بقلم: علي الراضي الخفاجي
تلك كاليفورنيا مع مطلع عام 2025ميلادي ((فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقتْ))، ماحصل كان وفق قاعدة الجري والتطبيق في القرآن الكريم، التي تبين أنَّ القرآن يحمل عنصر الحركة والديمومة والتجدد، والتي أشارتْ إليها روايات المعصومين عليهم السلام، منه ماورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (إنَّ القرآن حيٌّ لمْ يَمُتْ، وإنه يجري كما يجري الليل والنهار، وكما تجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا). تفسير العياشي، 2: 218.
فالآية وإنْ نزلتْ في منْ يعمل صالحاً ليحصد نتيجته ثم يحبطه بالرياء والمنِّ وطلب السمعة، كمنْ يزرع بستاناً من أنواع ماخلق الله تعالى ثم يحترق وينتهي إلى زوال وحطام، وذلك في سياق قوله تعالى((أيودُّ أحدكُمْ أنْ تكون لهُ جنَّةٌ من نخيلٍ وأعنابٍ تجري من تحتها الأنهارُ له فيها من كلِّ الثمرات وأصابهُ الكبرُ ولهُ ذُرِّيَّةٌ ضعفاءُ فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقتْ كذلك يبينُ اللهُ لكُمُ الآيات لعلَّكُمْ تتفكرون))البقرة/266، إلا أنها وفق تلك القاعدة تجري على كلِّ منْ تكبَّر وتجبَّر، وتلاعب باقتصاد ومصائر الشعوب، فيرسل الله تعالى عليهم ريحاً عقيماً غير مألوفة، لايرجى منها خير أو نجاة، يقول تعالى((وفي عادٍ إذْ أرسلنا عليهم الرِّيحَ العقيم. ماتذرُ من شيءٍ أتتْ عليه إلا جعلته كالرَّميم))الذاريات/41-42، وهي ريح عقيم غير مألوفة ولاتبشر بخير.
وظاهرة إعصارٌ فيه نارٌ ليستْ جديدة، والإعصار دوامة هوائية عنيفة، فإذا دخلت فيها النار التوتْ في داخل الريح، ونقلت النار إلى ماشاء الله تعالى لتحرق آلاف المنازل والأشخاص والمزارع.
فما حصل في ولاية كاليفورنيا إعصار كان يرتفع إلى مئات الأمتار في الفضاء، ويتقدم بسرعة أكثر من مئة كيلو متر في الساعة ما جعل العلماء – ممَّنْ لا إيمان لهم – يعجزون عن اكتشاف سر هذه الرياح فوصفوها بـ(شياطين الغبار)، فبعد أنْ تخمد لساعات تعود لتشتعل من جديد.
والحديث عن الريح العقيم أو الريح الصرصر التي ذكرها القرآن الكريم، وكيف أهلك الله بها قوم عاد، في قوله تعالى ((وأما عادٌ فأُهلكواْ بريحٍ صرْصرٍ عاتيةٍ. سخَّرها عليهمْ سَبْعَ ليالٍ وثمانيةَ أيامٍ حُسوماً فترى القومَ فيها صرعى كأنَّهُمْ أعجازُ نَخْلٍ خاوية)). الحاقة/6-7، يُفنِّد ما زعمه التاريخ المعاصر إنَّ أول إعصار ناري كان عام 1923م، والذي ضرب اليابان وأحرق في ربع ساعة أكثر من ثمانية وثلاثون ألف شخص، وقيل أكثر وأنه كان من أقوى الأعاصير، فالقرآن ذكر قوم عاد حين استكبروا، وهذه من السنن التاريخية ((فأما عادٌ فاستكبرواْ في الأرض بغير الحقِّ وقالواْ منْ أشدُّ منا قُوَّةً أولمْ يَرَواْ أنَّ الله الذي خلقهمْ هو أشدُّ منهم قُوَّةً وكانُواْ بآياتنا يجْحدُون)). فصلت/15، ذلك حينما أعطاهم سبحانه القوة والبأس والقدرة على نحت الجبال، ولكنهم طغوا وأشركوا وتجبروا، كما هو لسان حال الأمريكان في الزمن الحاضر وتوعداتهم بالحرق والاستعباد ونهب الثروات، وأنهم القوة الأكبر في العالم، وهذه من مظاهر الاستكبار التي تنتهي بسخط الجبار وعذابه المخزي في الدنيا قبل الآخرة، يقول تعالى عن نهاية قوم عاد ((فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيامٍ نحساتٍ لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذابُ الآخرة أخزى وهم لايُنصرون)). فصلت/16، فكان لهذه الريح المرسلة صوت عنيف ((تدمِّرُ كلَّ شيءٍ بأمر ربِّها)) الأحقاف/25، في أيام نحسات، تصفها اليوم الصحافة الأمريكية أنها أيام شؤم، ((لنذيقنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا))، ومافعله الأمريكان في بلاد المسلمين وخططوا له من إشعال الفتن، لاريب أنَّ الله تعالى لهم بالمرصاد، وهو كما قال سبحانه ((ولاتحسبنَّ الله غافلاً عمَّا يعملُ الظالمون)). إبراهيم/42.