كثيرة هي الأحداث التي مرت على العراق والعراقيين والتي عُرضت على شاشات التلفاز والتي هي من بعض الواقع الذي عشناه ونعيشه واعترف انه كان واقعا حزينا مريرا علينا جميعا وأنا لا أنكر ذلك مطلقا ولا أنكر أن بلادنا مرت بأخطر المراحل وأشدها قساوة وضراوة ولا أنكر أن حروبا ومشاكل وسياسات جوفاء دمرت بلادنا الحبيبة وأضعفت قواها وهدمت مؤسستها وخربت بعض نفوسها أنا لا أنكر كل هذا لأنه جزء من تاريخنا ولكن أن تساهم قناة الشرقية وبالعمد المتعمد بإعادة الماضي وعرضه إلى المشاهد العراقي والعربي بصورة سوداء والماضي الذي اعنيه هو ما وقع بين سنة 2006 / 2007 وذهب ضحيتها الآلاف من المواطنين العراقيين الأبرياء
أقول: لا داعي أن نعيد الأحداث الدرامية الدامية التي ابتلي العراقيون بها لأننا إذا أعدنا هذه الصور من جديد إنما نعيد دغدغة المشاعر النائمة ونثير حفيظة النفس وما اعنيه بالتحديد هو خطر إعادة عرض المسلسل العراقي (فوبيا بغداد) لأنه لم يكن مسلسلا اعتياديا يشاهده المشاهد على شاشة القنوات الفضائية وإنما كان من المسلسلات التي عرضت الصورة السوداء القاتمة فبإعادتها لهذه الصورة إنما هيئت النفوس لشبح حرب طائفية لا تبقي ولا تذر وقد تحرق الأخضر واليابس من جديد فهذه المسلسل لم تكن مسلسلا كمسلسل (تحت موس الحلاق) مثلا حتى نعرضه على المشاهدين اعتقد أننا حينما نعرض هذه الآثار والمشاهد إنما ندفع من جديد مَن فقد ابنا أو أبا أو زوجة أو أخا أو صديقا أو جارا لنحرك مشاعر الغيض والكراهية في نفوسهم لقد قلتها قديما وأقولها الآن ليس هناك في الوجود من قلوب طيبة ووديعة ورحيمة كقلوب العراقيين لكن الذي حدث أن ظروفا قاسية أُرغموا أن يعيشوها ويدا غريبة دخلت عليهم ودمرت كل شيء إلا ما رحم ربي والله نحن اليوم بحاجة أن ننشر ثقافة مغايرة لهذه الثقافات واُذكر الجميع بصور كنا نحذر منها الناس على منابر الجمعة أيام التسعينيات ولكن كانت تكتب علينا التقارير!!!!!!!!! وتثار علينا الثائرة!!!!!! ومن هذه الصور التي كنا نحذر منها إطلاق العيارات النارية أمام الأطفال برفعة العلم يوم الخميس بل كان بعض مدراء المدارس يجبر الأطفال الصغار أن يحملوا البندقية ليطلقوا العيارات في ذلك اليوم كنا نقول يومها إنكم تدفعون بأولادنا الصغار إلى ثقافة العنف والقتل وسيتربون على القساوة والشقاوة كنا نقول ليس من واجبات الصغار أن يحملوا البندقية ويضربوا الرصاص وإنما من واجبهم أن يحملوا القلم والكتاب ليكونوا بناة لبلادهم محافظين على حضارتهم وتراثهم بالله عليكم ما الذي استفدناه من حروب الماضي وهذه الصور السوداء إلى جيلا لا يعرف إلا العنف والدم والقتل والاعتداء وهذه المليشيات لم تأتي إلينا من كوكب آخر إنما هم من ذلك الجيل الذي ربي على الرصاصة والبندقية.
وهنا أقول: من الخطر الكبير أن نعيد مثل هذه المسلسلات المشئومة التي ستؤثر سلبا في وقت بدا العراقيون يتعافون من سلبيات الماضي وأحقاد الحاضر إننا اليوم بحاجة إلى الأخوة الفنانين كي يعرضوا لنا مسلسلا أو فلما جديدا يرسم صورة العراقيين الحقيقية بما يحملوه من مشاعر وحمية ومرؤة وشجاعة وكرم لا داعي أن نكرر مثل هذه المسلسلات التي لا تغني ولاتسمن من جوع والله وبالله وتالله أنا حينما أتحدث بهذه الأمور لا أريد أن امسح ماضيا عشناه وحاضرا نعيشه أنا خوفي أن تثار الضغائن من جديد وخوفي على العراق والعراقيين لا يوصف فانا مدمن على حب العراق و أهله ولهذا احذر من هذه التصرفات.
ودعونا نبتعد جميعا عن الفن والفنانين لأدخل إلى قلوب المحبين العراقيين ومن خلالهم ندخل سوية إلى القران الكريم كتاب رب العالمين وهو يصور لنا حالة سيدنا يوسف عليه السلام وبعد كل المعانات التي حدثت له من إخوته وإلقائه بالبئر وإبعاده عن حنان أبيه ثم دخوله إلى السجن والغربة وأحداث وأحداث!!!!!!!!! بعد كل هذا يصور حاله ويرسم صورته ليعرضها على المشاهدين كي يتعلموا معنى التسامح النبوي والخلق الإلهي فماذا قال القران عن سيدنا يوسف؟ قال ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) وهذا القول لأخوته الذين هموا بقتله! وذهبوا يتباكون بين يدي أبيهم وحين أراد أن يعرض مشهدا من الماضي الذي عاشه مع إخوته قال أمام أبويه ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن) وكان السياق أن يقول إذ أخرجني من البئر!! لكنه لم يرد أن يعرض هذه الصورة التي فيها تذكير لمأساة عاشها مع إخوته بل ضرب مثلا عظيما في نظرية نسيان الماضي وطويه حينما قال (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) وكان السياق أن يقول من بعد أن نزغ الشيطان قلب إخوتي لأننا متأكدون جميعا أن الشيطان لم ينزغ قلب يوسف لكنه نزغ قلوب إخوته حينما القوه في الجب ومع أراد أن يحمل شيئا من أوزار إخوته حتى يرقق قلوبهم فقال ( من بعد أن نزغ الشيطان بيني ) هذه هي أخلاق القران وأخلاق الأنبياء والمرسلين التي نحن نطالب الجميع أن ينشروها بيننا لتتعافى جراحاتنا ونرجع جسدا واحدا كما كنا أساله تعالى أن يوحد قلوبنا على كلمة الحق وعمل الصواب .
الشـــــيخ خالد عبد الوهاب الملا
رئيس جماعة علماء ومثقفي العراق
فرع الجنوب
الاثنين، 30 حزيران، 2008، 26 جمادى الثانية، 1429