- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (4)
بقلم: نزار حيدر
الذينَ قتلُوا الحُسين السِّبط (ع) على نَوعَينِ:
الأَوَّل: هُم الذينَ [أُوتُوا العِلمَ].
الثَّاني: هُم الهمجُ الرُّعاع.
فأَمَّا النَّوعُ الأَوَّل؛ وهُم الذينَ خطَّطُوا وقادُوا، وهُم الأُمَّة التي {أَسْرَجَتْ وَأَلجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ} وهُم الأُمَّة التي {دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ الله فِيها} كما وردَ ذلكَ في زيارةِ عاشُوراء، كانُوا يعرفُونَ كُلَّ شيءٍ، يعرفُونَ مَن هوَ الحُسين السِّبط (ع) وما هي منزِلتهُ في الإِسلامِ وعندَ رسولِ الله (ص) كما كانُوا يعرفُونَ جيِّداً مَن هوَ الطَّاغية يزيد وكَم هوَ تافِهٌ لا يمكِنُ مُقارنتهُ بشسعِ سبطِ رسولِ الله (ص) سيِّدِ شبابِ أَهلِ الجنَّةِ ورَيحانةِ جدِّهِ حبيبِ إِلهِ العالَمينَ رسولُ الله (ص).
كما أَنَّهم كانُوا يعرِفُونَ السَّبب الشَّرعي الذي دفعَ بالحُسينِ السِّبط (ع) لرفضِ البَيعةَ للطَّاغيةِ يزيد، ولماذا خرجَ عليهِ وتوجَّهَ إِلى الكُوفة.
إِنَّهم [العالِمُونَ العارِفُونَ] بكُلِّ شيء! فما الذي كان يجهلهُ مَن لعنتهُم الزِّيارةِ المذكُورةِ بقَولِها {وَلَعَنَ الله آلَ زِيادٍ وَآلَ مرَوْانٍ وَلَعَنَ الله بَنِي اُمَيَّةَ قاطِبَةً وَلَعَنَ الله ابْنَ مَرْجانَةَ وَلَعَنَ الله عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَلَعَنَ الله شِمْراً}؟!.
أَمَّا النَّوع الثَّاني فهُم الجَهَلةُ والأُميُّونَ الذينَ ينعقُونَ معَ كُلِّ ناعقٍ، وهم واحدٌ من [٣] أَنواع هُم أَصنافُ النَّاس الذينَ يصفهُم أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) بقولهِ {وهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ ولَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ} بسببِ أَنَّهُم تركُوا ظالِماً أَو فاسِداً يتحكَّم بعقُولهِم {كَمْ مِنْ عَقْلٍ أَسِيرٍ تَحْتَ هَوَى أَمِيرٍ} كما يقُولُ (ع).
وهذا النَّوع منَ النَّاسِ عادةً ما يكونُونَ حطبَ نيران أُولئكَ فيُضحُّونَ بحياتهِم وبدمائهِم ويبيعُونَ آخرتهِم بدُنيا غيرهِم، وبالتَّالي فهُم الذينَ يخسرُونَ الدُّنيا ولا يربحُونَ الآخِرة.
ولقد حدَّثتنا آيات القُرآن الكريم في مواطِنَ عدَّةٍ بأَنَّ علَّةَ الإِختلافِ وأَصلهُ عادةً، والذي يصِلُ في أَغلبِ الأَحيانِ إِلى الحربِ والإِقتتالِ وسفكِ الدِّماءِ وانتهاكِ الأَعراضِ، هوَ العِلمُ وليسَ الجهلَ، فـ [العُلماء] هُم أَساس بلاء الأُمَّة، يُضللِّونَها ويخدعُونَها ويقُودونَها إِلى المهالكِ ويُواجهُون بها الحقَّ.
يقولُ الله تعالى {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} و {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} وقولهُ {وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ ۖ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَاجَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} و {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} و {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
ولقد أَشارَ القُرآن الكريم كذلكَ إِلى هذهِ الفلسفةِ الدَّقيقةِ بقَولهِ {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
كما قصَّ علينا القُرآن الكريم واحدةً من أَشهرِ قصصِ مُواجهَةِ [العُلماء] لأَنبيائِهِم ورُسُلهِم أَلا وهيَ قصَّة مُواجهَة [العالِم] لنبيِّ الله موسى (ع) بقولهِ {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.
