- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بانوراما صحافية عن رحلة خدمة العتبات المقدسة الى مرقد العسكريين في سامراء
الأصدقاء يتجمعون، عند باب من أبواب صحن الفضيلة والمحبة والوئام، صحن أبي الفضل العباس عليه السلام، تتقدم سامراء أحاديثهم، مدينة أطلت على التواريخ أرقا نازفا، وجراحات في القلوب لا تهدأ، ارتعش السؤال في بدني، فأسم مرقد العسكريين (ع)، له الحب والذكريات والسفر والزيارة- له الدمع والأنين. خرائط تتوزع الحنين ـ كان لي أصدقاء سامرائيون، أحدثهم عن كربلاء وبساتينها، فيحدثونني عن سامراء وبطيخها، وعن التين العجيب في سيد محمد (ع).
أي فاكهة تتحدث عنها؟ والجراح خرائط دم، وقباب مذبوحة الوريد، سأعترف الآن بأني حسدت غبطة، أولئك الذاهبين الى مرقد الرحمة والنور، الإمامين العسكريين (ع) للمشاركة في حملة المودة في حمل ما تناثر من جسد المكان.
الأصدقاء تجمعوا، ليحمل بريدهم عناوين عز يانع وشموخ، رسائل ولاء:ـ نحن لا نتخلى أبدا عن مراقد أئمتنا، والصبر فينا تضحية لحكمة واهبة، لنقول للعالم اجمع إن نظرة المرجعية الدينية، كانت صائبة لرشاد غد، مواكب ستمتد آمنة مؤمنة مؤتمنة للبناء والسلام.
الأصدقاء تجمعوا، قلت:ـ لِمَ لا تأخذوا معكم حماما من حمام صحن الحسين والعباس عليهما السلام، لتطلقوه في سماء مدينة أضناها الرصاص، دعوا الحمام يطير لينثر عطر المرقدين هناك، لم لا تأخذوا حفنة من تراب مرقد الحسين (ع)، وماء من سرداب مرقد أخيه العباس (ع) ليكون كل شيء هناك كربلائي السمات.
سامراء، يا سامراء، كيف رأيت الطف حين حان عاشورائك الموشى بالدماء؟ واللهِ كنا هنا نسمع الأنين!! لا بأس يا مدينتي الجميلة، فقد جاءكِ اليوم أبناء الحسين، ومعهم من يحمل الإرث المبارك حضورا في المكرمات، أو ربما سيرافقكم دون أن تدرون زهير أو برير وربما حبيب، يحملون رايات الطف سلاما، سيزورون ويرفعون العهد لواءً... حين ذاك يا أصدقائي ستكون البهجة شيئا يشبه البكاء.
صمتٌ، تهادى على حين غرة، يخفق برشد الوداع، يا إرث هذه الدموع، نحمِّلك السلام أمانة الى أئمة السلام، وتهادى الركب بالصلوات، وبتلويحات وداع لا. ما أظنه وداعا... ترتجف القلوب في أمان الله ـ والملتقى هناك، نحن معكم، وانتم معنا هنا. وهناك سوية في الركب سائرون يا أصدقاء.
دعوني أكتب أشيائي كما أريد، فالكلمات وجدان. واعتقد إننا نعرف ما سيحدث وما سيصير، لكوننا أبناء هذا الجرح المسكون بالرغبة. أبناء هذا النزف العريان. أبي رش على جمجمتي تراب النزف منذ لحظته الأولى: يا بني لا تقل خريفا وانتم تعيشون الربيع، ولهذا صرت أبصر خطواتي فيكم. وصرت أرى خطواتكم في، أوقد عيون الرؤيا, وأنا اسمع أهازيج فرح يستدرج الحكايا، هل كان بكاءً ذلك البكاء أم كان بهجة تكشف الأمنيات؟ قال لي أحد أصدقائي السامرائيين يوما: إن مرقد العسكريين فيه شيء عجيب، وكأنه يعرف زائريه من بعيد، فتهلل القسمات بالحنين كلما يولج بابها الزائرون، واليوم ها هم يصلون عند بوابة بغداد.
