بقلم: إنتصار الماهود
ويسألونك عن العباس
قل هو أمان يلوذ به الخائفين
ولد العباس بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة الكلابية أم البنين عليهم أفضل الصلاة والسلام، في الرابع من شعبان عام 26 ه، عاش في كنف والده علي عليه السلام حتى عمر الرابعة عشر، وفي كنف أخيه الإمامين المعصومين الحسن والحسين عليهما السلام، حتى عمر الرابعة والثلاثين وهو عمر إستشهاده في واقعة الطف الخالدة.
ومعنى إسم عباس في اللغة، هو أسد الغابة الذي تفر منه الأسود، ومن ألقابه: ( قمر بني هاشم، ساقي عطاشى كربلاء، حامل لواء الحسين ع، حامل الراية، أبو القربة، العبد الصالح، باب الحوائج، سبع الگنطرة، كافل الحوراء زينب).
إشتهر العباس عليه السلام بجماله فكان كالقمر المنير ليلة تمامه ولذا لقب بقمر العشيرة، وكان شجاعا صمصاما، مدافعا عن الدين والشريعة وآل بيت النبوة.
شارك مع الإمام علي عليه السلام في 3 معارك وهي، (صفين، حرب الجمل، معركة النهروان)، وسمي سبع الگنطرة، نسبة لوجود قنطرة قرب أحد أبواب مدينة النهروان الاربعة، والتي خاض علي عليه السلام المعركة، أولا هو وابناؤه، ( الحسن، الحسين، محمد بن الحنفية، العباس)، وكان العباس ع أصغرهم عمرا وسلمه أباه الباب الجنوبي للنهروان، كلما خرج أحد من المارقين الخارجين لقتاله، أجهز عليهم، حتى وقع عليهم ما وقع من سيفه، وهو يصيح "أمن مثلي تفرون وأنا الموت الأحمر، أنا إبن علي".
ولذلك أطلق عليه لقب سبع الگنطرة، فبطولته بتلك المعركة خلدت ليومنا هذا، والسبب لوجود ريشتين على عمامته، فهي ترمز الى الرقم القياسي للفارس، الذي يقتل أكبر عدد من أعداءه بالمعارك.
تخيل أن ابا الفضل لوحده قتل 180 جنديا، من معسكر يزيد الملعون، لوحده وهو عطش ومحاصر من 7 أفواج؟!.
لقد تجسدت علاقة أبا الفضل العباس بأخيه الحسين عليهالسلام، فكانت مثالا لمعاني الأخوة السامية والطاعة للخالق ولآل البيت عليهم السلام، وهل هنالك تجسيد أعظم وأنبل للعلاقة الأخوية، من أن تفدي أخاك بنفسك؟!، كما فعل العباس مع الحسين، في سبيل الدين والعقيدة والذود عن حرم رسول الله ص ضد طغيان الأمويين.
وكانت علاقته بأخته الحوراء زينب عليها السلام، علاقة وثيقة وعميقة، فهي كانت أما ثانية له تربى في أحضانها وتغذى من علمها ومعرفتها، وإختاره الامام علي عليه السلام ليكفلها، حيث وضع يد زينب بيد العباس عليه السلام وقال له:( بني هذه وديعة مني إليك).
فقال العباس عليه السلام، وقد تحادرت دموعه على خديه: (يا أبتاه لأنعمنك عينا وأبذل جهدي في حفظها ورعايتها)، وهنالك روايتين مشهورتين، لسبب إختيار العباس عليه السلام كفيلا للحوراء عليها السلام، الأولى تكمن في عدم كون الحسين عليه السلام كفيلا لها بإعتباره الإمام على الخلق، والرواية الثانية هو التعلق الكبير لمولاتي زينب بالعباس منذ أن كان طفلا.
أما عن علاقتي أنا بالعباس، فهي علاقة غريبة جدا عبرت حدود التقليد، علاقة إطمئنان وأمان، كفالة وحاجة، ابنة وأب، منذ صغرنا ونحن نتغذى بحب آل البيت، كما يتغذي الصغير من أمه ليكبر، وأنا كذلك كنت أكبر بحبه وتقربي لله به، كنت دوما أتوجه اليه بدعائي ورجائي، لعظيم منزلته ومكانته عند الله تعالى، فقد كنت أرى أمي وحبوبتي، يندبنه بكل شدة وكل معضلة، كنت أسمع هذه الأسماء كثيرا في صغري داخل منزلنا، "دخيلك يا علي، عمت عيني عليك يا ابا عبدالله يا عطشان، دخيلك يالعباس يبو راس الحار كون تنطيني مرادي"، وغيرها من تراتيل الجنوبيات، فمناجاتهن لأهل البيت تختلف، ومنزلتهن عندهم تختلف، فكان ما تعلمته منهن، هو الحبل المتين والسر العظيم الذي ربطني بالسماء، وجعلني أحذو حذو أمي وحبوبتي، حين يستعصي عليّ طلب أو حاجة، أو أرى أحد أحبتي يمر بضيق، لا شعوريا أجد نفسي أندب العباس لأنني أعرف وأعلم اليقين، "إنه شارته بالإيد إبن البدوية ما يقصر ومراده عاجل" وكنت أنذر مثلهن أرغفة الخبز مع الخضروات ونسميه "خبز العباس المستعجل" والذي كن يخبزنه دون خميرة ويوزعنه للجيران، وأنا أقول: "شوباشك يخو زينب ما قصرت مرادك بالأيد"، فللعباس كرامات رايتها ومن يطرق بابه لن يرد خائبا، أناديه في السر وفي العلن، أخاطبه كما لو أخاطب الوتين في القلب، يا كافل الحوراء إكفلني، فأنا لا أب ولا أم ولا أخ في هذه الحياة، ولا شيء لي سوى حبكم أنتم الوسيلة لله، وأنتم لله أقرب مني، "يبو فاضل مثل ما كفلتها أكفلني ومثل ما حميت زينب إحميني" أصبحت تلك الترنيمات وذلك الدعاء الذي يلهج به لساني هو تعويذتي وحصني وحمايتي من طوارق الأحداث..
أنا لا أتخيل نفسي ألا ألهج بإسم العباس وأندبه.
أنا لا اتخيل كربلاء دون العباس ولا أعرف أخا أفضل للحسين من العباس ولم أجد كفيلا أجود لزينب من العباس..
متباركين بميلاد العباس عليه السلام يا موالين.
أقرأ ايضاً
- حقائقُ النفط العراقيّة السبعِ الراسخة
- إنموذجية ثقافة جيل الستينيات والسبعينيات للقرن الماضي
- حضرنا سبع حجارات وليس صواريخ على السفارة الامريكية