- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحركات المهدوية ظاهرة ام نتيجة
إن سلوك الأمم عامة يرتبط ارتباط وثيقا بثقافته سواء كانت هذه الثقافة سلبية أم ايجابية او بدرجة وضعها الاجتماعي والحضاري، ويتعلق سلوكها أيضا بتأثير القوى الفاعلة ذات النفوذ الواضح في رسم صورة المجتمع البشري على ما هو عليه سواء كان تقدماً أم تخلفاً .لذلك فان أي انحراف فكري في أي زمن كان يعود الى مدى استيعاب تلك القوى وتاثيرها القكري في المجتمع ،ومن هنا تكمن واجبات ومسؤوليات الطبقات الواعية في تلك المجتمعات، وهذه الواجبات عبارة عن تقويم وكشف للأسباب التي من ورائها ينحدر المجتمع الى الهاوية وإعطاءها المعالجات أيضا من اجل تصحيحها نحو المسار الواضح الذي من خلاله يسير ذلك المجتمع نحو ثقافة حية صانعة للحياة الأفضل. وهذه تعتبر من أخطر المسؤوليات بالنسبة للطبقات المثقفة الواعية ، وواجب الانسان الواعي المثقف إزاء مجتمعه هو واجب الطبيب في معالجة أمراض الجسم بخطاب يشخص المشكلة الحقيقية وبمقدار ضوء الثقافة التي تستنير بها العقول لإيصال الخطاب المناسب عبر وسائل مختلفة كوسيلة التدرج ووسيلة الصحيفة والإعلام والمسرح وخطبة الجمعة وكل الوسائل المؤثرة على الأمة.
وصادف في مرحلتنا الراهنة وكجزء من افرازات الاحتلال (الدولي) للعراق والاستحمار البشري لمواطنيه من قبل السياسيين ان تظهر على الساحة مجاميع دينية هدفها اظلال ابناء مجتمعنا من اجل السيطرة على عقولهم بعد ان تمت السيطرة على بلادهم ومقدراتهم من قبل الاخرين ومن خلال الفكرة المهدوية التي لا يمكن لاي مرجع ديني ان ينفي فكرة ظهوره.
و هناك مقولة شهيرة منسوبة إلى المؤرخ الإغريقي( بلوتارك) تدلل على أهمية الاعتقاد والدين بالنسبة للإنسان على مر التاريخ تقول: \"لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور.. ومدن بلا مدارس.. ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد\"، وربما تمثل تلك المقولة الفلسفية مدخلا ملائما لفهم وتحليل هذه الظاهرة التي من اهمها ان\" الاحزاب فشلت في استيعاب جمهورها داخل مجتمعاتها وان احداث البصرة والناصرية الاخيرة، تؤكد بما لايقبل اي شك على اهمية اعادة النظر بصياغة الخطاب السياسي لتلك للاحزاب وخاصة الاسلامية منها بما يواجه قيادات قواعد الجماعات المهدوية المتطرفة، التي تتخذ من صلب العقيدة الجعفرية، منطلقا لمحاربة توجهات هذه الاحزاب السياسية في مناطق جنوب العراق،اضافة الى النظر بامعان على الاحياء الفقيرة في البصرة او الناصرية وباقي المحافظات لان معظم هؤلاء ينظرون الى ما تم بناؤه من قبل رجال الدين المشاركين في العملية السياسية كمقرات او مساكن، وما حصلوا من امتيازات مادية او معنوية وبنفس الاساليب ولكن بطرق مختلفة ،اضافة الى ان الانسان في تلك المناطق الفقيرة يتمنى الظهور العاجل للامام المهدي كمخلص من الظروف التي يعيش فيها بعد انتفاء حجة المظلومية التي كانت تروج له الاحزاب السياسية خلال زمن طغيان النظام الصدامي \"
وهذا ايضا ما اكده سماحة المرجع الديني محمد اسحاق الفياض من خلال رأيه الرائع الذي نشر مؤخرا على شكل بيان فيقول ان\"يأس الناس عن الحكومة ومجلس النواب من جهة عدم الاهتمام الجاد بالخدمات الأولية الحياتية لهم كالكهرباء والسكن والمياه الصالحة للشرب وغيرها في طول هذه الفترة الزمنية وهي خمس سنوات تقريبا , حيث أن بإمكان الحكومة في هذه الفترة الطويلة أن تقوم بإنشاء محطات كهربائية في المحافظات الآمنة ومجمعات سكنية فيها للفقراء والمحرومين وبيعها عليهم بالأقساط طويلة الأمد كما هو المتعارف في جميع البلدان النامية , وهذا من أحد العوامل لإيجاد فرص العمل للعاطلين , و من الواضح إن له دورا كبيرا في استقرار البلد وأمنه وحسن ظن الشعب بالحكومة ، لأن هذه الخدمات تخفف من آلام الشعب وتزودهم بالثقة. اضافة الى اختلاف الكتل السياسية والأحزاب على المصالح الذاتية والأغراض الحزبية الضيقة بدون الأخذ بنظر الاعتبار مصالح البلد والشعب ككل مبينا في الوقت نفسه على الفساد الإداري والمالي من جهة واختلاف الرواتب العشوائية من جهة أخرى , ولكل من هذه العوامل دور كبير في ظهور هذه الدعاوي المنحرفة و المضلة والهزيلة والمخجلة من هنا وهناك\".
ومن هنا نستنتج ان هذه الافكار الشاذة التي بدأت تستشري في مجتمعنا العراقي هي ليست ظاهرة بل انها نتيجة لفشل سياسي قارب الخمس السنوات.
كربلاء المقدسة
تيسير سعيد الاسدي
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء