يشهد العراق خطراً حقيقياً جراء أزمة الجفاف التي يمر بها ويعد من أشد الدول تضرراً، ويرجح الخبراء أسباب الشحة إلى عدة عوامل بعضها ناجم عن سياسات "دول المنبع" والبعض الآخر مرتبط بالتغيير المناخي لتكون المحصلة النهائية تحول جداول الماء والأهوار والبساتين في بلاد ما بين النهرين إلى صحراء قاحلة، ووسط هذا التحدي يرى بعض المواطنين ضعف في الإجراءات الحكومية المتعلقة بملف ترشيد الاستهلاك.
ويقول المواطن علي محسن لوكالة نون الخبرية ، إن "التراجع الكبير في منسوب مياه نهري دجلة والفرات صادم، والنتائج التي خلفها الجفاف واضحة وكثيرة حيث نشاهد عزوف المزارعين عن زراعة أراضيهم والكثير من أصحاب -المواشي التي تفضل العيش بالقرب من المسطحات المائية- تركوا مهنتهم، ناهيك عن ارتفاع أسعار السمك بسبب الجفاف".
ويضيف، أن "مسببات الجفاف كثيرة وأغلبها بحاجة إلى تدخل حكومي، لكن هناك مشاهد مؤلمة نراها في الشارع المتمثلة بهدر المياه من قبل بعض المواطنين وأصحاب المحال التجارية ومحطات غسيل السيارات، حيث يهدر الكثير منهم كميات كبيرة من الماء دون رقابة أو محاسبة حكومية تذكر".
من جهته يبيَّن مدير ماء كربلاء المقدسة المهندس محمد فاضل النصراوي، لوكالة نون الخبرية، أن "هناك غرامات واجراءات بحق المخالفين، لكنها لا تتلاءم مع حجم الاجراءات، والمديرية ليس لديها القدرة الكافية لتطبيق القانون على الجميع لعدم وجود فرق جوالة".
ويوضح، أن "عمل دائرة الماء يرتكز على المشاريع ومواقع العمل والمجمعات المائية والصيانة، وهناك فرق جوالة محدودة للصيانة والتجاوزات، وجزء كبير من المخالفات لا تقع تحت مرمى النظر والاعتماد على التبليغ واستلام الشكاوى أو الملاحظة ويتم اتخاذ الاجراءات اللازمة، ولدينا تعاون مع البلدية كونها حاضرة في جميع المناطق، وبالتعاون مع القائمقامية تتم عمليات إزالة الاشتراكات غير النظامية وهناك دعاوى ترفع على المخالفين أو حجز على الأموال والعقارات وهذه الإجراءات لا تفي بالغرض"، داعياً الجهات المختصة إلى "تشريع قوانين اقوى تدعم الدوائر الخدمية في محافظة كربلاء خصوصاً مع هذا التوسع العمراني والسكاني الكبير".
هذا وفقد العراق 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، والانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة من تركيا إلى سد الموصل على نهر دجلة وسد حديثة على نهر الفرات، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية، كما تعرض نهر الفرات لمتغيرات كثيرة، أدت إلى انخفاض مناسيبه بشكل كبير، ما تسبب بجفاف بحيرة الحبانية من جهة، وتأثيره على مناطق عديدة في الأنبار، فضلا عن عدم قدرته على تغذية الأهوار، خاصة بعد أن جرى تحويل مساره لتغذيتها بدلا من الوصول لشط العرب.
وكانت إيران قد غيرت مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع نحو 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى كافة، ما أدى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
كما أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
ابراهيم الحبيب/كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "