- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ربّما نشهدُ إعلاناتٍ عن فتحِ التقديمِ إلى جامعاتٍ خاصّةٍ بالبنات !
بقلم: عادل الموسوي
ما حدث كان طبيعيّاً جداً، وبديهيّاً، ليس جديداً، ولا مستغرباً، كل ما في الأمر؛ أنّه قد خرج من خانة السر إلى فضاء؛ الفضيحة والتشهير والتداول، فنُشِرَ الغسيلُ على مساحة واسعة عبرت -للأسف- الحدود إلى بلدان أخرى؛ تناولت خبرنا بالتحليل والتأويل، وكأنّها بمنأى عن مثله!!
ولعل في إنكشاف المستور حكمة؛ لزلزلة القليل من وجدان المجتمع على إختلاف المشارب والمآرب؛ من الساخر من القيّم والأخلاق والحشمة، المتعالي على الحجاب والحياء والعفّة، الى المنطوي والمنزوي، الخائف من تهمة التخلّف والتديّن والتعّقد.. غير الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، المستأثر بالدعة، وما بين ذلك كثير من متبنيات وآراء وأفكار وأحكام، تختلف بأختلاف الأهواء كما أختلاف حالات الطقس في هذه الأيام.
وربّما في تلك الحكمة؛ ثأراً لحسرات الواعظين، وما بُحَّ من إصوات الحكماء الناصحين إشفاقاً على الأمّة الضائعة..
ربّما ينساق الكثير بعدوى إنجرارات مجتمعيّة متسلسلة؛ كالأب يخضع إلى "ملَحّة" الزوجة، والأم إلى "ونين" البنت، وهي الى "غمّات" الصديقات..
وربّما إنساق الأخ الغيور "أخو خيته" أو طُويَ تحت سلطة الأب الواقع تحت سلطة "نگ" الزوجة!! و"زرف المخ" بعبارات: الـ"خطيّة، ولا تكسر خاطر البنيّة، وقابل هيّ وحّد عن البنات، ولعد أو چا؛ مو هاي العالم شلون موديّة بناتها للكليّات،.. وختامها الي عنده تربية محَّد يندگ بيه".
الحديث واضح؛ فهو عن الدراسة الجامعيّة، وما حدث مؤخراً من إبتذال، وما تلاه من مبالغة في إشاعة الفاحشة.
ما المقصود إذن؟!
هل نحن أمام قائلٍ بمنع البنات عن التعليم؟!!
بحسابات الربح والخسارة، والمفاضلة بين التعليم والمستقبل والشهادة، وبين الشرف والتلوث..، ماذا يجب على الحر الشريف أن يختار؟؟!
لكن، ربّما يكون في الأمر مغالطة مجحفة بحصر الخيارات، فلربّما كان هناك خيار آخر! أهون وأيسر، لكنّه قد لا يروق!!
سأتعداه بسرعة معتذراً من المجتمع "المتحضر" جداً، مُطَمْئِناً بعدم التبني -خوفاً- مكتفياً بالإشارة؛ إنّه خيار: "الفصل بين الجنسين في التعليم".
قبل التفكير المضاد بالسبّ والشتم والتسفيه والإساءة.. ولأنّ هذا الخيار قد لا يُرضي البعض، والعجيب إنّه قد لا يُرضي الكثيرات!!
ننتقل إلى خيار آخر؛ سهل مستصعب، قد يكون سهلاً فعلاً، إلاّ أنّه يحتاج إلى عزمة من عزمات الملوك!!
إنّه خيار؛ تأسيس جامعات للبنات، دون تأثير على الجامعات المختلطة، أو مسّ بقداسة الحريّات، فيترك الخيار للبنات والأباء والأمهات..
الناشطة المدنية شروق العبايچي، ترى أنّ "هذه التوجهات تعمل على تكريس تقاليد عفا عليها الزمن حتى في المجتمعات المحافظة والتقليديّة الشرقيّة، ومن الواضح أنّ المجتمع العراقي لا يتقبل هذه التوجهات".
إنّ الجزم والتعميم بإنّ الشعب العراقي لا يقبل بمثل هذه التوجهات، يحتاج إلى إستبيان وإستقراء تام، لا أن تطلق الأحكام هكذا جُزافاً، كما أنّ العفّة والحشمة والحجاب وعدم إتباع خطوات الشيطان هي أحكام شرعيّة وآداب وأخلاق وقيم، من المفترض أنْ لا تندرس أو تبلى لعدم إنسجامها مع أهواء ومزاجات متطرفة تجاوزت حدود التحرر.
إنّ هذا الخيار ليس بدعاً، ولا مستقىً من دول متهمة بالتشدد كإيران أو السعودية!! أو مقتبس من كلمات المشايخ وخطباء المنبر!!
بل من دول قد يعتبرها المجتمع "المتحضر"؛ قدوة وأسوة ومدعاة للتقليد..
مثلاً:
- جاء في تقرير نشرته الجمعيّة الوطنيّة من أجل التعليم المنفصل عام ٢٠١١ أنّ الولايات المتحدة شهدت زيادة حادّة في عدد مدارس فصل الجنسين في السنوات الثماني الأخيرة إلى ثمانية أضعاف، وأنّ الصفوف المخصصة للإناث والذكور توجد في جميع الولايات الأمريكيّة، ويعطي القانون الوالدين حق الإختيار بين تعليم أبناءهم في الصفوف المختلطة أو المنفصلة.
- يفتخر التربويون بأمريكا بأنّ هنالك الكثير من قادة البلاد قد درسوا بمدارس غير مختلطة مثل: الرئيس بوش، والسكرتيرة رايس، ونائب الرئيس السابق آل غور، وعضو مجلس الشيوخ جون كيري، ورئيسة حزب الأقلية نانسي بولوسي.
- الرئيس الأميركي جورج بوش من المشجعين للمؤسسات التعليمية على العودة إلى مبدأ عدم الإختلاط بين الجنسين في المدارس، وذلك في إطار برنامج لإصلاح نظام التربية في الولايات المتحدة.
- وزير التعليم البريطاني السابق "كينيث بيكر" أعلن أنّ بلاده بصدد إعادة النَّظر في التَّعليم المختلط بعد أن أثْبت فشله.
- مطالبة أعضاء لجنة التَّعليم بالبرلمان الألْماني بضرورة الأخْذ بنظام التَّعليم المنفصل.
- نظمت "الرابطة الأوربيّة للتعليم أحادي الجنس EASSE" -وهي تجمع بين أفراد ومؤسسات تعليميّة من أكثر من ١٦ دولة أوروبيّة- في ٢٠٠٩/٤/٢٤ في روما مؤتمراً علميّاً حضره كبار علماء النفس والبيداغوجية (العلم المعني بأصول التدريس وأساليبه..) والتربية، وقُدّمت فيه دراسة أجريّت في أكثر من ٧٠ دولة، حيث يوجد هناك ٢١٠ الف مدرسة غير مختلطة، يتلقى فيها أكثر من ٤٠ مليون طالب وطالبة تعليماُ منفصلاً.
للمزيد:
- مراجعة كتاب "الغرب يتراجع عن التَّعليم المختلط"، لمؤلّفه البريطاني "بفرلي شو" ترجمة د. وجيه حمد عبدالرحمن.
- دراسة عن كتاب "مصائد المدارس المختلطة" لعالم الإجتماع الفرنسي ميشال فيز؛ الباحث بالمركز القومى للدراسات الإجتماعية بفرنسا، نشرتها صحيفة "لاكسبريس" الفرنسية.
نماذج من كليات للبنات في دول غير إسلامية:
- المملكة المتحدة: كلية موراي إدواردز - جامعة كامبريدج.
- الولايات المتحدة: كلية بارنارد - جامعة كولومبيا.
- اليابان: جامعة طوكيو للإناث.
- الصين: كليّة جينلينج - جامعة نانجينغ
من الطبيعي أن تكون جامعات كثيرة خاصة للبنات في جميع الدول العربية والإسلامية، ومنها كليّات في مصر ولبنان.
العراق:
جامعة بغداد للبنات:
- كلية العلوم؛ وتضم الأقسام: علوم الحاسوب، علوم الحياة، الكيمياء، الفيزياء، الرياضيات.
- كليّة التربية؛ وتضم الأقسام: اللغة العربية، اللغة الإنگليزيّة، اللغة الكردية، الجغرافية، التاريخ، العلوم التربوية والنفسية، علوم القرآن والتربية الإسلاميّة.
- كليّة التربيّة الرياضيّة: وتضم الفروع: العلوم النظريّة الألعاب الفرديّة، الألعاب الفرقيّة.
جامعة الزهراء للبنات: هي جامعة أهليّة عراقيّة خاصة بالبنات في محافظة كربلاء المقدسة، تأسست عام ٢٠١٩ تابعة للعتبة الحسينية المقدسة.
- كليّة الصيدلة:
- كليّة التقنيّات الطبيّة والصحيّة؛ وتضم أقسام: التخدير، العلاج الطبيعي، الأشعّة والسونار.
- كليّة التربية:وتضم أقسام: اللغة العربية، اللغة الإنگليزيّة، الرياضيات.
- كليّة هندسة الحاسوب؛ وتضم قسمي: الأمن السيبراني، الذكاء الإصطناعي.
جامعة الزهراء للبنات تجربة رائدة جديرة بالإستنساخ والتوسع والتطوير وخاصة في العاصمة بغداد.
المجتمع بحاجة ماسة إلى أختصاصات المرأة في مجالات ضرورية قد تصل إلى حد الوجوب الكفائي؛ كالطب والتمريض، ومنها الراجحة؛ كالتعليم والمحاماة، ومنها المناسبة للمرأة؛ كالمحاسبة والإدارة..
ستحيي هذه الجامعات أملاً جديداً لمن تحطمت آمالهن على أعتاب الدراسة الثانوية وربّما المتوسطة، وحُرِمنَ من إكمال مشوارهن الدراسي، بسبب المخاوف ونوبات القلق التي إنتابتهن أو إنتابت ذويهن، لما يصل من أنباء سيئة ومخيفة عن الدراسة والتعليم المختلط، بالإضافة إلى إنّ مثل هذه الجامعات ستكون ملاذاً آمناً -نوعا ما- للطالبات اللاتي يعتبرن أو يعتبر ذويهن أنّ التعليم المختلط بيئة غير آمنة.. فبإمكانهن حينذاك الإنتقال إلى البيئة الجديدة.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!