ما تزال الثقة المغيبة والمخاوف من إلتفاف كردستان على قرارات المحكمة الإتحادية وتحديدا بمسألة الرواتب تهيمن على العلاقة بين بغداد وأربيل.
فبعد الإطاحة بـ 400 الف اسم مكرر كانوا يستلمون رواتب مزدوجة في الإقليم، عادت الشكوك مجددا مع إطلاق وزارة المالية، اليوم الخميس، تمويلات رواتب إقليم كردستان لشهر آذار، حيث حذرت الوزارة من عدم دقة البيانات المرسلة من قبل الإقليم.
وبرز مصطلح الموظفين الوهميين أو الفضائيين في مؤسسات الدولة منذ سنوات، وهم الأشخاص الذين يقدمون كامل رواتبهم أو نصفها إلى مسؤوليهم مقابل تغيّبهم عن العمل لفترات طويلة، أو أسماء وهمية يقبض المسؤولون رواتبها، أو متوفون ولم يتم استخراج شهادات وفاة لهم وما زال مسؤولون أو أفراد من أسرهم يتقاضون الرواتب بدلاً منهم.
وذكرت وزارة المالية في بيان تلقته وكالة نون الخبرية، أنه "استناداً إلى توجيهات رئيس مجلس الوزراء وموافقة وزيرة المالية طيف سامي، وبناءً على ما جاء في كتاب المحكمة الاتحادية، أطلقت دائرة المحاسبة في وزارة المالية، تمويلات الرواتب لموظفي إقليم كردستان المدنيين ومستحقات المعاقين في مديريات شبكة الحماية الاجتماعية والرعاية والتنمية الاجتماعية ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين ومستحقات شؤون الشهداء والمؤنفلين والعقود ومستحقات دوائر الإقليم، وذلك ضمن التخصيصات المالية لشهر آذار لسنة 2024".
وأشار البيان، الى أن "الوزارة أبلغت المحكمة الاتحادية وديوان الرقابة المالية الاتحادي بإطلاق تمويلات رواتب المستفيدين في الإقليم لشهر آذار، وذلك لكون آلية إنجاز توطين رواتبهم تتطلب فترة زمنية إضافية".
وجددت الوزارة وفقاً للبيان، "التأكيد على أن تتحمل حكومة إقليم كردستان المسؤولية القانونية عن صحة ودقة المعلومات والبيانات المقدمة أمام الجهات والهيئات الرقابية والقانونية".
وكانت مصادر مطلعة، كشفت في 26 آذار الماضي، ان قرار المحكمة الاتحادية بتوطين رواتب موظفي الاقليم، اطاح بـ400 الف اسم مكرر كانوا يستلمون رواتب مزدوجة.
ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائياً في تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة "التقشف"، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
وفي 17 آذار الماضي أكد النائب السابق في اللجنة المالية النيابية أحمد الحاج رشيد، في تصريح صحافي، أن "الحكومة الاتحادية لم ترسل المبالغ المالية الكاملة لرواتب الموظفين في كردستان، لأن وزارة المالية في حكومة الإقليم لم ترسل قوائم وبيانات البيشمركة والأجهزة الأمنية وجهاز مكافحة الإرهاب وزانياري والأجهزة الاستخبارية، وذلك بسبب الآلاف من الفضائيين الموجودين في هذه القوائم، كون أحزاب السلطة لديها الآلاف من الأسماء الوهمية في الأجهزة العسكرية والأمنية، وبالتالي حكومة الإقليم امتنعت عن إرسال القوائم، خشية كشف أمرها".
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، في 21 شباط الماضي، قرارا يلزم كلا من رئيس مجلس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، بتوطين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام لدى المصارف الاتحادية خارج الإقليم.
وقررت المحكمة أيضا الإلزام بتقديم الموازنة الشهرية لموظفي الإقليم لدى وزارة المالية الاتحادية، مع إلزام مجلس وزراء الإقليم بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية.
وتعد مشكلة تأخر صرف رواتب موظفي إقليم كردستان من بين الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، إلى جانب المشاكل الأخرى المتعلقة بصادرات نفط الإقليم وإيرادات الجمارك والضرائب التي لم تتحصل على شيء منها الحكومة الاتحادية.
يشار إلى أن وزارة المالية الاتحادية اتخذت جملة من الإجراءات لتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا المتعلق برواتب موظفي الإقليم والمتقاعدين المدنيين والعسكريين و الشهداء والمؤنفلين والعقود ومستفيدي شبكة الحماية الاجتماعية، حيث قامت بإيداع مبلغ تمويل رواتب المعاقين في مديريات شبكة الحماية الاجتماعية ورعاية والتنمية الاجتماعية، والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، وشؤون الشهداء والمؤنفلين والعقود، في إقليم كردستان لشهر شباط الماضي، فيما رهنت صرف رواتب شهر آذار الماضي بالتوطين.
وكانت حكومة إقليم كردستان قد انتهجت في العام 2016 سياسة "التقشف والادخار الإجباري" للموظفين باستثناء القوات الأمنية، وبدأ الادخار بنسبة من 15 بالمئة من رواتب الموظفين، مع استقطاع نسبة 50 بالمئة من الراتب التقاعدي للدرجات الخاصة في عموم محافظات الإقليم، إلا أن الأمر في محافظة السليمانية والإدارات التابعة لها كان مختلفا بعد نشوب خلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والأحزاب الكردية الأخرى حيث أن صرف رواتب الموظفين بات يتأخر لعدة أشهر وصلت في بعض السنوات إلى عدم صرف الراتب لمدة سنة أو أكثر.
أقرأ ايضاً
- حتى نهاية الشهر.. الإمارات تعلن إلغاء الرحلات إلى بغداد
- الإعمار : قرب إحالة 3 مدن سكنية في بغداد
- احباط محاولة تهريب 13 كغم من الذهب بمطار بغداد