ألو... (أحمد صادق) كيف هو الحال؟ كأنه قال: أزفت لحظة التكوين، المرحلة التي نجتازها الآن قد تكون بطيئة، لما يفتعل في الضمائر من شوق، يتعجل اللقاء. قطعات الجيش تسايرنا، صدقوني الوضع هادئ وطبيعي. طبعا لا يمكن تصور هذا الموقف دون الإيمان بما سيحدث، ولندع القدر خارج الحواس، ولنصبها جميعها في حاسة واحدة، هي أننا ننظر الى المرقد المبارك الشريف.المهم أريد أن تتدفق تلك الحواس عبر كاميرا (احمد عبد الحسين) أو (منتظر العلي) اريد منكم أن توثقوا كل مفردة، كل دمعة، كل ابتسامة، كل لقاء. صوِّر لي يا (أحمد عبد الحسين) ووثـِّق لي يا (منتظر العلي) تلك الساعة الشاهقة، التي بقيت شاهدا عنيدا. وثـِّق لي التراب. صوِّروا لي الأيادي العامرة بالعمل. ودع النوم يا(احمد صادق) على افتراض انك ستنام، وسلامي الى الجميع.
يسألونني هل وصلت القافلة؟ قلت: هي خطوات، وقد يتصل بنا (منتظر) أو احد (الاحمدين) بعد قليل، تتوهج لحظات الانتظار زهوا، ربما لأن الأحلام لم ترتو من سنا الحكايات بعد !!
ألو (احمد)؟ نعم معك (أحمد) تفضل، لقد وصل الوفد الى العتبة، فتحشد هناك، وانطلقت حناجرهم بأهازيج الفرح والولاء. أكيد يا (أحمد) ستحتشد معكم كل نبضات القلوب. فهنا صدقني، تسمع الأهازيج نداء يختلج الصدور، هذا المدى الواسع اختصرته الأهازيج بصرخة حياة، لنبدأ من هنا فإنها الثقة بالنفس.
ألو... والله لقد امتد هذا النشيج حفاوة استقبال شيوخ سامراء وجهائها. وآه لو رأيت حميمية هذا العناق. يا أخي انه عناق وطن. لقاء كان يحمل التوحد والإخاء. هو الوفاق. لم نتمالك لأنفسنا إلا الدمع. قلتُ:ـ (احمد) لقد تمالكتم النفس بالبكاء. هو النزف الذي تراه، كان في خاصرة العراق. وهذه الدموع لفرح توهج بالحنين. كيف الحال يا (أحمد)؟ اتصالات هاتفية توجت الحضور، أمل يحدو كل أهل العراق، أن تمتد مثل هذه اللقاءات غانمة، حافلة بالنوايا التي تجمع الشمل. وهذا هو زهو مرجعية حكيمة. وعند مباسم هذا الشروق، تمد مدننا بساط الحفاوة دعوة مفتوحة لزيارة العتبات المقدسة
جمرات تتوقد لحظات الانتظار- تتزاحم الأسئلة عند همسات الليل، وتزداد عمقا في الجوهر والمعنى. يُقال: إن هناك زيارة شبيهة جرت قبل خمسين عاما، قام بها موكب سماحة العلامة السيد (محمد الصدر) رئيس الوزراء العراقي، ورئيس مجلس الأعيان، لغرض توسعة الروضة العسكرية المقدسة، وأقيم حفل كبير، قرئت فيه الخطب والقصائد الشعرية، سألت نفسي حينها: ماذا لو استخدمنا الحمام للمراسلة لكان شيئا جميلا؟ فحتما سترد الأخبار بطريقة انسيابية، ولا يمكن لأحد أن يكون خارج التغطية، أنا اطمح أن أدوِّن كم شارعا عبره الوفد؟ وكم معبرا مائيا؟وكم يدا لوّحت لهم في الطريق؟ وكم ابتسامة رحبت بالوفد؟ وأريد محاورات كثيرة لابد أن تتم مع كل شخص رافق الوفد، لأعرف صدى ما يفكر فيه لحظتها.
فجأة صاح (رضوان السلامي) الهاتف، الهاتف فركضت صوبه لأصيح: ألو (احمد)؟ نعم. قل كل ما تشاء يا (احمد) أنا أسمعك، فصاح: نعم، نعم، السؤال الكبير الذي يعترينا في كل لحظة من اللحظات التي نعيشها، هو السؤال الذي ينزفنا في كل دمعة، وحرقة، وصوت. إلى أي حد هم كانوا يخشون من هذه المراقد؟ يبدو إن الرايات التي تخفق في كل زيارة تخيفهم. ويبدو أنهم يكرهون المودة والمحبة والوفاء. يكرهون منظر أن تتوافد الملايين لزيارة مرقد العسكريين عليهما السلام. لا يريدون لهذه الملايين أن تتوافد على مدينة. ألفوا نبضها وعرفوا ناسها، قلت: تحدّث يا (احمد)، فالقضية ليست قضية شيعة وسنة إطلاقاً، فالقضية تعني جريمة نكراء في جميع اللغات والأديان والضمائر. فصاح (احمد): نعم الكل هنا سنة وشيعة يؤمنون بأنها كانت عملية تستهدف الدين والإسلام وخيانة صريحة لوصايا الرسول الكريم(ص). والكل هنا يؤمن انهم خانوا دينا وأمة ووطنا. لقد خانوا تاريخا وحاضرا مشرفا. لكن هناك ملاحظة يا جماعة، فرغم كل ما حصل من تخريب، مازال المرقد المبارك يتوضأ وهج القداسة قبسا في كل ضمير، ألو، الو انقطع الخط ولم يجد (رضوان السلامي) شيئا سوى تهدئتي، لا اعتقد إن شيئا مهما بقى لديه؟ فأجبته: لا يا أخي هناك أشياء مهمة كثيرة فنحن في بداية المشوار هناك مسائل مهمة، فناصره (هاشم الصفار): صحيح هذا الذي تقوله، لكن ليس من المعقول أن يجري كل الذي تريده في يوم واحد، فلا يزال المجال كبيرا، قلتُ: الذي أريد أن أعرفه هو كيف كانت لحظة اللقاء بالضريح الشريف؟ كيف بهم وهم يقفون لحظتها أمام ضريح مذبوح الوريد؟ ثمة جراح ومصاب. ثمة لا متوقع سيتغلغل في أحشاء العبارة.
ثمة حجر مهدم و أتربة كبيرة المشكلة كبيرة، كبيرة جداً فانا اعتقد إن المجرمين سيصابون بخيبة أمل كبيرة، لقد توهم الفاعلون أنفسهم فقد ظنوا إن قدرة الهدم بنيانا يعمر لهم التواريخ التليدة بجورها وجرأتها على الله وبمطامعهم الرخيصة. يريدون أن يسودوا العالم. وإذا بتلك القباب المذبوحة قادرة على أن تجمع تحت منائرها المذبوحة قلوب العراقيين، وتوحد هويتهم العراقية. وأعتقد أيضا إن الوافدين هم من معدن وهب العالم التضحيات الجسام، معدن صبور، سيحمل ذروة العطش الحسيني إلى العالم رواءً هناك، دون أن يمس سيادة مبدأ أو مذهب ولذلك هو سيدهش الآخرين بما سيقدم هذا الوفد من جهد لا يمكن لأحد أن يتصوره أبداً، فعقب (بشير التاجر): فيهم عذوبة الينابيع فيهم ألفة الرياض المقدسة لكنهم متعبون فجهد السفر مضنٍ وخاصة في مثل هذه الظروف وربما في غد ستسمع كل ما تريد.
جميع محاولاتي بالاتصال باءت بالفشل ولاشيء أملكه سوى الانتظار فانا متيقن إن ليل الشباب هناك لا يهجع فهو يتنفس برئة صبح، رن الهاتف فجأة: نعم، نعم (احمد) تكلم؟ الو أنا (احمد عبد الحسين) ولست احمد صادق؟ تحدث احمد كيف هو الوضع عندكم؟ نعم، لقد زار السيد قائمقام سامراء (الأستاذ محمود) والتقى بسماحة السيد وأخبره برغبة محافظ صلاح الدين ومعه قائد الشرطة والوجهاء والمسؤولين لزيارة سماحته غدا، قلتُ: هل هناك شيء آخر يا احمد، فأجاب أحمد: نعم فهناك مكالمة هاتفية من السيد معتمد المرجعية في بلد يستأذن بها اللقاء ومعه قائمقام بلد ووجهائها ومسؤوليها، قلتُ: إذا ينتظركم غدا عمل كبير، ضحك احمد عبد الحسين، أردت أن استفسر عن سبب الضحكة؟ فأجاب: الآن الفجر وليس ليلا. قل اليوم ينتظرنا عمل كبير؟! قلت: آسف احمد.
تأملت مع نفسي وأنا أضع رأسي على الوسادة لهجعة مؤمنة إن جغرافية اللحظة مهمة في العمل الإعلامي ولا بد أن تراعى كل كلمة، كل آه، بل حتى الصمت. ذهب بي الأرق إلى التفكير جدياً ماذا لو نتحدث يوماً بشكل صريح عن جذر المشكلة؟ وليثق حينها الجميع بالنتائج لأنها ستكشف سرابيل المعضلة. ليست القضية مذهبية إطلاقاً بل كان يقصد بها العراق كل العراق تاريخاً و حاضراً حجراً وناسا. القضية سياسية بحتة غلفوها بطابع ديني. ففي أيام الطاغية وحكم البعث كانت المسألة طائفية بحتة لكنها غلفت بطابع سياسي وكان النظام يرى أن كل من يرفض الطاغية إما شيعي أو متعاطف مع الشيعة. بعد ساعات من الانتظار رن الهاتف؟ ألو (منتظر العلي): ما هي أهم الأحداث التي جرت اليوم؟ قال منتظر: زار يوم الأحد الساعة العاشرة صباحاً محافظ صلاح الدين ووجهاء وشيوخ عشائر سامراء ورئيس مجلس الصحوة ووفد مدينة بلد يتقدمهم معتمد المرجعية وحضر اللقاء قائد عمليات سامراء اللواء رشيد فليح أبو العز. فصحت: منتظر هل تحدث سماحته بشيء؟ قال: نعم.
لقد قال كل ما يجيش من وجع في صدر العراق ولسان أهله الطيبين نحن نحلم أن تفترش لقاءات المودة في كل أرض هذا البلد الجريح. فكان الجمع هنا يحفل بالمكرمات ويمثل كل أطياف المجتمع بكل جهاته الرسمية والاجتماعية والعشائرية. يكفي التواري خلف الجراح. فالوطن يحتاج إلى من يرمم الصحوة لتنهض هذه البلدان يافعة باسم الله. لقد كثر الرماة وتعددت المرابط ولا ينهض بالحمل إلى أهله، وأهله أهل غيرة وشهامة وشرف.
ومن زهو المرجعية ثمة دلائل تكشف جوهر المعدن يقول آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله): (لو في الرمادي أقاموا مشروعاً يضر بأهلها فامنعوه) قلت منتظر: هل زار الوفد الضريح؟ فسمعت صوت (منظر العلي) يهدر بحرقة شديدة الانفعال رغم هدوئه المعروف عنه: نعم، نعم كانت القلوب تنضح بالأمنيات، وهي تدخل حضرة الضريح المبارك، صدقوني كانت رعشات الأجساد واضحة للعيان، كيف لا وهي مخاض بلاد وأمة ترتل عند مرقد هذا البهاء الصلوات، كانت رايات عز ترفل بالسلام، وكان العهد ولاء، إذ تشابكت الأيدي عنواناً لوحدة المصير والتوحد أمام هذا العناق. كان العناق عهداً عند قبر أئمة الخير.
نحن عراقيون أبناء عراق تشرف باحتضان رفات ست أئمة من أئمة الهدى والرشاد توزعوا خارطة العراق وتوحدت بهم الرموز،. هو سؤال يا منتظر هل ثمة فضائيات حضرت لتغطية المشهد فأجاب: كان للإعلام حضور لا يغيب مجموعة قنوات عراقية شكلت حركة دؤوبة ولقاءات لتبقي في ذاكرة الأجيال سنا هذا اليوم الحميم هل ثمة شيء بعد يا منتظر؟ فأجاب نعم نعم معك (احمد صادق) ما الذي لديك؟ قال احمد :ت لقد رسمت الغيرة ملامحها على أبناء الحسين يا أخي ثمة دهشة لوحت على وجه جميع من كان هناك فقد قدموا و هم في الساعات الأولى من العمل ما أدهش الجميع وبينوا للعالم انهم فعلا أبناء الحسين تمر اللحظات هنا جميلة وأجمل ما رأيت حين جلجلت الصوت الله أكبر ما أجملها سامراء حين تعانق سماءها اسم الله تعالى وما أبهى المرقد المقدس لحظة الصلاة فاجتمع الجميع ليؤوا صلاة موحدة بإمامة سماحة السيد احمد الصافي دام عزه،، قلتُ وبعد. قال: اهٍ لو رأيت حين اعتمرت سفرة المحبة بإسم الله وليغادروا بعدها مودعين، الو، الو، قلتُ تفضل احمد مازلت معك على الخط، تفضل، نريد أن نعرف أخبار العمران يا احمد؟
