تعاني الصناعة العراقية من انتكاسة منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، والتي لم تنهض منها لغاية الآن، ليأتي "الانفلات الاستيرادي" بعد العام 2003 ليجهز على ما تبقى من صناعات محلية محدودة، وبذلك أغلقت المصانع والمعامل الحكومية والأهلية أبوابها لتشاهد بحسرة تراجيديا اضمحلال الصناعة الوطنية.
إذ شخص عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية حسين مردان، "الأسباب الحقيقية" لضعف صادرات السلع والبضائع العراقية الى الدول الأخرى.
وتحوّلت الصناعة العراقية إلى "سلعة" سياسية يحاول رؤساء الحكومات حصد إنجاز إعلامي بها ورفع رصيدهم الشعبي فقط، بحسب ما يرى مراقبون، ويؤكدون غياب أي حلول حقيقية لدعمها، سواء بفرض ضرائب على البضاعة المستوردة أو المساهمة بتسويقها داخليا، أكدوا أن دعم هذه الصناعة وخاصة الكهربائية سيشكل موردا ماليا كبيرا للدولة.
وقال مردان، إن "العراق يمتلك العديد من البضائع المتميزة والنادرة مثل التمور وغيرها، ولكن أبرز الأسباب لضعف الصادرات العراقية الى الخارج تتمثل في التعليب والتسويق والترويج له لاسيما من الحكومة في ضخ مادة إعلامية حقيقية عن البضائع العراقية، بالإضافة الى ضعف التنسيق مع بقية الدول"، مشيرا الى ان "اجود أنواع التمور العراقية تذهب الى الامارات والهند وتعلب هناك على أساس أنها ليست عراقية".
وأضاف مردان، أن "اللجنة لديها خطوات إيجابية بهذا الخصوص وبدأت بالعمل على دعم المنتج المحلي على المستورد"، مؤكدا على "وجود جهات مستفيدة من ضعف الصادرات العراقية لغرض إغراق السوق بالمستورد".
وكشف عضو لجنة الاقتصاد النيابية، موفق حسين، في 31 آب الماضي، عن وجود ترهل وظيفي كبير داخل وزارة الصناعة والمعادن العراقية، لافتاً إلى أن 66 ألف موظف في الوزارة لا يعملون.
واشار إلى أن إنتاجية الموظف في العراق لا تتجاوز الـ17 دقيقة يوميا، في ظل حاجة العراق إلى قانون لتنظيم العطل الرسمية التي تتسبب بهدر الوقت وتحول دون الإنتاج والتطور.
وأجلت الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين، النظر إلى مشكلات التنمية البشريَّة في القطاع الخاص، ولجأت إلى حركة توظيف في القطاع العام، لتصبح الوظيفة الحكومية "حلم الشاب وغايته"، لتتراكم هذه المشكلات وتتضافر حتى باتت عبئاً ثقيلاً على الموازنات المتتابعة مهما كانت انفجارية استثمارياً.
وأظهرت حسابات وزارة المالية، في 18 تموز الماضي، ارتفاع النفقات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بنسبة 12% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب الرواتب والترهل الوظيفي.
يشار إلى أن معامل الفوسفات والأسمدة والطابوق والمعجون والأدوية، كلها متوقفة أو شبه متوقفة، رغم أنها متداخلة بالقطاع الزراعي والصناعي.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.
يشار إلى أن الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، أكد في تصريح سابق، أنه "مضى على عمر الحكومة العراقية الحالية فترة طويلة، لكن لغاية الآن لم نر تفعيلا حقيقيا للقطاع الصناعي، ولا حتى دعما حكوميا للقطاع الخاص وليس الحكومي، وهذا يضعف الاقتصاد الوطني بالتأكيد، ولذا فإن الاقتصاد ما زال هشا".
وأضاف أن "العراق لا يمكن له الاعتماد فقط على عمليات الاستيراد، مقابل ذلك استمرار الاعتماد على النفط في دعم موازنة الدولة، فيجب أن تكون هناك صناعة وطنية تشكل موردا أساسيا لدعم خزينة الدولة، فهذا أمر اقتصادي مهم لتعزيز موارد الدولة".
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قال في 2 آيار 2023، خلال مؤتمر الاستثمار المعدني الذي أقيم في بغداد، إن "العراق قادر على إنتاج صناعة وطنية تضاهي ما ينتج في الدول العربية.. ولن نبقى متفرجين ببقاء العراق سوقا استهلاكية بل سيكون هنالك إنتاج وطني".
أقرأ ايضاً
- حتى نهاية الشهر.. الإمارات تعلن إلغاء الرحلات إلى بغداد
- التجارة تعلن اصدار الهيكل السلعي للصادرات والواردات لأول مرة في العراق
- الإعمار : قرب إحالة 3 مدن سكنية في بغداد