحات العامة ومناطق تجمع الأهالي، لإيقاع اكبر عدد ممكن من الضحايا، وقد شهدنا مقتل الآلاف من أولئك العاطلين عن العمل والباحثين عن مصدر رزق لمعيشة عوائلهم، من عمال البناء أو المتطوعين في مفاصل الجيش أو الشرطة، إضافة الى الإتاوات التي تفرضها تنظيمات القاعدة وحلفائها من بعض أعضاء النظام السابق في كثير من مدن وبلدات العراق وتحت مرأى ومسمع الإدارات فيها، على شرائح مهمة من المجتمع مثل الصيادلة والأطباء وأصحاب المحلات والمعامل والمعارض وسيارات النقل الكبيرة ومحطات التعبئة وغيرها، والتي تدفع شهريا أو اسبوعيا لقاء عدم التعرض لها.
ويبقى السؤال الأكثر إيلاما وإلحاحا هو :
اذا كان البعث وصدام قد سقطوا في حسابات الحقل، فهل كانت حسابات البيدر والحصاد مطابقة!؟
أم ان هناك من سرق الناتج والبذور معا!؟
أقرأ ايضاً
- حسابات امريكا بين الغباء والاجرام
- حسابات الربح والخسارة في الانتخابات
- مشكلة تعطيل حسابات فيسبوك .....تعرف على الحلول