فـ [العالِمُ] هوَ الذي قد ينسلِخ من علمهِ وليسَ الجاهِلُ الذي يفقُد العِلمَ من الأَساسِ، على قاعدةِ [سالِبةٌ بانتفاءِ المَوضُوعِ].
ولهذا السَّبب نُلاحظ أَنَّ رسولَ الله (ص) دعا عُلماء النَّصارى لمُباهلتهِم ولم يدعُ الجهَلة والأُميِّينَ منهُم.
يقولُ تعالى {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}.
وفي أَوضحِ آيةٍ في القرآن الكريم بهذا الخصُوص قولَ الله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
فـ [العُلماء] همُ الذينَ يواجهُونَ الحقَّ والصِّدقَ ثم يأتي من بعدهِم الذينَ لا يعلمُونَ ليكرِّرُوا قَولهُم وفعلهُم كالببَّغاوات {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِفِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.
لذلِكَ نُلاحظُ أَنَّ القرآن الكريم يحذِّرنا من [العُلماء] أَكثر من تحذيرهِ من [الجهَلة] كقولهِ تعالى {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.
أَمَّا أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) فلقد ذمَّ اختلافهُم الذي ينتهي بالأُمَّةِ إِلى الإِختلافِ والفُرقةِ بقَولهِ {تَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ الْقَضِيَّةُ فِي حُكْمٍ مِنَ الأَحْكَامِ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِه ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ الْقَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِه فَيَحْكُمُ فِيهَا بِخِلَافِ قَوْلِه ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْقُضَاةُ بِذَلِكَ عِنْدَ الإِمَامِ الَّذِي اسْتَقْضَاهُمْ فَيُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِيعاً وإِلَهُهُمْ وَاحِدٌ! ونَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ! وكِتَابُهُمْ وَاحِدٌ! أَفَأَمَرَهُمُ اللَّه سُبْحَانَه بِالِاخْتِلَافِ فَأَطَاعُوه! أَمْ نَهَاهُمْ عَنْه فَعَصَوْه!.
أَمْ أَنْزَلَ اللَّه سُبْحَانَه دِيناً نَاقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِه! أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَه فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وعَلَيْه أَنْ يَرْضَى؟ أَمْ أَنْزَلَ اللَّه سُبْحَانَه دِيناً تَامّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ (ص) عَنْ تَبْلِيغِه وأَدَائِه واللَّه سُبْحَانَه يَقُولُ {ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ} وفِيه تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْءٍ وذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً وأَنَّه لَا اخْتِلَافَ فِيه فَقَالَ سُبْحَانَه {ولَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيه اخْتِلافاً كَثِيراً} وإِنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُه أَنِيقٌ وبَاطِنُه عَمِيقٌ لَا تَفْنَى عَجَائِبُه ولَا تَنْقَضِي غَرَائِبُه ولَا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِه}.
ولا نُجافي الحقيقة إِذا قُلنا بأَنَّ مشاكلَ الأُمَّة عادةً وأَزماتَها وعِللها سببها [العُلماء] تارةً بخِطابهِم وبيانهِم وتارةً بصمتهِم وسكُوتهِم! فأَيَّ خلافٍ وراءهُ [العُلماء] وأَيَّ أَزمةٍ وراءَها [العُلماء] وأَيَّ فِتنةٍ أَو مُشاحناتٍ أَو أَزماتٍ أَو انشقاقاتٍ وراءَها [العُلماء] وأَنَّ أَيَّ دمٍ يُراقُ أَو عِرضٍ يُنتهكُ وراءهُ [العُلماء] وإِنَّ أَيَّ مشارِيعَ تجهيلٍ وتسطيحٍ للوعي وشرعنةٍ للإِستبدادِ والنُّظُم الفاسِدة وراءها [العُلماء] أَمَّا عوامُّ النَّاسِ فمشكلتهُم الجهلَ الذي يدفعهُم للإِتِّباعِ عن غيرِ بصيرةٍ ومعرفةٍ على العكسِ من منطُوقِ الآيةِ الكريمةِ {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
والبصيرةُ كما هوَ معروفٌ تعني [قوَّةُ الإِدراكِ والفِطنةِ، العِلمُ والخِبْرةُ، عن عقيدةٍ ورأيٍ].
يقولُ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) {إنَّ أَبْغَضَ الْخَلَائِقِ إِلَى اللَّه رَجُلَانِ رَجُلٌ وَكَلَه اللَّه إِلَى نَفْسِه فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ مَشْغُوفٌ بِكَلَامِ بِدْعَةٍ ودُعَاءِ ضَلَالَةٍ فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِه ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ كَانَ قَبْلَه مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِه فِي حَيَاتِه وبَعْدَ وَفَاتِه حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِه رَهْنٌ بِخَطِيئَتِه}.
ولا ننسى فإِنَّ كُلَّ الحرُوبِ الثَّلاثة التي فُرِضَت على الأُمَّة في عهدِ خلافةِ أَميرِ المُؤمنِينَ (ع) خطَّط لها وقادَها [العُلماء] و [الفُقهاء]! الذينَ أَفتَوا بجوازِ قتالِهِ (ع).
كما أَنَّ الذي أَجازَ قِتالَ الحُسين السِّبطِ (ع) وأَفتى بجوازِ حزِّ رأسهِ الشَّريفِ هُم [العُلماء والفُقهاء]!.
ولذلكَ فإِذا أَردنا أَن لا تتكرَّر عاشُوراء بصُورةٍ من الصُّورِ فلنحذرَ [العُلماء] ولا نحذرَ الهمج الرُّعاع، نحذَر [فتاوى القَتل على الهويَّة] قبلَ أَن نحذرَ الرُّعاع الذينَ يلتزِمُوا بها فيذبحُونَ أَنصارَ كربلاء! فالذي أَفتى بقتلِ الحُسين السِّبط (ع) هُم [العُلماء] والذين شرعنُوا الخروجَ عليهِ هُم [الفُقهاء] وإِلى يومِكَ هذا فالذينَ استباحُوا دماءَ الأَبرياء هُم [عُلماء الأُمَّة] والذينَ أَسَّسُوا للحرُوبِ الطائفيَّة التي حصدَت أَرواح الأَبرياء هُم [فُقهاء الأُمَّة] وأَنَّ الذينَ شرعنُوا التَّكفير والذَّبح على الهويَّة وتدمير الحَضارة والتَّاريخ وسبي النِّساء للإِرهابيِّينَ هُم [عُلماء الأُمَّة وفقهاءَها].
والمقصُود بـ [العُلماء والفُقهاء] هُنا وكما هوَ واضحٌ جدّاً، أُولئكَ الذينَ قال عنهُم رسولُ الله (ص) {إِذا فسدَ العالِم فسدَ العالَم} فهُم عُلماء السُّوء وفُقهاء الفَساد و [عمائِم] التستُّر الذينَ يضلِّلونَ النَّاسَ ويأخذُونهُم إِلى مهاوي الطَّريق.
ولقد حدَّدَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) سبُلَ النَّجاةِ بالعِلمِ كما يلي:
قَالَ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ، أَخَذَ بِيَدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ع) فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَّانِ فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ ثُمَّ قَالَ؛
[يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ إِنَّ هَذِه الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ؛ النَّاسُ ثَلَاثَةٌ، فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ومُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ وهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ ولَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ].
أَمَّا [عُلماء السُّوء وفُقهاء الفِتنة] فقد وصفهُم (ع) بقَولهِ {ورَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا مُوضِعٌ فِي جُهَّالِ الأُمَّةِ عَادٍ فِي أَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ عَمٍ بِمَا فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ قَدْ سَمَّاه أَشْبَاه النَّاسِ عَالِماً ولَيْسَ بِه، بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْه خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ واكْتَثَرَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِه فَإِنْ نَزَلَتْ بِه إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً رَثًّا مِنْ رَأْيِه ثُمَّ قَطَعَ بِه فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ، فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ، جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ لَمْ يَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ، يَذْرُو الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ لَا مَلِيٌّ، واللَّه، بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْه ولَا أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِه لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَه ولَا يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِه، وإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْه أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِه لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِه تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ وتَعَجُّ مِنْه الْمَوَارِيثُ، إِلَى اللَّه أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالًا ويَمُوتُونَ ضُلَّالًا لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِه ولَا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً ولَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِه ولَا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ ولَا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَرِ}!.
أقرأ ايضاً
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (20)
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (19)
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (18)