فقال فرحا: ربما بهذا السؤال هم فرسان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى أشاوس فدائيو الضمير مثلوا خارطة عراقية السمات والله كأنهم خلية نحل ويلاق بهم هذا التشبيه لقد تجمعت السواعد من أهالي بلد ، سامراء ، الكوت ، الكاظمية ، بغداد ، الحلة الفيحاء وفرسان خدمة العتبات المقدسة في كربلاء رجال جمعتهم محبة الله تعالى وجلاله العظيم جمعتهم نصرة آل البيت عليهم السلام لمظلمة هزت وتهز وجدان التواريخ هي امتداد لطبرة ثرثرت في محراب وأنين أضلع مكسورة الحنايا وأكباد تناثرت في طست موجوع وجسد سحقته سنابك حقد مسموم وخيل طراد وسموم وويلات سجون ودمار فانطلقوا مجاميع متفرقة هنا وهناك مجموعة تفرز قطع الذهب المنثورة ومجموعة تحمل بقايا ما تناثر من حنين، صخرة رأيتها بعيني يعجز عنها خمسون رجلا أو أكثر وإذا بشخصين أو ثلاثة يفتتونها بيسر تحت رحمة هذا الحب المطرز بالولاء وناس تعتلي الصحن الشريف لتنظف هناك ما تركته تشظيات الجراح مخلص الحديث حركة دؤوبة تملأ المكان،. جهد يلفت انتباهة الصحو، كان احد أولئك المجاهدين رجلا من اهلي سامراء يعمل برافعة شوكية وأسمه (ضياء فاضل صالح) والنعم من أبي فاضل كان وحده فريق عمل بل يزيد قلت أحمد وكيف كان يوفر لكم الطعام، فأجاب احمد فورا: كانت تقدم موائد خير، عنوان عافية وهوية كبرياء كريمة السمات. وفي أحداق الواهب أبي الفضل عليه السلام كانت الأمنيات زاداً وسقاية. فلهذا اعتمر مضيف العباس عليه السلام هناك ليؤدي كرم الضيافة وهذا عهد عاهدوه، (طباخون، خبازون، قصابون)، لأجل إطعام جميع العاملين في المرقد الشريف من الوفد او من غير الوفد ومن ضمن الحضور ثلاثون عاملا بنغلادشيين وكانت السفرة تضم بحدود خمسمائة فرد او اكثر وبواقع ثلاث وجبات يوميا، فرحت اسأل: وهل مؤونة المضيف كافية؟ فقال: نعم، نعم، وعلاوة على ذلك فقد تبرع الحاج علي الصراف، وقد كان مع الوفد بـ(1000) دولار للمضيف. وخمسة خراف من الحاج (علي حميد الشكرجي). وثلاثمائة ألف دينار من الحاج(فاضل الموسوي). وجميع تلك التبرعات ذهبت صرفيات للمضيف، وانقطع الخط عني، أوه أسئلة كثيرة كانت لدي.
فضحك (هاشم الصفار) ماذا تريد بعد وقد جهزوا لك كل المعلومات؟ بينما اعترضه (رضوان): (لا يابا) هناك ما يزال الكثير. ومد يده ليحاول الاتصال وبعد ساعات من الحيرة والانتظار وفجأة صاح بشير: لقد حصلت لكم احمد عبد الحسين، الو احمد هل ثمة أنشطة أخرى؟ فأجاب احمد: نعم لقد اجتمع المتعبون ليلا ليقدموا طقوس الراحة ولاء. يا أخي هم يفكرون كي لا تضيع دقيقة هباء، كل شيء هنا يرتبط على طبيعته بالحسين عليه السلام وبكربلاء الجرح والتاريخ فلذلك اجتمعوا تحت جنح محاضرة دينية قدمها فضيلة الشيخ صلاح الخفاجي، وقدمت أمسية شعرية وأهازيج صدحت بها حناجر الشعراء ومنشدي العتبات الحسينيين وقد برز دور الشاعر الأسمر (كرار الكريطي) احد الشعراء العراقيين المعروفين في كربلاء وهو احد خدمة العتبة العباسية المقدسة ليلهب حماس الكون في جلسة شعرية عاد الجميع كالأسود الى ساحة العمل الى حيث منتصف الليل.
وتم اختيار مجموعة من اهل الاختصاص بإشراف سماحته وبتوجيه هندسي من الدكتور محمد علي الشهرستاني حتى جلجل الفجر الساعة الخامسة صباحا. قبور أولياء الله يشيدها المحبون باشراقة من اشراقة السماء. هذه القبور التي تحمل الفكر والنور والهدى إشعاعات بركة هذه القبور التي حفظت القرآن والدين وهي عدل له، فقلتُ: هل بقى لديكم شيء؟ قال: لا. قلت: إذا إذهب لترتاح، ففي الغد ينتظركم عمل كبير. وهنا صاح احمد: نحن على أبواب الفجر الفجر..؟! قل اليوم ينتظركم العمل، ما بك هل تعبت؟ للمرة الثانية تخطأ في الوقت. قلتُ: لا باس فلا يضير قيمة الوقت اذا نسيناه امام عمل عظيم، إذا تصبحون على خير. فضحك احمد وانقطع الخط. بدأ الفريق كله يملي منشغلا بما وردته من أخبار. وشعبة الانترنت هي الاخرى صاحية تنتظر منا مزيدا من بشائر التدوين. فبين لحظة وأخرى، إما أن يرن جهاز الهاتف الداخلي أو يحضر منهم من يسأل: ها ما هي الأخبار؟ فيشاكسهم احدنا: (والله الجماعة مستعجلين)، وعلى هذا المنوال نسحق وجوم الانتظار بالعمل. واذا برضوان يحضر راكضا: ها، ما به جهازك مغلق؟ قلتُ: لا لماذا؟ قال: يشكون منه في الاتصال خذ معك احمد؟؟ من انا منتظر العلي لايهم ما الاخبار يا منتظر؟ فأجاب:ـ
يبدو ان ذاكرة الايام المباركة لا تعرف هجعة ولا نوم. الرجال محوا من قواميس تعاملهم اليومي مفردة اسمها التعب. فما إن طلع الفجر حتى شمر الوافدون سواعد العمل جهادا يعزز هذا الوجود، توزع الرجال فرقا تعمل. وكل منجز من منجزات عملهم يحتاج الى شهور من الضنى. حيث تم فتح عدة مخازن. بعد ان جمعت النفائس. وتم استحداث عدة مخازن أخرى. وتم بناء قفص حديدي وضع على القبر المطهر. وجهزت بردة خضراء. ليصبح ضريحا مؤقتا. واستمر العمل بتغليف القبور الشريفة بالبورسلين. وتم رفع الكتل الكبيرة. ونصبها وسط ساحة الصحن الشريف. قلتُ: منتظر مثل هذا العمل يحتاج الى اختصاصات متنوعة، فهل كان لها مثل هذا الحضور؟ فاجاب: منتظر نعم، نعم. لابد من تدوين يدرك حجم ما يقدم، لتحتفي به ذاكرة الأيام. إن المتطوعين شكلوا شمولية متكاملة من حيث تشكيلات حرفية فنية.
فترى فيهم الحداد والبناء والخياط والمهندس والكهربائي والإعلامي والشاعر. أي ثمة تمازج بين الجهد الفني والعضلي. وقد تناسق هذا الجهد تحت إشراف هندسي متخصص ليثمر الدقة المطلوبة. عمل بهي والحشد يقينا صاغ العواطف الولائية قيما، شجعت لمزيد من الإتقان. قلتُ: منتظر أعطني أحمد عبد الحسين، نعم احمد معك؟ بابا احمد كيف هي الحركة في مقر سماحة السيد؟ فأجاب: سرى النبض في عروق مدينة، ليتدفق شريان محبتها، أقضية ونواحٍ وأحياء سكنية. فلا يخلو المكان من تهاليل لقاء، سعيا لمقابلة الوفود لسماحته طيلة اليوم. قاطعته حينها: أحمد هل زرتم السرداب المبارك؟ أحسست لحظتها وكأنه هم ليمسح دمع عينيه المنهمر. فصاح: نعم، انتابت رعشات الجسد يقظة عند عتبات سرداب الغيبة المبارك. هنا عانقت الأرواح بكاء يدمي الأحداق. هنا أقيمت محاضرة دينية أخرى،. ثم افتتحت جلسة شعرية تراوحت بين الإنشاد والإلقاء. لنستذكر الغيبة والانتظار، أمسية حفزتنا الى لقاء المنقذ العظيم، قائم آل محمد (ص) فكان الدعاء تعجيلا لهذا الظهور المبارك، ليخلص هذا العالم من المؤامرات والجور والطغيان.
وفجأة انقطع الخط وأصبحت أتحمس لأشياء ربما لا اعرف ما هي. لكني اتحمس لها هنا صاح رضوان: اوه ماذا تريد بعد كل الذي نقلوه، قلت: لا اعرف لكن بالتأكيد هناك اشياء اخرى لا تقل اهمية عما ذكروه يا أخي. هم الان في زحمة العمل وقد تفوتهم اشياء ليست على البال ولا في الحسبان وهي مهمة. الله يكون في عون الجميع، حاولوا الاتصال بهم مرة اخرى، وفجأة رن جرس الهاتف واذا بي اسمع صوت الحاج القريشي عضو مجلس في الامانة العامة للعتبة العباسية المقدسة: نعم حاج ما هي الاخبار؟ فقال: اين انت منذ زمن احاول الاتصال؟ اعتذرت حينها: الخطوط ضعيفة حجي،. فقال:ـ ألا تدري بأن الإرث ثقيل؟
قلتُ: نعم، فقال عثرنا على صندوق اثري من النفائس، منقوش عليه أسماء الأئمة الاثني عشر، والذي يعود تاريخه الى سنة 606هـ على عهد الخليفة احمد الناصر لدين الله فهذا الإرث التاريخي آهات أسى توغل في الجراح، حتى هذا الصندوق الأثري، لم ينجو من عبث حقد دفين. فأي لغة كانت تجمع أولئك الأذناب؟ أي دين هذا الذي عنه يتحدثون؟
ولا أدري والله، هؤلاء الوحوش بأي ثقافة يتمتعون؟ وهذا الإرث يمثل ارث وطن وثقافة ودين. وانتهى الحديث بعدها بالسلام على من بقى هنا في العتبة. ولا شيء بقى سوى الصمت الذي يأخذنا نحو آهات. فعلا (يا ليتنا كنا معكم) يا ليتنا كنا مع احمد ومنتظر واحمد عبد الحسين. يا ليتني كنتُ ذهبت مع الطاقم الإعلامي حتى لو اضطر الامر ان استبدل واحدا منهم. ولكن هي أرزاق، هكذا صارت الروح تحدثني طيلة مدة الصمت لا نوم لا هجعة لا سالفة تنسينا الانتظار قلت: لننام قليلا فمن المؤكد سيكون اليوم الرابع يحفل بالاخبار والحركة وستجري طقوس مزدانة بالسبيل بلهفة عامرة تحث الجمع الى تقديم كل جهد كريم ويبدو ان احدى اتصالاتي قد نجحت فعلا ولكن بدل ان يجيبني احد احمد عبد الحسين اجاب منتظر العلي فسألته:ـ ماذا في الجعبة من اخبار منتظر؟ أجابني نعم لقد حضر ممثل اليونسكو الجزائري الجنسية (مراد زمت). وعند مجريات القول حث سماحة السيد ممثل اليونسكو على الإسراع في تنفيذ الإعمال. وبيّن له مدركات اللهفة، ومشارف هذي الجراح، التي كانت فاتحة سفر موشى بالدماء.
ثمة جانب عقائدي يطوف رؤى عند ندى هذا المرقد الشريف. ملايين القلوب والهة إليه. ملايين الأحلام تنتظر بشغف إطلالة منائر تحفل بالأذان ـ فلابد لهذه المقل التكايا أن تأخذها منظمة اليونسكو في نظر الاعتبار. وانبرى الحاج عبد الأمير القريشي عضو مجلس أمانة العتبة العباسية المقدسة مخاطبا ممثل اليونسكو. فقال: دعوا الإعمار عراقيا، وليشيِّد أبناؤه هذا الصرح. فهم أولى بصياغة هذا الجرح النازف ردا حاسما، لمن شاءها فرقة، ونزاعات.
فلينظر حينها صوب ما تهدّم،. كيف يقوم؟ وكيف يصير هوية وجدان، تجمع كل أهل العراق؟
وقد حضر اللقاء الأستاذ زهير عبد المجيد الأنصاري رئيس الدائرة الهندسية في ديوان الوقف الشيعي. نعم أحمد نعم هل في الصبح ان شاء ستتحركون عائدين الى كربلاء؟ نعم هذه الليلة الاخيرة ولذلك زهت أبجدية هذا اليقين، انقل ما دار في هزيع الليل. كانت هناك كتلة كبيرة استعمرت احد الأروقة وإذا بمعاول الصبر والإصرار واليقين. تفتت جمجمة الصخر، لينتشر عبق الصلوات ندية بالبشارة- وينطلق الطواف بهيجا، دون عوائق تربك الخطوات. فهتفت الحناجر (يا حسين) ولاء ومحبة، وهي تطلب الشفاعة وقبول الطاعات.
فأقاموا الصلاة إعلانا عن انتهاء العمل - ليكون لهم ذخر ليوم لا ينفع مال ولا بنون. وبعد العشاء أقيم مأتم كبير داخل الضريح المقدس. وجاءت سيارات الإطفاء للدفاع المدني لغسل الحرم والصحن الضريح والأروقة حتى ساعة متأخرة من الليل. قلت: أكيد سيطل صبح الرحيل مزدهيا بنشوة الانجاز بهجة عامرة بالحنين.
ولكن هذه المرة طال الانتظار واذا يفاجئني بعد يأس الهاتف يرن وفي نبرة المتحدث شيئ من القوة يشعره بالزهو. قلتُ: ربما هم على اشراف كربلاء الان. نعم من معي؟! هو اجاب لكني في خضم هذه الشغف قد لاتهمني الآن الاسماء من يكن ليكون المهم ماذا لديك؟ أين انتم الآن حدثني بالتفاصيل الدقيقة رجاء؟
فأجابني: لقد انطلق الركب حقلا من الدعوات، وعهدا يرنو الى غدٍ يزهو بالصلوات، وسلاما يرتسم على الشفاه الندية بالصلوات، السلام عليكما يا وليِّ الله، أستودعكما الله يا سيدي ّ. ولا جعله آخر العهد منا لزيارتكما .
اللهم عمِّر آفاق الرجاء بصحوة الرؤى، واجمع الله بهما الكلمة وآلف القلوب،
يمتد الطريق أمانا بالسلام سالما بالأمان، رغم مرافقة قوات من الجيش للركب الوافد، حيث زيارة مرقد (السيد محمد) عليه السلام. واخذ يصيح: نعم نعم أتريدني الآن أن أقرأ أنفاس مدينة مضمخة بعبير الأمنيات؟ قلت: نعم يا أخي نعم حدثني بكل ما لديك؟ فقال: أُستقبل الركب من قبل وفد أهالي مدينة بلد، قبلات مودة وعناق أخوة، هذا العناق هو معنى انتصار العراق على فتنة ميتة، سامها أعداء الدين والأمة والعراق، وتوحدت الخطى مراسيم زيارة. ليشرق السلام بهيا في هيبة الجمع المشعة في هذا الوئام. ولتقترب الخطوات حد التوحد،
وفي دار الضيافة أتسع المكان لوطن يحتضن الأبناء مودة، لصدور آمنت بهذا السبيل المؤمن بغيث أئمة ملؤوا البقاع توحدا وسلاما، لمجلس جمع أهالي المدينة وسماحة السيد فكانت كلمة سماحته المأوى لحكمة تمثل رؤى المرجعية والق خدمة المراقد الجليلة وهوى العراق الجميل، وبعدها اعتمرت سفرة الخير وجبة غداء هنيئة، ثم جلجل الآذان نديا (الله أكبر) لتتوحد الصلاة بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) نداء وحدة ترتسم بها العناوين، صرح وفاء، ولغة بيضاء ندية بالألفة، وفدٌ برئاسة قائمقام الدجيل، يفتتح التحايا، دعوة الوفد لزيارة الدجيل واعتذار يتوسم بالطيب لضيق الوقت وشكر تجلل لهذه الحفاوة من لدن سماحته بالتقدير. قلت له: أكمل أين انتم الآن؟ فقال: كانت قوات الجيش صحوة تلازم المسير ـ وما تركت هذا النبض إلا على مشارف مدينة المحمودية عند منطقة أبو دشير. فاستقبل الوفد من قبل دوريات شرطة الإسكندرية في الحصوة، حرصا يعهد بالسلام. وعند جسر المسيب، احتشد الناس من أهالي المسيب، يرأس الوفد السيد قائمقام المسيب ومدير شرطتها. فكان ضيق الوقت هو المانع الوحيد. وهنا صاح أين انتم الان؟ قلت: نحن على مشارف ناحية الوند، نحتشد بانتظاركم ويحتشد معنا الناس من أهل مدينة التاريخ والحضارة والفداء مدينة كربلاء المقدسة لاستقبالكم وقد وفقكم الله لاداء مراسيم زيارة، كللها بالعمران. ويقف في مقدمة المستقبلين السيد مدير الشرطة اللواء رائد. ومنتسبو الفوج الثالث والرابع، وبعض منتسبي العتبات المقدسة. وأنا أتحدث مع منتظر، لاح لي الموكب وصرخات التهليل: نعم منتظر بدأ الموكب أمام الرؤيا نعم الآن أصبحنا بالإمكان رؤيتكم، وما إن وصلوا حتى تم نحر الخراف قربة لوجه الله تعالى. وفي منطقة (عون) كان جمع من أهالي عون، يحتشدون لاستقبال هذا الوفد الموشى بالدعوات. وتم دخول الوفد الى مدينة كربلاء المقدسة ليزهو الفرح زكيا نابعا من الضمير. وترجّل ليذهب مباشرة زيارة الحسين ثم زيارة العباس عليهما السلام. ربما هي رحلة من رحلات عوالم الصحافة بالنسبة لنا ولكنها استذكارات بهيجة تسعد كل ضمير، دوّنتها رحلة مباركة الى مرقدي الإيمان، مرقدي العسكريين عليهما السلام. لتكون أوسمة عز لا يذبل، وسلاما يتطاول على كل آفات النسيان، فشكرا لكل من حمل السبيل بشائر خير، وشكرا لكل من صاغ من هذا الرشاد لنا العنوان.
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي