من غريب المسائل والأمور ان اغلب الأنظمة السياسية المتصدرة للمشهد السياسي العربي او التي تهاوت هذه الأيام مع مرور عاصفة ثوار أبنائها الشباب والكبار الى هاويات التاريخ كونها كانت تعيش في زيف مجد رسمه أزلامها المقربون ، ارتقت مناصبها ومواقعها بعد معارضتها لأنظمة سبقتها نتيجة بطش او ظلم او ربما أمور أخرى ، والأغرب في هذه المسالة ان تلك الانظمة ترتقي السلم نفسه لتبدأ بتغيير النظم والقوانين التي كانت متبعة شيئا فشيئا وترضي جماهيرها المتعطشة بشعارات ووعود عناوينها بناء دولة عصرية جديدة متأطرة بالقانون وحماية المواطن اقتصاديا وصحيا وامنيا ، وتعيشه في ظروف معينة بحجة ان بناء الدولة يتطلب المزيد من الصبر والتحمل مادام الغد افضل وتثقفه على ان الماضي كان قاتما مظلما ليقتنع بفتافيت الخبز ليرى دائما ويقتنع ان هذه الجهة او تلك هي خلاصه الوحيد من واقعه السابق المتردي ويدور في حلقة مفرغة تقابلها سباق مع الريح لفرض أركان نظام جديد يتحصن بدستور ظاهره خدمة الجماهير وباطنه خدمة ذلك النظام ، فالواقع العربي الذي نفض الغبار عنه بعد سبات طويل أيقظه رجل بسيط وخالد في الوقت نفسه احرق نفسه غضبا من استلاب لقمة عيشه ، يختلف عن سابقه نتيجة عوامل عدة قد يكون التطور الهائل في تقنيات الإعلام احد عواملها ، لكن اهمها هو وصول الأوضاع على المحك فإما حياة حرة كريمة او موت بشرف كما فعلى البو عزيزي ، اما عن الحالة العراقية فرغم اختلافها عن نظيراتها في مصر وتونس وليبيا من حيث الشكل كون تلك الشعوب تطالب بتغيير أنظمتها السياسية الجاثمة على صدورها منذ عشرات السنين فيما تتحدد المطالب الجماهيرية العراقية بتوفير الخدمات ودعم البطاقة التموينية ومحاربة الفساد الإداري والمالي المستشري ، فإنها من الضروري ان تتشابه بالمضمون لا من خلال تغيير الهيكل السياسي المتصدر كونه جاء من رحم الشعب من خلال صندوق الاقتراع بل المطالبة بتغيير وسن وتفعيل بعض القوانين المهمة كقانون الانتخابات المثير للجدل وقانون النفط والغاز وتفعيل ما صوَّت عليه البرلمان من تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والغاء المنافع الاجتماعية والعمل بسرعة على سن وتنفيذ قانون تخفيض رواتب اعضاء البرلمان الى نسب عالية بما يحقق تقليل الفوارق الاجتماعية ، الخ من القوانين المهمة التي تضمن لنا ولأولادنا حياة حرة كريمة ولا نؤسس لديكتاتوريات \"مشرعنة\".
A1980_01@yahoo .com