كشف تحقيق استقصائي لمحطة تلفزيونية محلية عن حصول قائد "قوات سوريا الديمقراطية" -المدعومة من واشنطن- مظلوم عبدي وعدداً من السوريين على وثيقة سفر عراقية عبر دائرة الجوازات في مدينة كركوك، ودوائر الجنسية والجوازات في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق شمالي البلاد، ما أثار جدلاً سياسياً وشعبياً، في ظل ما بدا أنه تدخلات سياسية لحصول غير العراقيين على الوثائق الرسمية والأصولية.
وأعاد الكشف ملف تجنيس غير العراقيين وتمكين شخصيات تدور حولها الشبهات من الحصول على الجواز العراقي، إلى الواجهة مرة أخرى، إذ تسرّبت أخيراً وثائق تُثبت حصول سوريين وغيرهم على الجنسية والجواز العراقيين، بتدخلات من أطراف ولمصالح سياسية واقتصادية واتفاقات أمنية بين بعض القادة المعروفين في البلاد.
وبحسب التحقيق الذي بثه تلفزيون "السومرية"، فإنّ "ملف التجنيس غير الشرعي والقانوني من الملفات المشبوهة في العراق؛ لأنّ منح الجنسية والجواز يتم بدوافع سياسية وديمغرافية وخلافاً للقانون، وقد جُنِّس مئات السوريين وغيرهم في مديرية جوازات السليمانية، ومن ضمنهم مظلوم عبدي قائد قوات "قسد" وحزب العمال الكردستاني، المصنف عراقياً حزباً إرهابياً". ووفق التحقيق، جرى تغيير اسم عبدي في الوثيقة إلى خليل محمد حسين.
وحصل عبدي على "الجنسية والجواز بدوافع سياسية"، وفقاً للقناة التي أفادت بأنّ "شخصاً إيرانياً آخر حصل على الجنسية وهو آري جلال أحمد، وهذا الرجل لديه نشاط معارض ومسلّح خارج إيران"، مضيفة أنّ عملية منح الجنسيات والجوازات العراقية مستمرة منذ عام 2012. وقد عرضت القناة وثائق تثبت حصول مظلوم عبدي على الجواز والجنسية العراقية.
ولم تُعلّق السلطات العراقية على الموضوع حتى الآن بالنفي أو التأكيد رغم حدة الجدل الشعبي والسياسي الذي خلفته القضية. وتسبب الكشف عن تجنيس مظلوم عبدي بموجة ردود فعل واسعة، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي، لما اعتبره البعض "تهديداً لتركيبة البلاد الديمغرافية". مع العلم أنّ القانون العراقي ينصّ على قبول التجنيس لمنْ أقام في العراق بصورة مشروعة مدة لا تقل عن عشر سنوات متتالية. كذلك تنصّ الفقرة الثالثة من المادة 6 في القانون الحالي على أنه "لا تُمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق".
ويخشى عراقيون أن تؤثر تعديلات القانون المرتقبة سلباً على تركيبة بلادهم الديمغرافية، وتطمس هويتها العربية، وخاصة في العاصمة بغداد، حيث توجد جنسيات عديدة مهيّأة لنيل الجنسية.
رغم ذلك، سعت بعض الأحزاب والكتل في مجلس النواب العراقي إلى تمرير قانون يتضمن فقرة تسمح بتجنيس غير العراقيين من الأجانب الذين قضوا عاماً واحداً في البلاد، لكن المشروع توقف بسبب الضغط الإعلامي والشعبي الرافض لهذه الفقرة.
وفي حزيران الماضي، أصدرت مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة التابعة الى وزارة الداخلية توضيحاً بشأن منح الجنسية العراقية وأعداد المجنسين في العراق. وذكرت، في بيان، أنّ "قانون الجنسية رقم 26 لسنة 2006 يعد من القوانين الرصينة جداً ولا يمكن بموجبه منح الجنسية العراقية إلا لمن تنطبق عليه شروط معينة حيث نصت المواد (6 و7 و11) منه على كيفية منح الجنسية العراقية لطالبي التجنس، كذلك ما تضمنته التعليمات رقم (3) لسنة 2014".
وأضافت أنّ "الأعداد التي جرى تداولها في منصات التواصل الاجتماعي بخصوص أعداد المجنسين غير صحيحة"، مشيرة إلى أن "المديرية لديها إحصائيات دقيقة بهذا الخصوص".
وبيّنت أنه "يمكن للزوج أو الزوجة المتزوجين من عراقي الحصول على الجنسية بشرط الإقامة المشروعة المستمرة في العراق لمدة خمس سنوات دون انقطاع، كما حددت المادة (6) شروط التجنيس العادي، والتي تتطلب إقامة مشروعة مستمرة لمدة عشر سنوات دون انقطاع".
لكن مصادر سياسية عراقية، تحدثت، عما وصفتها بـ"تسهيلات" تتم بـ"دوافع سياسية أو مصلحية"، تُمنح فيها الجنسية بشكل غير شرعي. وكل ذلك، وفقاً لأحد المصادر، "يحدث بواسطة من بعض الأحزاب التي لديها مصالح تجارية واقتصادية ونفعية مع أطراف خارجية، وللأسف فإن الذين يمنحون الجنسية لم يستوفوا الشروط للحصول عليها، بل إنّ بعضهم متهمون بالإرهاب ومطلوبون لدولهم ودول أخرى". وبيّن المصدر أنّ "حصول هؤلاء على الجواز العراقي يمنحهم فرصة للسفر إلى البلدان التي تسمح للعراقيين بالدخول إليها" حسبما ذكره موقع "العربي الجديد".
وذكرت المصادر أنّ "العراق أصدر خلال السنوات العشر الماضية حوالي عشرة آلاف جنسية وجواز لغير العراقيين معظمهم من السوريين والإيرانيين، وبعضها جرى بطريقة أصولية وبعضها عبر التزوير وبتواطؤ حكومي سرّي"، موضحة أنّ "منح بعض الجوازات العراقية لا يتم عبر الدوائر المحلية في داخل العراق، بل عبر سفارات العراق في الخارج".
من جهته، قال المحامي نبيل العلوي إنّ "القانون العراقي حدّد ضوابط وشروطاً للحصول الإقامة والجنسية ثم الجواز، لكن الواضح أنّ الفساد انتقل إلى هذه الدوائر أيضاً، بالإضافة إلى التأثيرات السياسية، مع العلم أنّ منح الجنسية إلى غير العراقي خارج الضوابط، جريمة يحاسب عليها القانون، لأنها تعتبر جريمة مركّبة واحتيالاً على صلاحية وزير الداخلية".
وأضاف العلوي، أنّ "هناك آلاف الجوازات العراقية صدرت لغير العراقيين خارج الضوابط، وتمّت من خلال التزوير والرشى والتأثيرات السياسية والعلاقات الحزبية، وهذا الأمر إذا استمر فسيؤدي إلى تراجع قيمة الجنسية والجواز العراقي أكثر من تعثرها في التصنيفات العالمية حالياً".
المصدر: السومرية + العربي الجديد
أقرأ ايضاً
- أجبرت نحو 130 ألف شخص على الفرار.. حرائق كاليفورنيا مستمرة
- خفضت عنهم (350) مليون دينار.. العتبة الحسينية: اكاديميات ومراكز تعالج التوحد وثلاث امراض اخرى
- على ارض التعليب.. العتبة الحسينية تشيد مدينة طبية وبانوراما الطف ومدينة للعلوم واخرى للزائرين