من غبار الطريق وحرارة الجو والاتربة العالقة في الجسد والملابس ومن لهفة العطشى وضجيج المواكب، ومن طريق ذو ممر واحد، يدخل "المشاية" على الطريق الرابط بين العاصمة بغداد ومدينة كربلاء الشهادة الى مدينة سيد الاوصياء العصرية للزائرين، فيتحولوا من حال الى حال، ففيها يجدوا الفضاء الواسع والحدائق الغناء والنافورات المتصاعدة دفقات مائها، فيتنفسوا هواءً عذبا ويشربوا ماءً زلالاً، ويجدوا من الخدمات الكثيرة ما لا يجدوه في غيرها من الامكنة والمواكب، ففيها عشرات القاعات التي تؤويهم، والمضائف التي تطعمهم، والمراكز الصحية التي تداويهم والمؤسسات الثقافية والدينية التي تزودهم بالرشد والنصيحة، والاتصالات المجانية المحلية والدولية، مدينة محدودة بمساحتها وكبيرة جدا بخدماتها، تقدم الطعام والشراب على مدار الساعة، وقبل كل ذلك فيها منتسبين متفانين بعملهم الى حد انهم لا يلتفتون الى ساعات الدوام بل يبذلون جهدهم بروح تتعالى عن المصالح الشخصية، ويقف مسؤوليهم ومدرائهم كتفا بكتف معهم في تقديم الخدمة في جميع المواقع.
مضائف ووجبات
يصف مسؤول الاعلام في المدينة "علي الحسيني" ما تتميز به خلال زيارة اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) من خدمات لوكالة نون الخبرية بالقول ان" مدينة سيد الاوصياء العصرية للزائرين التابعة للعتبة الحسينية المقدسة تستمر للموسم الثامن على التوالي في تقديم خدماتها للزائرين المتوجهين الى زيارة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) في اربعينيته، وتنقسم خدماتها على ثلاث محاور، منها المحور الخدمي الذي يشمل توفير (22) قاعة لمبيت واستراحة الزائرين، مبنية من طبقتين ومكيفة ومؤثثة بجميع سبل الراحة، وكذلك توفير مضيفين لاطعام الزائرين الاول على الشارع العام امام باب المدينة يقدم الوجبات السريعة والماء والعصائر بمعدل ( 9 ــ10) وجبات على مدى (18) ساعة يوميا، وهي وجبات متعلقة بذائقة الزائر وحرصه على الوصول سريعا الى كربلاء المقدسة، والثاني مضيف المدينة المركزي الكبير بمساحته حيث يتكون من طبقتين ويقدم ثلاث وجبات".
وجبات وتوقيتات
تراعي ادارة المدينة حركة الزائرين وذائقتهم فتقدم لهم وجبات مختلفة في توقيتات عدة يقول عنها الحسيني " ان الخدمة بدأت يوم العاشر من شهر صفر بتقديم وجبات الطعام للزائرين، بواقع (3 ــ 4) وجبة يوميا، وارتفعت الاعداد مع ارتفاع زخم "المشاية" حتى وصلت الى تقديم اكثر من (10) الاف وجبة يوميا في المضيف الداخلي، اما المضيف الخارجي فيقدم اكثر من عشرة الاف وجبة طعام يوميا ومعها الاف اخرى من وجبات الفاكهة والعصائر الطبيعية والصناعية والمعجنات، ويمكن القول ان جميع الوجبات التي تقدم خلال ايام الخدمة التي تتجاوز (12) يوميا يصل الى اكثر من مليون وجبة غذائية تقدم للزائرين، اما قاعات المدينة التي يصل عددها الى (22) قاعة فتستوعب في الوقت الواحد (150) شخص، وتستخدم لغرضين اما الاستراحة لساعات والمغادرة او للمبيت، وتبلغ طاقة القاعة الاستيعابية الاجمالية حوالي (500) زائر يوميا، وكذلك تستوعب المدينة مئات الالاف من الزائرين على مدار الساعة في الحدائق وحول النافورات، وبالمجمل فإن المدينة تستقبل وتأوي وتطعم وتسقي وتعالج ملايين الزائرين خلال الزيارة الاربعينية".
خدمات طبية وحكومية
لا يقف حجم الخدمات المقدمة في مدينة الزائرين على الاطعام والشاب والمنام فقط، بل يتعداه الى الخدمات الطبية والصحية التي يقول عنها ان" في المدينة محور ثاني هو جانب الخدمات الطبية بالتعاون مع دائرتي صحة الرصافة وكربلاء المقدسة حيث افتتح مركز طبي متطور اشبه بالمستشفى الميداني داخل المدينة يقدم خدمات كبيرة وفيه صالة للعمليات، والاسنان، والطوارئ، ومركز صحي خارج المدينة، يقدمان خدمات استشارية وعلاجية طبية ومعهما مركز للمساج للزائرين، وتتكفل المدينة بتوفير السكن والاطعام وامكنة العمل لملاكات المراكز الصحية ليقدموا افضل الخدمات الطبية، كما تتكفل المدينة بتوفير السكن والطعام مجانا لجميع الملاكات العاملة في المؤسسات الحكومية التي تشارك في تقديم الخدمات للزائرين في الاربعينية لان محور بغداد واسع وكبير جدا، مثل موظفي وزارة النقل وباق المؤسسات الخدمية، وكانت استعداداتنا مبكرة هذا الموسم للزيرة، حيث تتزايد اعداد الزائرين سنويا، وكل عام هناك اضافات مثل تمت توسعة المضيف الخارجي هذا العام الى ضعف مساحته السابقة واضافة فقرات جديدة فيه، كما جرت عمليات تحديث على القاعات بتغيير الفرش والاثاث بآخر جديد".
خدمات ثقافية وتوعوية
تحرص المدينة على استثمار المناسبة في تقديم خدمات من نوع اخر هي الثقافة والتوعوية الدينية يقول عنها الحسيني ان" المحور الثالث من الخدمات يتعلق بالجانب الثقافي، حيث تقدم مختلف انواع الفعاليات الثقافية والتوعوية بالتعاون مع مؤسسة القبس الثقافية، فتنصب مراكز ثقافية عدة امام بوابة المدينة مهمتها تثقيف وتوعية الزائر قبل دخوله الى مدينة كربلاء المقدسة وزياد الوعي عنده، ومن بين نشاطاته تقديم عروض مسرحية، وتوفير مركز لرعاية الشباب واخر للتنمية وثالث لرعاية الاسرة، كما تتوفر خدمة ارشاد التائهين من الاطفال او كبار السن، وعمل مركز ارشاد التائهين متصل بقيادة العمليات وقيادة الشرطة والعتبة الحسينية المقدسة، وتتكفل النداءات التي تصدر من المركز عبر مكبرات الصوت التي تنتشر لمسافة كيلومتر واحد وبالتعاون مع السيطرات الامنية بايجاد التائهين واعادتهم الى ذويهم، كما يعمل مركز التوجيهات الدينية والشرعية على الاجابة عن استفسارات واسئلة الزوار فيما يتعلق بالجوانب الفقهية، واصدار الهويات التعريفية للاطفال وارقام هواتف ذويهم في حال تاه الطفل عن اهله يمكن الاتصال بالرقم واعادته اليهم، كما تتوفر خدمة الاتصال الدولي المجاني والداخل للاجانب والعرب والعراقيين".
عاملين ومسؤولين
وعن طبيعة ساعات الدوام للمنتسبين الذين يقدمون هذه الخدمات الكبيرة للزائرين يؤكد ان" الجميع يدخل في حالة الانذار في العاشر من شهر صفر بناء على توجيهات المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ويصير الدوام لمدة (12) ساعة يوميا، الا ان الكثير من المنتسبين يستمرون بالدوام لاكثر من تلك الساعات بل يبيتون في المدينة، بل منذ العاشر من المحرم يصبح هاجس الجميع انهم خدام حسينيون وتنعدم الطبقية بين الجميع فترى المسؤول والمنتسب يدا واحدة في تقديم الخدمة للزائرين العراقيين والعرب والاجانب القادمين من دول شتى بما فيها دول اوروبية، وما ان ينتهي مسير الزائرين ويدخلوا الى كربلاء المقدسة حتى تنطلق حملة تنظيف للشارع العام الواقعة مدينة الزائرين عليه لمسافة كيلومتر واحد وبمشاركة جميع المسؤولين ليساعدوا ملاكات بلدية كربلاء في هذا العمل".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- تعالجت مجانا بالعراق: سيدة لبنانية اصيبت بجلطة لفقدها ولدها و(178) شخصا بقصف واحد(فيديو)
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق