تفرّدَ سماحةُ العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسي المولود في مدينة كربلاء المقدسة (عام 1947 م) وراعي ومؤلّف أكبر موسوعة بقضية الإمام الحسين (عليه السلام) وهي دائرة المعارف الحسينية ومؤسس مركز الإمام الحسين (عليه السلام) للدراسات في لندن عام (1993)، بموسوعيته في خوض غمار العديد من العلوم الدينية والفقهية والأدبية، مقدّماً حتى الآن كنوزاً هائلة في مجال التأليف والكتابة والتحقيق.
ويكمن هذا التفرّد الخاص في طرح الموضوعات والأفكار والأطروحات الجديدة على الساحة الإسلامية والعالمية، منطلقاً بذلك من ثقافة الثقلين العظيمين كتاب الله (عزّ وجل) وأئمة الهدى (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
- الدليل إلى قول الجليل -
ومن المؤلفات الجديدة التي طرحها سماحته، موسوعة (الدليل إلى قول الجليل – الجزء الأول) التي صدرت مؤخراً عن بيت العلم للنابهين في بيروت، والكتاب من القطع الكبير وبعدد صفحات (723 ص).
وتمثل هذه الموسوعة معجماً فنياً لفهرسة آيات القرآن الكريم، التي تمثل عملاً شاقاً وتحتاج إلى الكثير من التدقيق والمتابعة الحثيثة وكثير من الوقت، كون أن عملية فهرسة آيات القرآن الكريم ليست حديثة العهد؛ إذ شهدت المكتبة القرآنية أنواعاً كثيرة من الفهارس القرآنية لآياته، إنّما في (المعجم المفهرس لآيات القرآن الكريم) الذي يقدّمه العلامة الكرباسي هنا تحت عنوان (الأسلوب الكشفي)، فهو إلى جانب إدراج المفردات القرآنية المفردة، أدرج سماحته المفردة مسبوقة بــ (واو المعية) وحروف الجر، وأن وأخواتها والأحرف المشبّهة بالفعل وغيرها، كما أدرج الأدوات والضمائر في أماكنها، وذكر الكلمات القرآنية المحتوية على تلك الأدوات أو الضمائر إلا في حال تشابه الكلمات فيتم إدراج الآيات أو جزء منها وأسماه سماحته (الدليل إلى قول الجليل)، موضحاً فيه بالوقت ذاته التطور في المعاجم، ووضع جداول عدة بأسماء السور ومرادفاتها وتسلسل نزولها وآيات السجدة الواجبة والمندوبة، وأوائل السور بالحروف المقطّعة وجداول أخرى في بداية هذا الكنز المعجمي الهائل.
- المُرسل والرُّسل والرسالة ـ
ومن المؤلفات الجديدة أيضاً للمحقق والعلامة الكرباسي كتابه (المُرسِلُ والرُّسُلُ والرِّسالةُ) الذي صدر عن بيت العلم للنابهين في بيروت بــ (319 صفحة)، وراجعه وعلّق عليه الباحث الدكتور نضير الخزرجي.
الكتاب هذا في الحقيقة يمثل كتابين في كتاب واحد، ويبحث فيه المؤلف سماحة الشيخ الكرباسي في موضوع المُرسِل (عزّ وجل) والرُّسُل (الملائكة) والمُرسَل إليهم وهم الأنبياء (عليهم السلام)، وكذلك الرسالة السماوية التي أُنزلت عليهم، ولكنه جاء في بحث شيّق للغاية ومفيد ونافع للباحثين وطلّاب العلم، حيث انتهى كل فصل بقصائد أو مقطوعات شعرية عن ملائكة الله تعالى ورسله ورسالاته من نظم سماحته، ليقدّم بذلك البحث العلمي والشعر في كتاب واحد.
ـ موسوعة الشرائع ـ
لسماحة المحقق العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسي (حفظه الله تعالى) موسوعة ضخمة جداً تحت اسم (الشرائع) والتي يطرحُ فيها مسائل فقهية في موضوعات شتّى، هذه الموضوعاتُ التي لا تقتصر على ما طرحه السابقون في مجال العبادات والمعاملات فحسب، وإنّما استطاعَ بعلميّته وحجّته وأدلته العقلية ومَلَكة الاستنباط أنْ يبيّن للمتعبّدين والمتعلّمين (على سبيل النجاة) الأحكام الفقهية الصحيحة وموقف الشرع من الكثير من المسائل الحياتية في ظل التطور الحاصل على مستوى العالم في مختلف المجالات.
ومثالٌ على ذلك، فقد صدرت ضمن هذه الموسوعة، كتاب (شريعة الميقات) الذي كما يعلم الجميع يرتبط بالإحرام في فريضة الحج المباركة، وهي في الحقيقة مواقيت للإحرام بحسب مكان انطلاق الحجاج إلى مكة المكرّمة ولا يمكن الإحرام من سواها إلا في حالات محدّدة، ولم يفت سماحته (حفظه الله) في هذا الكتاب أو الكرّاس أن يقدّم له مقدمة وافية، حيث عرّف فيها الميقات وبين أن الموقت قد يكون زمانياً وقد يكون مكانياً، وأكد أن مواقيت الإحرام حددت من قبل الشرع، إما بالقول أو الفعل.
كما أن من الشرائع الحديثة التي يقدّمها ويعرفها سماحة الشيخ الكرباسي هي (شريعة السايبر)، والسايبر يعرّف بأنه مصطلح يستخدم لوصف الفضاء الذي يضم الشبكات المحوسبة وشبكات الاتصال والمعلومات وأنظمة التحكّم عن بعد، وتختلف استخداماته من دولة لأخرى وفقاً لأوليات الدول، فهناك السايبر المدني والأمني والاستخباراتي.
كما يتطرّق الشيخ الكرباسي في هذا الكتاب إلى مفهوم الهجوم السيبراني الهجوم الرقمي أو الإلكتروني، وهذا الأمر رغم أنه مستحدث لم يفت الشارع الإسلامي فوضع له أحكامه بعد أن اعتبره جريمة وحرباً وبيّن ضرر كما بين استثناءاته، وأحكام العاملين في هذه الحرب، وهذه الأحكام قد أوضحها مؤلف الكتاب الشيخ الكرباسي (حفظه الله) إضافة إلى أحكام أخرى متعلقة به من البعث الإعلامي الكاذب إلى التعلم في الوجوه المحرّمة، وأحكام النصر في هذه الحرب من الغنائم والأسر، وأحكام الحرب الاستباقية وما يتفرّع عنها من أحكام في (75 مسألة).
كما وأصدر سماحته كتابه عن (شريعة البتكوين) أو ما تُعرف بــ (العملة الآلية) أو (العملة الرقمية)، التي لا تعد عملة حقيقية بل افتراضية، وهنا كما في كل جديد يُفرض علينا يطرح السؤال المعهود:
ما هي نظرة المشرّع الإسلامي لهذه العملة؟
وما هو حكم التعامل بها؟
هل هو جائز أم محرّم؟
وقد تصدّى الشيخ الكرباسي لهذا الأمر، ووضع لنا هذا الكرّاس المعنون بـ (شريعة البتكوين) ليبيّن فيه أحكام هذه العملة في (75 مسألة)، بعد أن يوفي الشرح والتعريف عنها في مقدمته الوافية والمسهبة، وأشار إلى تسميتها وتاريخ بدء التداول بها والشخص الذي أصدرها، فيما قدّمه لنا سماحة آية الله الشيخ حسن رضا الغديري.
- قلائد شعرية عن الموسوعة ـ
مثلما أنّ الشيخ الكرباسي يبحر طويلاً وبعيداً في بحور العلم والأدب والثقافة، وخصوصاً في موسوعاته الكبيرة التي توثّق لأعظم الأحداث والمعالم الإلهية، فإنّ جيلاً كبيراً من الشعراء والأدباء قد نظموا قصائدَ جميلة توثّق هذا المنجز الإسلامي الفريد لدى سماحته.
فقد أصدر الأديب الشاعر حسين البزّاز مجموعته الشعرية المعنونة (شواهد النبوغ والإبداع الفكري لدى الشيخ الكرباسي)، والصادرة عن بيت العلم للنابهين في بيروت، وضمّت (146 قصيدة شعرية) بقوافٍ وبحور شعرية مختلفة، وقد نظمها الشاعر مستغرقاً بالحديث عن منجزات هذا العلم الكربلائي العلامة الكرباسي وما حققته خلال حياته المباركة من إبداع في ميادين شتى العلوم.
الأديب البزاز في مقدمته للمجموعة، وبعد أن يعرّف بالمحقق الكرباسي وآثاره الكتابية والموسوعية، أشار إلى أن "مؤلفات وموسوعات الشيخ الكرباسي تحتاج إلى الإشادة والتقريظ لتشكّل هي الأخرى رافداً مهماً من رواد نشاط سماحته المتعددة الجوانب والمتنوعة الأغراض"، مبيناً بأن "سماحة الشيخ الكرباسي معروض بسعة مداركه ومجهوداته في مختلف ميادين حياة الفرد المسلم وتحويله إلى طاقة إيجابية فاعلة".
كما أصدر الأديب الشاعر رضا كاظم الخفاجي مجموعته الشعرية التي حملت عنوان (المسكُ المعطّر بما حبّر الكرباسي وحرّر) وذلك عن بيت العلم للنابهين في بيروت بـ (399 صفحة) من القطع المتوسّط، وضمّت هذه المجموعة الجميلة (194 قصيدة).
ويذكر الأديب الخفاجي في مقدّمته للمجموعة قائلاً: "لقد سررت كثيراً عندما طُلب منّي أن أسأهم بعطائي المتواضع لأسلط الضوء وباختصار وتركيز شديدين على بعض الجوانب من هذه الإنجازات العملاقة التي قام ويقوم بها العلامة الكرباسي، لعليّ أتوفّق في إعطاء رؤية صادقة عن هذا الجهد الهائل وغير المسبوق".
ويضيف قائلاً: "لقد كنت أقرأ بشغف هذه الكنوز الفكرية لهذا العالم الفقيه الجهبد، حيث استفدت الكثير منها، وما أنجزه وينجزه سماحته يدعو إلى الفخر والاعتزاز".
واختتم مقدمته بالقول: إنّ "آية الله الكرباسي عالم وفقيه موسوعي، توفّر على أسوبه الشامل والمميز من خلال توفره على معلومات هائلة في كثير من العلوم، فاجتهد وأصاب، وأضاف إلى الفكر الإنساني الأصيل؛ كونه ارتوى من ينابيعه الغزيرة بالمعرفة وهي القرآن الكريم والسنة النبوية وكنوز الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، فكانت هذه الإنجازات الباهرة التي تدخل السعادة والصفاء إلى أي قارئ يتناولها؛ كونها كُتبت بالأسلوب العلمي الرصين البعيد عن التطرف والتعصّب والانحياز العاطفي الساذج، وهذا هو جوهر أسلوب الأئمة المعصومين (عليهم السلام)".
أقرأ ايضاً
- كربلاء:العتبة الحسينية تؤسس مجلس للذكاء الاصطناعي وتخطط لافتتاح جامعة له
- العتبة الحسينية تطلق حزمة من الامتيازات لطلبة جامعة السبطين الدولية
- الأمين العام للعتبة الحسينية يشارك بافتتاح فعاليات موسم الأحزان الفاطمي: المهرجان يجسد مظلومية الزهراء