- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الانتخابات.. خارطة طريق لصحوة سياسية
كان من المؤمل ان يشهد العراق اقبالا اوسع بكثير من النسبة المعلنة بمعدل (%51 ) وفي ظل التحسن الامني الواضح للعيان على انتخابات مجالس المحافظات، في حين كانت النسبة المعلنة في الانتخابات السابقة اكبر بكثير من الحالية وفي اجواء امنية مضطربة ومشحونة بنذر الحرب الاهلية ولا عجب في تباين المقارنة ـ ان صحت ـ بين المشهدين الانتخابيين السابق واللاحق باحتساب ان النتائج (الكارثية) للمشهد الانتخابي السابق ومجموعة الاخفاقات المريعة كان احد المؤشرات السلبية التي اثرت بشكل كبير على اقدام الناخبين العراقيين على الخوض في سباق انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مؤخرا في اربع عشرة محافظة عدا محافظات اقليم كردستان العراق (الاقليم المدلل).. كما رسمت خارطة طريق شائكة في ظل عملية سياسية بنيت على اسس توافقية لكنها بدأت الان تتحرر من الشرنقة التي وضعت فيها ...
ومن الوهلة الاولى للمشهد الانتخابي الحالي نرى بوضوح ان بوصلة الشارع العراقي كانت تتجه نحو التغيير الجذري والحاسم والتطلع نحو إستراتيجية سياسية جديدة تعتمدها النخب السياسية لترقيع المشهد السياسي العراقي بشكل عام وتصحيح مااعوج من مساراته التي تشتتت في المتاهات الطائفية والفئوية والحزبية الضيقة وتغلب المصالح الانوية على مصلحة العراق ،كما كانت البوصلة العراقية تتجه نحو تكتيك جديد اخر باعتماد صيغ انتخابية معدلة واكثر نضوجا وبرامج \"محسنة\" تختلف عن سابقاتها... ومن هذه المسارات واخطرها انتخابات مجالس المحافظات باعتبارها جزءا مفصليا من اجزاء ومفاصل العملية السياسية تلك العملية التي ولدت من رحم الاحتلال وبولادة قيصرية وفي ظل ديمقراطية غابت عن هذا المشهد لقرون ..لكن وكمحصلة اولى ورغم الاقبال متوسط المستوى ورغم ان النخب السياسية التي طرحت نفسها كمرشحين وبشكل عام هي دون الطموح ورغم البرامج والشعارات الفضفاضة وغير المعقولة(وبعضها كان خرافيا) الا ان هذه الانتخابات كانت الغربلة الاولى بالاتجاه الصحيح وذلك بتجاوز بعض اخطاء الانتخابات السابقة ومن اهمها تخطي الكثير من القوائم التي تبرقعت بالطرح الثيوقراطي وتعكزت على الرموز الدينية والروحانية ومازال الشارع العراقي المنهك مصدوما بها ومحبطا منها ومازال العراقيون يعضون اصابع الندم جراءها ، ومن ثم الاتجاه بشكل وان كان محدودا الى القوائم او الاشخاص بالصفة المستقلة او بصفة تكنوقراط او بالصفة الاكاديمية او النماذج التي تتمتع بحظ وافر من القبول العام (اجتماعيا على الاقل) وذات مؤهلات مطلوبة انتخابيا وسياسيا . . وذلك للتعويض عن الاخفاقات التي حصلت من قبل النماذج التي طرحت في الساحة العراقية من خلال الانتخابات السابقة والتي هي بدورها تحصيل حاصل لمجمل العملية السياسية التي عانت من مجموعة من الاخفاقات والتعثرات والكبوات وهذا شيء اكثر من الطبيعي لبلد له ظروف مثل العراق ناهيك عن التداعيات الخطيرة لتي رافقتها واسلوب المحاصصة التي بنيت على وفقها.
لقد قلبت الانتخابات الاخيرة الطاولة على الكثير من الانماط والاتجاهات والقناعات التي كانت في نظر الكثير من النخب السياسية من \"الراسخات\" التي لا ياتيها الشك والتغيير من بين ايديها ولا من خلفها بان ما تم تأسيسه في السنوات الاربع الماضية سيتكرر حدوثه من قبل تلك الكارتلات الحزبية الضخمة التي أسست قواعدها السياسية (والانتخابية) بأطر وممارسات تعبوية عملاقة بما يشبه \"الحيتان\" التي تريد ان تبلع كل شيء الى ان أتت هذه التسونامي الانتخابية الهادرة.. ومن باب التفاؤل الحذر من الممكن ان نعتبر ماحصل درجة متقدمة من درجات الوعي الديمقراطي جماهيريا ونخبويا وباتجاه الفهم شبه الناضج للممارسة الديمقراطية وان صحوة سياسية قد بدأت مشوارها الطويل في هذا البلد ... نتمنى لهذه \"التسونامي\" ان تكون ممهدة لانتخابات مستقبلية اكثر شفافية وذات برامج اكثر تحضرا وشخوص اكثر تنورا..
أقرأ ايضاً
- خارطة طريق السيد السيستاني
- خارطة طريق السيد السيستاني
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة