لم يعد إقبال الزبائن على أسواق الأسماك مثلما كان في السابق، فغلاء الأسعار حد من وصول المواطنين إليها، وذلك بعد أن وصلت إلى الضعف تقريباً، لأسباب كثيرة أولها شح المياه المتكرر.
إلا أن قرار وزارة الموارد المائية، بإزالة جميع أحواض تربية الأسماك المنشأة على الأنهار في مدن وسط وجنوب العراق، قد انعكس سلبا على الثروة السمكية في العراق، حيث أكد عضو الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية محمد الدليمي، أن ردم البحيرات خفض انتاج العراق من الاسماك بنسبة تفوق الـ80%.
وكانت مئات البحيرات في عموم المحافظات العراقية تم ردمها خلال الاشهر الماضية بذريعة انها "غير مجازة"، حيث ترى وزارة الموارد المائية انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات، وعدم وصول الكميات المطلوبة من المياه لمدن وسط وجنوب البلاد بسبب تغذيتها لأحواض الأسماك.
وقال الدليمي في تصريح صحافي، إن "قطاع تربية الاسماك يمثل محور اقتصادي في اغلب المحافظات وهو يوفر جزء كبير من احتياجات الاسواق العراقية، فضلا عن توفيره فرص العمل لآلاف الشباب".
وأضاف أن "ردم البحيرات خفض انتاج العراق من الاسماك بنسبة تفوق الـ80%، اذ ان هذه العملية كانت نتائجها سلبية وادت الى زيادة الأسعار"، مشددا على ضرورة "اعادة تقييم الموضوع واعطاء فرصة لاصحاب البحيرات في استحصال الموافقات قبل ردمها".
وأشار إلى أن "ردم مئات البحيرات تعني اضافة طوابير كبيرة الى نفق البطالة"، داعيا الى ضرورة "اعتماد خارطة طريق تتفاعل مع ملف البحيرات بشكل موضوعي بما يؤدي الى حماية ارزاق الاهالي وتطبيق القوانين المعتمدة وابقاء عجلة الانتاج دون توقف".
واختفت عربات بيع الأسماك في منطقة الشوّاكة وسط بغداد، مع اقتصار البيع والشواء على المحال الدائمة للسمّاكين في السوق الأشهر لبيع السمك في بغداد مع ارتفاع درجات الحرارة وشح السمك الواصل إلى الأسواق في بغداد.
وقد يصل سعر السمك في العراق إلى 15 ألف دينار للكيلوغرام الواحد في حال استمر تراجع العرض نتيجة انخفاض الإنتاج من مليون طن إلى 150 ألف طن، بسبب شحة المياه وردم الأحواض السمكية ونفوق أعداد منها بسبب السموم وغيرها، فضلاً عن زيادة الإقبال عليها بعد ارتفاع أسعار اللحوم وعدم تفضيل السمك المستورد (المجمد أو الطازج) على المنتج المحلي، بحسب مختصين.
وتتراوح أسعار الأسماك حالياً ما بين 11 و12 ألف دينار للكيلوغرام الواحد، بعد أن كان سعر الكليو الواحد 4 آلاف، بسبب ردم الأحواض ما أدى إلى قلة العرض، حيث أغلقت وزارة الموارد المائية العراقية آلاف المبازل ما تسبب بنفوق آلاف الأطنان من الأسماك حتى تراجع الإنتاج إلى 150 ألف طن بعد أن كان يصل إلى مليون طن، بحسب رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك، إياد الطالبي.
يشار إلى أن مديريات وزارة الموارد المائية في بغداد والمحافظات، وبإسناد من القوات الأمنية، بدأت في شهر حزيران 2023 بحملة واسعة لإزالة بحيرات الأسماك المتجاوزة بهدف تقليل كمية المياه المهدورة، خاصة وأن عدد هذه البحيرات بالمئات.
وكانت وزارة الموارد المائية، أكدت سابقا، أن السنوات الثلاث الجافة التي مرت على العراق دفعت وزارة الموارد المائية للذهاب والاستعانة بالخزين الإستراتيجي، ما أدى إلى انخفاضه من 60 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى أقل من 8 مليارات متر مكعب تقريباً.
الجدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد العديد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
كما غيرت إيران مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع نحو سبعة مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ ثمانية مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في ثلاثة مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى كافة، ما ادى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
وتعد المحافظات الجنوبية، الأكثر تضررا من هذه البحيرات لكونها تقع في نهايات الأنهر، ما أثر سلبا على الحصص المائية للمحافظات، والتي هي في الأساس قليلة.
وكان مربو الأسماك بناحية السيبة جنوبي البصرة، سجلوا خلال العامين الماضيين نفوق كميات كبيرة من الأسماك في أكثر من 25 بحيرة بسبب ارتفاع اللسان الملحي، فيما كشف متخصصون في حينها أن قراءة نسبة الملوحة بالأنهر المغذية للأحواض تجاوزت (18 ألف T.D.S)، وهي نسبة مميتة ومن المستحيل أن تتم الزراعة فيها، بحسب كلامهم.
أقرأ ايضاً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا
- ارتفاع أسعار الدولار في العراق