- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (10)
بقلم: نزار حيدر
الطائفيُّونَ والمُتربِّصونَ والحاقدُونَ والذينَ {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ} يرَونَ عاشوراء من خلالِ شعيرةٍ لا تُعجبهُم للطَّعنِ بكربلاء مُتسائلينَ [أَهذا هوَ كُلَّ ما أَنتجتهُ لنا نهضة الحُسين السِّبط (ع)]؟!.
أَو أَنَّهم يرَونَ كربلاء من خلالِ خطيبٍ جاهلٍ أَو قصيدةٍ تافهةٍ أَو حركةٍ مُتهوِّرةٍ أَو ما أَشبهَ ذلكَ ثُمَّ يتساءلُونَ [أَهذا هوَ كُلَّ ما عندكُم]؟!.
إِنَّهم يتربَّصونَ بكُلِّ شيءٍ ليجِدُوا زلَّةَ يوظِّفونَها في حَملاتِ الطَّعنِ و [التَّسفيهِ] التي يشنُّونها كُلَّ عامٍ في ذِكرى الطَّفِّ.
وفي ذكرى عاشُوراء يشحذُ الطائفيُّونَ و [المرضى] هِممهُم ويسخِّرُونَ وسائل التَّواصل الإِجتماعي بأَقصى سُرعةٍ وأَوسع انتشارٍ للطَّعنِ بالذِّكرى.
فلِماذا عاشُوراء فقط؟! لماذا كربلاء دونَ غيرِها مِن أَرضِ الله الواسعةِ؟!.
هل يتصوَّرُونَ أَنَّ بوسعهِم تلخيصَ عاشُوراء العظيمة التي امتدَّت عِبر الزَّمنِ وانتشرت عِبرَ الآفاقِ بمثلِ هذهِ الجهُودِ الطَّائفيَّةِ السَّاذجةِ؟!.
هل يقبلونَ من غيرهِم أَن يدلِّلوا بالذبَّاحينَ الذينَ يتلُونَ آيةً من القرآنِ الكريم قبلَ أَن ينحرُوا ضحاياهُم، ليقولُوا لهُم [أَهذا هوَ كُلَّ ما أَنتجهُ لنا القُرآن الكريم]؟!.
هل يرضَونَ منهُم أَن يستشهِدُوا بجرائمِ الغرب [المسيحي] ليقولُوا لهُم [أَهذا هوَ كُلَّ الذي أَنتجهُ لنا السيِّد المسيح (ع) وأُمَّهُ العذراء البتُول (ع)؟!.
هل يقبلونَ من غيرهِم أَن يسوقُوا صُوراً من جرائمِ الصَّهاينةِ ليقولُوا لهُم [أَهذا هوَ كُلَّ الذي أَنتجهُ لنا نبيَّ الله مُوسى (ع)]؟!.
{تِلْكَ إِذًا [واللهِ] قِسْمَةٌ ضِيزَى}.
أَوَّلاً: هيَ ليست المرَّة الأُولى ولا المرَّة الأَخيرة التي يتمُّ فيها توظيفَ أَيَّ شيءٍ للطَّعنِ بعاشُوراء والتَّقليلِ من شأَنِ كربلاء.
فمنذُ عاشُوراء عام [٦١ للهجرةِ] ولحدِّ الآن إِنقسمَ النَّاسُ إِلى قِسمَينِ:
القِسمُ الأَوَّل: هُم الذينَ فرِحوا ويفرحُونَ بها {اللّهُمَّ العَنْ أَبا سُفيانَ وَمُعاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنَ مُعاوِيَةَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الابِدِينَ، وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِيادٍ وَآلُ مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الحُسَيْنَ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ، اللّهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَ مِنْكَ وَالعَذابَ الاليم} كما وردَ في زيارةِ عاشُوراء.
ولحدِّ اليَوم هُناكَ من الشُّعوبِ والأُممِ التي تفرح في يومِ عاشُوراء أَشدَّ الفرح، فيخرجُونَ بالمسيراتِ [البهلوانيَّة] ويوزِّعُونَ الحلوى وغيرَ ذلكَ من مظاهرِ الفرحِ، فيما يفتخرُ البعض بأَنَّهُ سيذبحُ الحُسين السِّبط (ع) بيدَيهِ هاتينِ لو أَنَّ اللهَ بعثهُ اليَومَ مرَّةً أُخرى وعادت عاشُوراء!.
أَمَّا الإِعلام [العربي] فنلمِسَ تجاهلهُ للذِّكرى بشَكلٍ واضحٍ وكأَنَّ ضحايا عاشُوراء مِن الفُرسِ أَو الدَّيلمِ، وليسَ هوَ سِبطِ رسولهِم الكريم (ص) الذي قالَ عنهُ وعن أَخيهِ الحسن السِّبط (ع) {الحَسَنُ والحُسَينُ رَيحانتايَ مِن الدُّنيا} و {الحَسَنُ والحُسَينُ سيِّدا شبابِ أَهلِ الجنَّةِ}.
القِسمُ الثَّاني: هُم الذينَ حزنُوا أَشدَّ الحُزنِ وعاشُوا ويعيشُونَ المُصاب أَبدَ الدَّهرِ {يا أَبا عَبْدِ الله لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلّتْ وَعَظُمَتِ المُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَمِيعِ أَهْلِ الإسْلامِ، وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ فِي السَّماواتِ عَلى جَمِيعِ أَهْلِ السَّماواتِ} {وَأَسْأَلُ الله بِحَقِّكُمْ وَبِالَّشْأنِ الَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي بِمُصابِي بِكُمْ أَفْضَلَ مايُعْطِي مُصاباً بِمُصِيبَتِهِ، مُصِيبَةً ما أَعْظَمَها وَأَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الإسْلامِ وَفِي جَمِيعِ السَّماواتِ وَالأَرْضِ!} كما وردَ في الزِّيارةِ المذكُورةِ آنفاً.
ثانياً: أَوليسَ من الظُّلمِ والجهلِ والسَّفاهةِ والعمى أَن يختزِلَ امرؤٌ حدَثاً عظيماً وذكرى مُجلجِلة مثلَ عاشُوراء بقَصصٍ تافهةٍ واهتماماتٍ ثانويَّةٍ لا تُغني ولا تُسمِنُ من جوعٍ فيختزلَ النَّهضةَ الحُسينيَّةَ بشَعيرةٍ ينتقدَها أَو أُخرى لا يستسيغَها أَو ظاهرةٍ عابِرةٍ هُنا أَو هُناك؟! أَلا يدلُّ ذلكَ على أَنَّ هذا المرءُ جاهلٌ لا يفهمُ شيئاً مهما زعمَ وكيفَ ما زعمَ؟!.
ثالثاً: إِن عاشُوراء لا تُقرأ بشَكلٍ سليمٍ وصحيحٍ إِلَّا من على لسانِ صاحبِها، الحُسين السِّبط (ع) وأَنَّ كربلاء لا يُمكنُ استيعابَها إِلَّا من ذاتِها.
إِقرأُوا الحُسين السِّبطِ (ع) برسائلهِ وخُطبهِ ومواقفهِ وتضحياتهِ.
إِقرأُوا زينب بنتَ عليٍّ (ع) بصبرِها وخُطبِها ومواقفِها وشجاعتِها وتحدِّيها وبالحربِ النفسيَّةِ التي شنَّتها وقادتها ضدَّ الطَّاغية يزيد في مجلسهِ والتي دمَّرتهُ وفضحتهُ بها.
وهكذا هيَ كُلَّ الأَحداث العُظمى التي غيَّرت وجهَ التَّاريخ، وأَنَّ الذينَ يوظِّفونَ [التَّوافهَ] من الأُمورِ بذريعةِ البحثِ عن حقيقةِ عاشُوراء أَحدُ إِثنَينِ؛ فإِمَّا أَنَّهم يتعمَّدُونَ ذلكَ بسببِ معاناتهِم من أَمراضٍ مُزمِنةٍ شتَّى في قلوبهِم ونفوسهِم وعقولهِم، أَو أَنَّهم جاهلُونَ لا يعرِفُونَ كيفَ يدخلُونَ كربلاء ليقرأُوا عاشُوراء ويفهمُوا الحُسين السِّبط (ع)! فـ {ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَىٰ}.
نصيحتي لهُم أَن يُعيدُوا النَّظرَ في طريقةِ دراستهِم للحدثِ، قبلَ أَن يتيهُوا فيضيعُوا.
أقرأ ايضاً
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (20)
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (19)
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (18)