لأن المال مرتبط باللقمة التي من دونها لا يعيش المرء قيل لنا: “قطع الاعناق ولا قطع الأرزاق”. ولأن المال ليس كما الماء والهواء اللذين هما بيد الله، تراه يتجمع بيد فئة من الناس دون غيرها. واصحاب المال اصحاب سلطة، والسلطة عندنا غالبا عديمة الرحمة.
وحين تقسو الحياة على الناس تجدهم يلوذون بالامثال لتخفيف معاناتهم. ومن بين اشد معاناة الناس الحاجة للمال التي قد تحوج الشهم لمداراة النذل، وترغم العاقل على الرضوخ للجاهل. واقد ادرك الناس، وخاصة الفقراء منهم، بحسهم الفطري النقي ان لا يحمي الانسان من ظلم صاحب المال الظالم او الجاهل، غير التعفف، لذا اطلقوا المثل القائل: “الرزق على الله”، ليتسامى الانسان ويترفع عن ذل الحاجة، ومن اكثر ترفعا ممن يصبح رزقه بيد الله تعالى؟
حكى لي صديق لبناني نكتة، خلاصتها انه كان هناك رجل ثري جدا له ولد صغير قبيح الشكل. مر هذا الثري على شحاذ افترش احد أرصفة سوق من الاسواق بملابس بالية مادا يده يستعطي المارة. اقترب الغني من الشحاذ وهمس باذنه بانه سيدفع له نقدا وعدا الفي ليرة كل يوم بشرط واحد. لم يطلب الثري من الشحاذ غير انه اذا اصطحب ابنه في الشارع ورآه الشحاذ ما عليه الا ان يقول: “الله شو هالجمال .. يا ربي شو هالصبي الحلو”. وافق الشحاذ ممتنا وكاد لا يصدق ما يسمع، اذ ما اسهلها من مهمة وما اربحها. دفع الثري المبلغ الذي أُتفق عليه الى الشحاذ مقدما وذهب على امل تطبيق “المعاهدة” في اليوم التالي.
جاء الثري يقود ولده ومر متبخترا امام الشحاذ الذي تطلع في وجه الطفل القبيح فصمت ولم ينطق بكلمة. اقترب منه الثري وسأله: “ولك ليش ما حكيت .. احنا شو اتفقنا؟”.
مد الشحاذ يده في جيبه واخرج الألفي ليرة واعادها للثري معتذرا: “اعذرني استاذ والله ما أقدر والرزق على الله يا عمي”.
ان راحة البال رزق اكبر من المال . وهي منحة من الله يعجز المال وحده عن توفيرها.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري