في خطوة للحد من ارتفاع حالات الطلاق والتفكك الأسري في المجتمع، تعمل لجنة المرأة والطفولة في مجلس النواب على مقترح لعقد دورات تثقيفية “إجبارية” للمقبلين على الزواج بهدف معرفة حقوقهم وواجباتهم وإنشاء مؤسسة أسرية سليمة ومتكاملة.
وتقول رئيس لجنة المرأة والطفولة النائب دنيا الشمري، إن “اللجنة باجتماع مع المجلس الأعلى أكدت على ضرورة إنشاء مؤسسة الأسرة، التي تهدف إلى توعية الأسر بحقوقها وواجباتها، في ظل نقص الوعي الحالي لدى الأزواج الجدد، ولكن هذا المشروع يحتاج إلى تكلفة مادية، بالإضافة إلى إنشاء مسودة من قبل مجلس الوزراء، حيث تتضمن وجود دورة إلزامية للمقبلين على الزواج”.
وتضيف الشمري، أن “هذه الدورة تكون شرط اساسي من شروط الزواج وتكون بمدة تتراوح من شهر إلى شهرين، وتحتوي على مناهج معينة يتم اعطاؤها إلى المتدربين”، مشيرة إلى أن “المجتمع العراقي فقد الترابط الأسري بسبب التطور التكنولوجي، وهذه الدورة بإمكانها توعية وتثقيف المقبلين على الزواج ومعرفة حقوقهم وواجباتهم”.
وتتابع، أن “الذين يخضعون للدورة يكونون من جميع الأعمار، ولا يوجد عمر محدد، وحتى المطلقين والأرامل يخضعون لها، حيث يتم تعيين باحثين اجتماعيين يتواصلون مع المقبلين على الزواج لتهيأتهم لظروف الحياة”.
وتلفت رئيس لجنة المرأة والطفولة، إلى أن “الكويت والامارات وإيران لديهم هذه التجارب سابقا، ونجحت في بعض البلدان، حيث تم في إيران افتتاح كلية الأسرة”.
وتؤكد أن “اللجنة حصلت على موافقة رئيس مجلس الزوراء محمد شياع السوداني، لإنشاء هذه الدورات وسيتم مناقشة الأمر خلال الفترة المقبلة من أجل وضع لجان من قبل عدد من الوزرات للمضي به”.
ويأتي هذا الطرح، على إثر تصاعد العنف الأسري في البلاد، حيث كشفت الداخلية العراقية في أيار الماضي، عن تسجيل قرابة 14 ألف دعوى عنف أسري خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري في عموم مدن البلاد، وأن الاعتداء البدني هو الأعلى نسبة فيها، بينما بلغت نسبة الطلاق في العراق في العام الجاري 22.7 في المائة من إجمالي عدد الزيجات.
ومنذ سنوات عدة، شخّص متخصصون تزايد معدلات الطلاق في العراق عاما بعد آخر، وقرعوا جرس الخطر إلا أنه لم يتم اتخاذ أية معالجات لهذه الظاهرة، وحددوا عدة أسباب لتنامي ظاهرة الطلاق، أبرزها الزواج المبكر والوضع الاقتصادي ومواقع التواصل الاجتماعي وتدخلات ذوي الزوج أو الزوجة أو الأصدقاء بحياتهما الخاصة.
إلى ذلك، يبين الخبير القانوني علي التميمي، أن “إنشاء دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج لمعرفة حقوقهم وواجباتهم أمر بامكانه أن يساهم في تقليل حالات التفكك الأسري”.
ويرى التميمي، أنه “على المقبلين على الزواج أن يتعرفا على بعض بشكل جيد قبل العبور إلى مرحلة الزواج لتفادي حالات الانفصال والتفكك الأسري فيما بعد”، مبينا أنه “منذ فترة طويلة طرحنا فكرة ومقترح أن تدرس مادة حقوق الانسان وقانون الاحوال الشخصية في المدارس والجامعات لمعرفة حقوقنا وواجباتنا، لاسيما أن هذا العمر مقبل على الزواج وعليه معرفة هذه الامور”.
ويتابع، أن “إنشاء دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج مقترح جيد، لكن يفضل إدراج مادة حقوق الإنسان والأحوال الشخصية في المؤسسات التعليمية والتي بدورها سيكون لها تأثير كبير في المجتمع”.
يذكر أنه، بحسب إحصائية لمجلس القضاء الأعلى، فقد بلغ عدد الزيجات الجديدة في شهر أيار الماضي 28505 حالة زواج، فيما بلغت حالات الطلاق 6666 حالة، وهو ما يعني تسجيل 222 حالة طلاق يوميا في المحاكم العراقية، وأكثر من 9 حالات في الساعة الواحدة، فيما تصدرت العاصمة بغداد القائمة بحالات الزواج والطلاق.
وينشر مجلس القضاء الأعلى شهريا أعداد الطلاق، لكن لا تشمل تلك الإحصائيات حالات الطلاق المسجلة في محاكم إقليم كردستان العراق، مما يعني أن الرقم أكبر بكثير عند احتساب كافة الحالات في العراق ككل.
وبحسب نتائج المسح الوطني للمرأة العراقية، الذي تم تنفيذه بالشراكة مع الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط الاتحادية وهيئة إحصاء إقليم كردستان، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان مكتب العراق للعام 2021، بلغت نسبة النساء اللواتي تزوجن قبل بلوغهن سن الـ18 عاما 25.5 بالمئة، بينما أظهرت نتائج المسح أن نسبة المؤشر نفسه في كردستان بلغت 22.6 بالمئة.
من جانبه، يشير الباحث الاجتماعي أحمد الذهبي، الى أن “المقترح النيابي لتقديم دورات تثقيفية إجبارية للمقبلين على الزواج هي فكرة مأخوذة من التجربة الماليزية للحد من ارتفاع حالات الطلاق والتفكك الأسري”.
ويضيف الذهبي، أن “المجتمع يحتاج إلى رخصة القيادة، وعندما نريد أن نقود عائلة نحتاج إلى رخصة أيضا لتسير عجلة الحياة بأمان وبوتيرة مستقرة”.
ويؤكد “هناك حاجة لأن نطبق هذه الدورة من قبل متخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع، وكذلك نحتاج إلى التأهيل النفسي للحد من ارتفاع نسب الطلاق، وتكون هذه الدورة الالتزام بها بشكل اجباري من قبل الطرفين المقبلين للزواج”.
ويتابع الباحث الاجتماعي: “نحتاج أيضا إلى ثورة تأهيل نفسي تكون فيها التوجيهات والإرشادات النفسية من أجل قيادة الأسرة بشكل صحيح”، مبينا أن “المجتمع يحتاج إلى ثورة نفسية شاملة بسبب ما تعرضت له من حروب لإعادة تقويم سلوك الافراد”.
وكان المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، حذر العام الماضي، من خطورة تدهور الوضع الاقتصادي والذي بدوره أثر بشكل كبير ومباشر في ازدياد نسب الطلاق بشكل غير مسبوق، وأكد أن العامل الاقتصادي يشكل ما نسبته قرابة 50 بالمئة من حالات الطلاق وأخرى بسبب زواج القاصرات والتعامل السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي وبدورنا نطالب الحكومة إيجاد الحلول المناسبة للحد من هذه الظاهرة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