بقلم:عباس الصباغ
رغم ان اتفاقية الاطار الاستراتيجي(SOFA) التي ابرمت بين حكومتي جمهورية العراق والولايات المتحدة الامريكية عام 2008 نصت على "وجوب" الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الامريكي: (تنسحب جميع قوات الولايات المتحدة المقاتلة من المدن والقرى العراقية في موعد لا يتعدى تاريخ تولي قوات الأمن العراقية كامل المسؤولية عن الأمن في أي محافظة عراقية على أن يكتمل انسحاب قوات الولايات المتحدة من الأماكن المذكورة أعلاه في موعد لا يتعدى 30 يونيو/حزيران عام 2009 م) ، الاّ ان اصحاب القرار في البيت الابيض مازالوا مصرّين على الابقاء الجزئي لقوات بلادهم ولأسباب لوجستية مثل "المشورة" و"التدريب" ، فقد اكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها لا تخطط حالياً لسحب قواتها البالغ عددها نحو 2500 جندي من العراق ، وهم يعلمون علم اليقين انها تبقى قوات احتلال وإن قدّمت خدمات لاتنسى للشعب العراقي وللمنطقة في المساهمة في تخليص العراق (والمنطقة) من نير ديكتاتورية توتاليتارية شمولية عاثت فسادا وخرابا ، وان بقاء تلك القوات بشكل مستمر في العراق ولأسباب واهية امر يستدعي المعالجة الفورية له بعد ان نظّمت الاتفاقية طبيعة العلاقة بين الطرفين على أسس جديدة وأطّرت سبل التعاون بينهما وبموجب الاتفاقية انتهت مرحلة الاحتلال المباشر فسحبت الولايات المتحدة على أثرها قواتها العسكرية من العراق وأسست مكانها علاقة تعاون وشراكة استراتيجية في المجالات كافة وأسست تحالفا ثنائيا للدفاع المشترك ضد التهديدات السياسية والأمنية في مقدمتها الإرهاب، وأوجدت الاتفاقية مركزاً قانونياً جديداً لوجود القوات الأميركية على أرض العراق يقوم على أساس التعاون المشترك المبني على أساس "الاحترام" الكامل لسيادة كل منهما وفق أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ورغبة منهما في التوصل إلى تفاهم مشترك يعزّز التعاون بينهما دون تجاوز سيادة العراق على أرضه ومياهه وأجوائه وقد اتفقتا على ما يلي: (تنفذ جميع تلك العمليات مع وجوب الاحترام الكامل للدستور العراقي والقوانين العراقية، ويكون تنفيذ هذه العمليات دون تجاوز لسيادة العراق ومصالحه الوطنية حسبما تحددها الحكومة العراقية إنّ من واجب قوات الولايات المتحدة احترام قوانين العراق وأعرافه وتقاليده والقانون الدولي النافذ) بحسب ديباجة الاتفاقية. ولكن ! العراق لايحتاج الى وجود تلك القوات كونه لم يعد تحت وصاية البند السابع او يشكّل تهديدا لأي طرف وبطلان تهمة اسلحة الدمار الشامل المزعومة للعراق ، فوجود هذه القوات تحت اي مسمى يخالف روح وجوهر اتفاقية الاطار التي ابرمت في وقت كان العراق يعيش في ظروف حرجة من جميع النواحي خاصة الامنية منها وهو ما مهّد للاحتلال الداعشي لثلث مساحة العراق. وبعد ان استعادت القوات الامنية العراقية عافيتها وبعد ان اخذت فصائل الحشد الشعبي زمام المبادرة والذي شكّل رأس الحربة في مقارعة الارهاب ، وتم تحقيق النصر لم يعد هنالك مبرر لوجود قوات الاحتلال على اراضيه وبناءً على تلك النتائج قد صوّتَ مجلس النواب العراقي وبتاريخ 5 /1/ 2020 على قرار يُلزم الحكومة بإخراج القوات الاجنبية من العراق والذي جاء على اثر ارتكاب القوات الأمريكية جريمة اغتيال قادة النصر في شارع مطار بغداد والتي كانت اكبر انتهاك للسيادة العراقية . مؤخرا أعلن السوداني عن تشكيل لجنة ثنائية لجدولة انسحاب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من الأراضي العراقية مبرزا أنه: (ليس من حق أي جهة التجاوز على سيادة العراق) ومؤكدا أن (وجود قوات التحالف مزعزعٌ للاستقرار في ظل التداعيات الإقليمية لحرب غزة) وان خروج القوات الامريكية يجب أن يتم عبر التفاوض (فالعراق يستطيع الدفاع عن نفسه ضد الإرهاب وينبغي أن يمارس السيادة الكاملة على أرضه وسمائه وبالتالي تجنّب إعطاء أي شخص ذريعة لجر البلد إلى صراع إقليمي) وان (إنهاء وجود التحالف الدولي سيمنع المزيد من التوترات وتشابك القضايا الأمنية الداخلية والإقليمية) ، لان استمرار وجود تلك القوات مع استمرار امريكا والغرب بالدعم المطلق لإسرائيل خاصة بعد قيام حرب غزة سيبقى العراق ومحور المقاومة في حالة حرب . وفي كل الاحوال يندرج الوجود الامريكي تحت يافطة قوات احتلال غير مرحّب بها وكما اوضح السوداني وفي الحفل التأبيني لقادة النصر:( نؤكد موقفنا الثابتَ والمبدئيَّ في إنهاءِ وجودِ التحالف الدولي وعلى راسها امريكا) .